مع وصول نصف مليون جرعة من اللقاحات الصينية “سينوفارم” ضد كرورونا يومه (الأربعاء) إلى المغرب، وقبلها مليوني جرعة من لقاح “أسترازينيكا” من الهند، تنفس عدد من المغاربة الصعداء وأبدوا حماسهم للمشاركة في عملية “التطعيم”، إلا أن الأطباء يوصون بمواصلة احترام الإجراءات الاحترازية حتى بعد التلقيح.
ويتساءل بعض المواطنين المغاربة عن الإرشادات الطبية والعلمية حول الإجراءات الحاجزية بعد الاستفادة من التلقيح، داخل المجتمع بشكل عام أو بين الأشخاص الذين استفادوا من اللقاح.
وفي هذا السياق، يوصي الدكتور الطيب حمضي، الطبيب، والباحث في السياسات والنظم الصحية، بضرورة مواصلة الالتزام بالإجراءات الحاجزية من كمامات وتباعد وتطهير اليدين وتجنب الازدحام وتهوية الأماكن المغلقة من طرف الجميع، سواء تعلق الأمر بالملقحين، أو الذين لم يتلقحوا بعد، إلى حين تأمين مناعة جماعية.
وأضاف الطيب حمضي، ضمن تصريح أدلى به لجريدة “بناصا”، أنه بعد أسبوعين أو ثلاث من أخذ الجرعة الثانية يحصل جل الملقحين على مناعة ضد كوفيد 19، إلا أن هذا غير كاف لأن يتخلى الملقحين عن الإجراءات الحاجزية، سواء أثناء لقاءهم بأناس غير ملقحين أو بملقحين مثلهم.
ونعرف اليوم من خلال نتائج الدراسات السريرية أن اللقاحات تعطي نسب فعالية عالية جدا ضد المرض لكنها لا تصل الى 100%، يردف المصدر ذاته.
لكن ما لا نعرفه لحد اليوم هو هل من الممكن أن ينقل الملقحون الفيروس للمحيطين بهم أم لا، إذ أن أغلب الدراسات السريرية لم تبحث هذا الجانب بعد، وباحثو جامعة أوكسفورد وأسترازينيكا أجروا جزء من هذه التجارب خلال دراسات المرحلة الثالثة ولكن النتائج لا زالت أولية.
لذلك، يضيف الطيب حمضي، وجب الالتزام بالإجراءات الحاجزية لتجنب نقل الفيروس أو الإصابة بالفيروس لمن تستجب مناعتهم للقاح، مشددا على أن نفس الإرشادات تسري حتى إذا تعلق الأمر بلقاء بين أفراد كلهم ملقحين.
وأوضح الخبير في النظم الصحية، أنه من الخطأ الإعتقاد بأن الشخص الملقح حتى وإن نقل الفيروس لشخص ملقح أخر، فالأخير في نهاية المطاف له حماية ضد الاحتمالات الخطرة، أو لا يشكل خطرا وبائيا.
من جانب آخر، أكد المتحدث ذاته، أن أغلب اللقاحات المتوفرة لحد اليوم توفر حماية قد تصل إلى ما يناهز 100% ضد الحالات الخطرة من كوفيد 19، ومن ثم الوفيات، أي أن حتى الذين تلقحوا ولم تطور أجسامهم مناعة كافية لحمايتهم من الإصابة بكوفيد، فهم رغم اصابتهم المفترضة بالفيروس فلن يصابوا بالأشكال الخطيرة من المرض، لكن استمرار الوقاية ضروري.
وشدد الطيب، أن هذه النسبة ليست موحدة بالنسبة لجميع اللقاحات، ففي دراسات لقاح “موديرنا” مثلا أصيب 30 متطوع بكوفيد 19 بحالات خطيرة، كلهم من المتطوعين الذين تلقوا اللقاح الوهمي وليس الحقيقي.
وفي دراسات لقاح “أسترازينيكا” سجلت 10 حالات خطرة كلها بين المتطوعين الذين تلقوا اللقاح الوهمي.
وأضاف، في السياق ذاته، أنه بالنسبة للقاح “فايزر” سجلت 10 حالات خطرة، 9 منها بين المتطوعين الذين تلقوا اللقاح الوهمي وحالة واحدة لدى متطوع تلقى اللقاح الحقيقي.
وأبرز الطيب حمضي، أن عدد الحالات الخطيرة المسجلة بين المتطوعين لا زالت قليلة وأولية، ولازالت الدراسات تتابع الموضوع، ولذلك فهذه النسب هي مطمئنة ومهمة ولكنها ليست نهائية بعد، مؤكدا أنه في جميع الأحوال ستكون النسب النهائية جد عالية، وهذا شيء مهم جدا، ولكن ليس بالضرورة 100% لكل اللقاحات.
وأشار المتحدث، إلى أن رهان حربنا ضد الوباء هي تكسير سلاسل تفشي الفيروس وتوقيفه وعدم إعطاءه أي فرصة للانتقال بين الناس، وكل شخص حامل للفيروس هو مشكلة وتحد وبائيين مهما اتخذ من احتياطات.
ولفت الطيب حمضي، إلى أن هناك دائما احتمال ظهور سلالة جديدة أكثر شراسة، أو لا تنفع معها اللقاحات المستعملة بنفس درجة الفعالية، وبالتالي لا تنفع معها لا المناعة التي حصل عليها من تعرضوا للمرض سابقا ولا الذين حصلوا على المناعة ضد المرض بفضل اللقاح.
وأردف الباحث في النظم الصحية، أن هذا السيناريو للأسف ليس احتمالا نظريا فقط، بل نسارع الزمن لكيلا يتحقق، لذلك يجب مواصلة الالتزام بالإجراءات الحاجزية قبل التلقيح وخلاله وبعد الإستفادة منه، إلى أن نكون كمجتمع قد وصلنا لمناعة جماعية، التي تعتبر الوسيلة الوحيدة التي ستحمينا جميعا وجماعيا.
تعليقات الزوار ( 0 )