أبرز تقرير حديث لصحيفة “The Africa Report” أنه تم التعامل مع المصالح المغربية مؤخرا بشكل أفضل بكثير داخل أروقة الاتحاد الأفريقي، وأنّ رياح “البركة” استمرت في الهبوب بقوة سنة 2021، لاسيما في القارة، حيث أدت انتخابات الاتحاد الأفريقي الأخيرة إلى وصول مجموعة من القادة الموالين للمغرب إلى السلطة.
وأشار التقرير إلى أنّ المملكة أقفلت عام 2020 بنجاح، حيث اعترف دونالد ترامب بسيادة البلاد على الصحراء، وافتتح عدد من الدول الأفريقية، بما في ذلك بوركينا فاسو وبوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية إفريقيا الوسطى وجزر القمر، وكوت ديفوار وجيبوتي، وغينيا الاستوائية وإسواتيني والغابون وغامبيا وغينيا وغينيا بيساو وليبيريا وساو تومي وبرينسيبي وزامبيا، قنصليات في مدينتي الداخلة والعيون.
العلاقات المغربية النيجيرية
وأضافت الصحيفة، أنّ البلاد ليست ممثلة حاليًا بين المفوضين الثمانية المنتخبين من قبل المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي لا في شخص حسن أبو أيوب، مرشح المغرب لمفوض السلام والأمن، ولا محمد صديقي، الذي تم ترشيحه لمنصب الاقتصاد الريفي والزراعة بمفوضية الاتحاد الافريقي.
في المقابل، تولى فيليكس تشيسكيدي، الرئيس الحالي لجمهورية الكونغو الديمقراطية – البلد الذي تربطه علاقات ودية بالمملكة وألقى دعمه لسيادة المغرب على الصحراء – مقاليد الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي، يردف المصدر ذاته.
وفي فوز آخر للمملكة، كان الدبلوماسي الجزائري إسماعيل شرقي، الذي كان على رأس مجلس السلم والأمن وهي هيئة صنع القرار في الاتحاد الأفريقي والمسؤولة عن إدارة النزاعات وحلها على مدى السنوات الأربع الماضية، تم استبداله بـ “بانكول أديوي” النيجيري.
وبالنظر إلى دعم نيجيريا السابق لجبهة البوليساريو، فإن فوز أديوي في الانتخابات لم يكن بالضرورة أخبارا جيدة للرباط ، لكن أبوجا خففت بشكل كبير من موقفها بشأن الصحراء، كما أن الرئيس النيجيري محمد بخاري، يتبنى الآن موقفًا محايدًا من الصراع ويفضل التركيز على مشاريع التنمية الكبرى مع المغرب، مثل إنشاء خط أنابيب للغاز يربط بين البلدين.
ووصفت العديد من مصادر الاتحاد الأفريقي أديوي، وفق الصحيفة، بأنه “شخص منسجم مع القضايا السياسية وله سلطة في جميع مسائل المتعلقة بـ”السلم والأمن” بفضل خبرته السابقة في العمل كممثل دائم لنيجيريا في المنظمة.
ولفتت الصحيفة، إلى أنّ أولويات أديوي تختلف تماما عن أولويات سلفه إسماعيل الشرقي، وإذا كان مفوض لجنة السلم والأمن السابق مهووس بمسألة الصحراء الغربية، فإن تركيز أجندة أديوي يكمن في مكان آخر وهو القضاء على جماعة بوكو حرام، وتعزيز السلام في منطقة الساحل، وكبح التطرف.
وبعبارة أخرى، أو كما علق العديد من المراقبين، فإنّ الفوج الجديد من قادة الاتحاد الأفريقي سيكون، على الأقل، “أكثر حيادية” من المجموعة السابقة، والأكثر من ذلك، لا يضر أن جنوب إفريقيا لم تعد تتولى الرئاسة الدورية، حيث اتهم المغرب باستمرار البلاد بالعمل ضد مصالحها في الصحراء الغربية.
وعندما تولى رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا منصبه كرئيس للاتحاد الأفريقي في فبراير 2020، كرس جزءا كبيرا من خطابه لـ”حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير”. ولحزبه، المؤتمر الوطني الأفريقي (ANC) تاريخ في دعم جبهة البوليساريو، حيث أعرب عن أسفه لتحرك الولايات المتحدة للاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء.
