تتواصل الأدلة التي تؤكد تورط جبهة البوليساريو الانفصالية في التعاون مع التنظيمات الإرهابية في منطقة الصحراء والساحل، في الظهور تباعاً، فبعد أيامٍ قليلة من إثارة الموضوع من قبل الناشط الحقوقي بمخيمات تندوف، الفاضل ابريكة، داخل مجلس حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، أكد المكتب المركزي للأبحاث القضائية، وجود ما لا يقل عن 100 انفصالي، ينتمي للجماعات المتطرفة.
وكشف مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، حبوب الشرقاوي، في حوار خصّ به مجلة “جون أفريك”، أن ما يزيد عن 10 انفصالي ينتمون لجبهة البوليساريو الانفصالية، ينشطون في صفوف تنظيم القاعدة في بلاد الغرب الإسلامي، مضيفاً أن هذا المعطى الثابت يحيل على انخراط عناصر البوليساريو في المجموعات الإرهابية المصغرة، وبتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية.
وفي هذا السياق، قال رشيد المرزكيوي، أستاذ القانون العام بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، في تصريح لجريدة “بناصا”، إن “وجود عناصر إرهابية ضمن مقاتلي البوليساريو ليس بالخبر الجديد”، مشيراً إلى أن موضوع تعاون البوليساريو مع الحركات الإرهابية في المنطقة، سبق وأثير منذ أواخر تسعينات القرن الماضي”.
وأرجع المرزكيوي، هذا الأمر لعدة عوامل، أولها أن نشاط البوليساريو، “يتعدى كثيرا منطقة تندوف وجنوب الجزائر ليمتد إلى المناطق الشاسعة ما وراء الحدود الجزائرية مع مالي والحدود الشرقية لموريتانيا، وتصل حتى إلى حدود النيجر”، مردفاً أن هذه المنطقة “تضم مئات الآلاف من الكيلومترات المربعة، التي تعاني من فوضى عارمة وخصاص أمني فظيع بسبب عجز دول المنطقة عن تأمين حدودها الدولية”.
وأوضح الأستاذ بأن “دول هذه المنطقة، خاصة مالي وموريتانيا والنيجر، هي أصلا دول فقيرة من الناحية الاقتصادية وضعيفة من الناحية العسكرية، وهي بذلك عاجزة تماماً عن فرض سلطتها على كل ترابها الوطني المترامي الأطراف، وهذا ما جعل المجتمع الدولي يصنف هذه المنطقة من أفضل المناطق التي تفضلها الجماعات الإرهابية المختلفة وتنشط فيها بشكل حر”.
وتابع: “خاصة إذا علمنا أن المنطقة تعاني من نزاعات سياسية وصراعات مسلحة داخلية تزيد من تأزيم الوضع، كالنزاع الذي تعرفه مالي والعديد من دول غرب إفريقيا كسيراليون وليبيريا والكوت ديفوار”، مستدركاً: “حتى الجزائر التي تعتبر نفسها من أقوى الدول الإفريقية وجدت نفسها عاجزة تماما عن تأمين حدودها الجنوبية مع مالي التي تبلغ حولي 1400 كلمتر، وحدودها مع النيجر التي تبلغ حوالي ألف كيلومتر”.
واسترسل المرزكيزي: “تنتشر في منطقة الساحل والصحراء العديد من القبائل والجماعات الإثنين المستقلة التي تتنقل بكل حرية في المنطقة بحثاً عن موارد العيش، ونظراً لأن سكان هذه المنطقة يعانون من التهميش والفقر والضياع والتشرد، فهم يسعون إلى تأمين موارد عيشهم بكل السبل بما في ذلك الانخراط في صفوف البوليساريو، أو الانضمام إلى الجماعات الإرهابية”.
ومضى يقول إن هذه الجماعات توفر لهؤلاء السكان، “الحماية والموارد الكافية للبقاء على قيد الحياة، ومقابل ذلك يتم الزج بأفراد هذه القبائل والجماعات إما في نزاعات إقليمية كنزاع الصحراء، ونزاع مالي، أو استعمالهم في عمليات وهجمات إرهابية”، مردفاً بأن المنطقة تعرف أيضا، “انتشار الجريمة المنظمة من تهريب المخدرات إلى الاتجار بالبشر والاتجار بالسلاح، خاصة بعد انهيار نظام القذافي وما نتج عنه من فوضى السلاح في المنطقة”.
وواصل المرزكيوي عدّ العوامل التي جعلت البوليساريو تتعاون مع الإرهابيين، بأنه “من المعروف أن منطقة الساحل والصحراء التي تنشط فيها البوليساريو تعتبر ممرا تاريخيا للمهاجرين السريين القادمين من غرب إفريقيا، ومن الدول الموجودة جنوب الصحراء الكبرى كنيجيريا والكامرون والغابون”، مضيفاً: “حينما يمر هؤلاء المهاجرون في المنطقة تعترض طريقهم الجماعات الإرهابية ومقاتلي البوليساريو، ويجبرونهم على الإنخراط في صفوفهم مقابل الحماية والاستقرار وضمان لقمة العيش. وبذلك يصبح المهاجرون مقاتلين من أجل قضايا لا يمتون لها بصلة”.
وزاد أنه من المعروف أيضا، أن “منطقة الساحل والصحراء تعج بآلاف من المقاتلين الفارين من النزاعات المسلحة في بلدانهم الأصلية بعد توقف النزاع، وهؤلاء يوجد منهم مجرمو حرب مطلوبين من العدالة الدولية”، متابعاً: “هؤلاء المقاتلون يتمتعون بمهارات خاصة في القتال وفي إدارة العمليات العسكرية وتوجيه العمليات العدائية”.
وكشف الأستاذ الجامعيّ، أن هذا النوع، يسهل استقطابهم من قبل البوليساريو، أو إقناعهم بالانخراط في الجماعات الإرهابية، بل وأكثر من ذلك، يضيف المرزكيوي، “فهؤلاء المقاتلين الفارين من حروب بلدانهم يبحثون أصلا عن من يأويهم ويحميهم ليمارسوا العمل الذي يتقنونه وهو القتل والتخريب”.
ونبه المتحدث نفسه، إلى أن البوليساريو، تشترك أيضاً، “مع الجماعات الإرهابية في نفس الأطماع والطموحات بتكوين دول مستقلة”، فالجبهة الانفصالية، يواصل المرزكيوي: “كما هو معروف تصبو إلى خلق دولة حمهورية وهمية جنوب المغرب، تكون لعبة في يد عسكر الجزائر، بينما تهدف الجماعات الإرهابية إلى تكوين دولة إسلامية متطرفة إما في إفريقيا أو في الشرق الأوسط، أو في وسط آسيا، وبما أن الغاية واحدة، فإن التعاون هو واجب مقدّس”.
يشار إلى أن الشهور الأخيرة، عرفت تعالي العديد من الأصوات المطالبة بتصنيف جبهة البوليساريو الانفصالية ضمن التنظيمات الإرهابية، بسبب ثبوت تورطها في التعاون مع الجماعات المتطرفة التي تنشط في منطقة الصحراء والساحل، إلى جانب تحريضها العلني، على قتل معارضيها في الصحراء المغربية، ودعوتها لارتكاب أعمال عدائية وتفجيرات داخل المؤسسات التابعة للدولة في الأقاليم الجنوبية للمملكة.
تعليقات الزوار ( 0 )