في أولى التدابير الحكومية الرامية لإصلاح المنظومة التعليمية ، قامت وزارة التربية الوطنية بالإعلان عن إجراء تعديلات على شروط الترشح لاجتياز مباريات التعليم، من تسقيف لسن الترشح، وفرض انتقاء أولي، ومنع غير مباشر لأساتذة القطاع الخاص من اجتياز المباراة، وبررت موقفها برغبتها في إصلاح القطاع.
وقد لاحظ الجميع كيف أن الطريق نحو الإصلاح كما أرادته وزارة بنموسى قد ركز وبشكل كامل على العنصر البشري فقط ودون غير من باقي عناصر المنظومة التعليمية، ما دفع عددا منهم للتساؤل حول سبب التركيز على عنصر واحد والتغافل عن أعطاب أخرى مازالت تتخبط فيها المدرسة المغربية والقطاع بشكل عام حتى اليوم.
وحول هذا، لم ينف رضوان عميمي، الأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، بأن النقاش الجاري اليوم حول شروط ولوج وظيفة التدريس قد اختزل وبشكل كبير مشاكل المنظومة في العنصر البشري فقط، واعتبر أن هذا الاختزال هو مؤشر على أن الإخفاقات المسجلة في السنوات الماضية قد تم ربطها بشروط الولوج السابقة، كالرفع من سن التوظيف والاستغناء عن الانتقاء الأولي.
وتابع الأستاذ الجامعي ذاته عبر تدوينة نشرها على حسابه الشخصي، أن إصلاح المنظومة يقتضي شروطا موضوعية أخرى، بالإضافة إلى تكوين العنصر البشري وتأهيله، حيث رأى أنه يجب توفير ظروف الاشتغال المناسبة، من تحفيز مادي ووظيفي، وتكوين مستمر وعالي، وتقييم موضوعي وعادل يحفز على الإبداع ولا يعتمد الأقدمية.
وأضاف عميمي بأنه “لا يمكن الارتقاء بالمنظومة التعليمية اليوم دون إصلاح الجانب التدبيري، أي الإدارة التربوية مركزيا، جهويا، وإقليميا، وذلك على صعيد المؤسسات التعليمية، كما لا يمكن إصلاح المنظومة دون إعادة النظر في طبيعة المناهج التي يتم اعتمادها، والتفاوت الحاصل مع مؤسسات القطاع الخاص، والكفايات التي نسعى لتحقيقها في مختلف الأسلاك”.
واسترسل في التدوينة ذاتها “لا يمكن إصلاح المنظومة أيضا دون توفير البنيات التحتية العصرية، والموارد والمعدات والأدوات الرقمية الضرورية في جميع أسلاك التعليم وفي جميع أنحاء التراب الوطني، كما لا يمكن إصلاح المدرسة العمومية إلا عبر الحد من جشع لوبيات المدارس الخصوصية التي تستنزف ميزانيات الأسر، ليس لأنها متقدمة ولكن لأنها توفر الحد الأدنى من شروط التعلم التي تفتقر لها معظم مؤسسات التعليم العمومي، وليس أيضا من حيث كفاءة الأطر التربوية (وهي نفسها التي تشتغل في القطاع الخاص) ولكن لضعف باقي الشروط الموضوعية الأخرى”.
ورأى الأستاذ الجامعي نفسه أن إصلاح المنظومة يقتضي تكاملا بين جميع العناصر بشكل متواز دون انتقائية ودون الضغط على طرف دون الآخر، فلو بدأت الوزارة بإصلاحات جذرية على مستوى التدبير (المركزي واللاممركز) لكانت الخطوة التي أقدمت عليها قابلة للفهم والاستيعاب.
تعليقات الزوار ( 0 )