ووفقا لخديجة محسن فينان، المحللة السياسية المغربية والخبيرة في القضايا المحيطة بشمال إفريقيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط ، فقد انضمت المملكة مرة أخرى إلى الاتحاد الأفريقي سنة 2017 بهدف واحد واضح وهو طرد جبهة البوليساريو من هيئات المنظمة، بيد أن هذا لم يحدث، وإذا تم في المستقبل، فسوف يستغرق الأمر أكثر من عام، حيث سيتطلب ذلك تعديل القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي.
المغرب يتبنى استراتيجية جديدة
وقالت الصحيفة، إنّ المملكة غيرت منذ ذلك الحين مسارها وشرعت في تنفيذ استراتيجية جديدة، تتضمن الضغط على الدول بشكل فردي للاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، وبالتالي تجاوز المؤسسات الأفريقية والدولية. وهو ما أكدت عليه فينان بالقول: “إن دول إفريقيا جنوب الصحراء التي فتحت قنصليات في مدينتي الداخلة والعيون لم تمر عبر الاتحاد الأفريقي للقيام بذلك”.
من جانبه قال الخبير القانوني المالي الدولي إيلو ألاي ديال، إنه “من وجهة نظر قانونية، لا يستطيع الاتحاد الأفريقي طرد الجبهة، إذ تتمتع الأمم المتحدة وحدها بسلطة حل النزاع “، وحاليًا، لا يزال حوالي 20 دولة أفريقية من أصل 54 دولة تعترف بالجمهورية الوهمية.
مشاريع التنمية تُغيِّر ميزانَ القوى
وأوضحت الصحيفة، أنه ليس من المتوقع أن تعارض أي دولة عضو في الاتحاد الأفريقي – حتى بين داعمي الجبهة – مصالحها بشدة. على العكس من ذلك، كما علق ماساتوما تراوري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة العلوم القانونية والسياسة في باماكو: “لم نعد في نفس الوضع كما كان الحال في عام 1984 عندما انسحب المغرب من الاتحاد الأفريقي.
وأضافت، أنه لا أحد يتبنى منهجًا جذريًا تصادميًا دبلوماسياً، بخلاف الجزائر، تخطط كل دولة عضو الآن لتقديم غصن زيتون للمملكة المغربية، مشيرة إلى أنه إذا كانت الدول الأعضاء حريصة على الحفاظ على العلاقات مع المغرب، فإن قوتها الاقتصادية الكبيرة ومواردها هي عوامل مساهمة، حيث ستستفيد القارة بأكملها منها.
وتعتمد المملكة المغربية أيضًا على نقاط القوة هذه من خلال اختيار إعطاء الأولوية للتنمية الاقتصادية في الاتحاد الأفريقي. وغالبًا ما يوصف ممثلو الدولة بأنهم نشيطون بشكل خاص ومشاركون في هذه الجبهة، وتحظى خبراتهم الفنية بتقدير كبير من قبل لجان المؤسسة المختلفة.
دبلوماسية القنصليات: سلاح المغرب الفعّال في ملف الصحراء
وشدّدت الصحيفة، على أنّ افتتاح القنصليات في الداخلة والعيون هو أكثر من مجرد سيادة المغرب على الصحراء، بحيث توفر الأقاليم الصحراوية فرصًا اقتصادية حقيقية نظرًا لموقعها الجغرافي كبوابة رئيسية لأفريقيا جنوب الصحراء وكنقطة دخول للغالبية العظمى من شحنات الأغذية من أوروبا.
وخلص المصدر ذاته، إلى أنه وعلى عكس الجزائر وليبيا، فإنّ الصحراء الغربية تمثل نقطة عبور أكثر استقرارًا. وقال ديال بهذا الخصوص “إنها تجتذب قدرا كبيرا من الاهتمام لأنها تقع في موقع استراتيجي بالقرب من منطقة الساحل، وهي منطقة لا تزال فرنسا وحلفاؤها تحتكرها، واستقرارها ضروري لأفريقيا وأوروبا”.
وأردف الخبير القانوني المالي الدولي إيلو ألاي ديال، أنّ السؤال الجوهري، يبقى، في نوع من التشويق، حول أي دولة ستكون التالية لفتح قنصلية لها بالأقاليم الجنوبية.
تعليقات الزوار ( 0 )