يُرتقب بعد أيام قليلة، أن يُصدر المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث المعاصرة مؤلفا جماعيا جديدا بعنوان العدالة الاجتماعية بالمغرب: مقاربات قانونية وحقوقية، من تقديم الدكتور جمال حطابي، وتنسيق الأستاذين محمد المودن ونعيمة عبة.
تحمل طيات المؤلف، فكرة أساسية تبرز جهود الدولة المغربية في الدفع بالمستوى الاجتماعي في زمن الجائحة، ومفادها أن المملكة تسير في اتجاه التأسيس لدولة الرعاية والرفاه الاجتماعي، والانتقال من دولة العناية كما هي متجذرة في البعد التقليدي للمؤسسة الملكية إلى دولة الرعاية الاجتماعية في ثوبها الحديث، كما هو متعارف عليه دوليا. ويجد هذا الرأي حجيته من خلال أوراش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مرحلتها الثالثة، والنموذج التنموي، والحماية الاجتماعية، والرعاية الصحية.
وقدم فريق الباحثين، كل في إطار ورقته، رؤى وتحاليل متقاطعة، حول العدالة الاجتماعية بالمغرب في تناسق علمي ومنهجي مضبوطين، من رصد دقيق لمختلف الأطر المرجعية والدينية والفلسفية التي تؤسس لفكرة العدالة، وكذا مكانة العدالة الاجتماعية في منظومة القانون الدولي وأدوار التعاون الدولي في تعزيزها.
وبالإضافة إلى التأصيل للعدالة الاجتماعية من زاوية الضرورات المجتمعية التي استدعتها مظاهر المحدودية المنتشرة عبر العالم، انطلاقا من مقاربة مطلب العدالة الاجتماعية لدى الحركات الاحتجاجية.
ومن الجانب التنزيلي، اهتم القسم الثاني المعنون بالعدالة الاجتماعية في السياق الوطني: الآليات، المكتسبات والرهانات الكبرى، بالسياسات والبرامج والمشاريع والآليات التي وظفها المغرب في إطار مقاربته لتحقيق العدالة الاجتماعية على جميع المستويات، حيث تم تناول المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كنموذج للاستراتيجية الوطنية لتحقيق العدالة الاجتماعية بالمغرب، خاصة أن هذا الورش يشكل نقطة مركزية لالتقاء عدة سياسات وأوراش أخرى.
ويعد الورش المستجد المتعلق بالحماية الاجتماعية بالمغرب محورا من محاور هذا القسم، ابتغى ربط ورش الحماية الاجتماعية من بوابة السياسات الاجتماعية وإبراز ارتباطها بالمالية العمومية، ومن زاوية أكثر شمولية، تم التطرق للعدالة الاجتماعية والمجالية بالمغرب داخل قالب المسار التنموي المغربي، بين اختلالات النموذج المستنفذ لقواه، وتحديات ومداخل حكامة النموذج التنموي المأمول.
وسعى محور آخر داخل هذا القسم، إلى رصد قراءة دقيقة لمكتسبات العدالة الاجتماعية بالمغرب واقتراح سبل عملية للارتقاء بها، على مستوى الآليات التصحيحية، حيث تمت دراسة النظام الضريبي باعتباره أهم آلية لتصحيح أوضاع اللاعدالة وإعادة التوزيع وفق رؤية تراعي حجم استفادة الأفراد من الفرص داخل المجتمع.
وتضمن القسم الثالث المعنون بـ: العدالة المجالية والسياسات الترابية: إشكالات الإنصاف والارتقاء بالبعد المجالي للعدالة، وقدم رؤية عامة عن السياسات المتبعة على المستوى الترابي لإرساء العدالة المجالية، حيث تمت دراسة النظام الجبائي المحلي ارتباطا برهان العدالة الجبائية بالارتكاز على جوهر القانون رقم 07.20 لتحقيقها.
بينما سلط المحور الثاني الضوء على الإصلاحات الميزانياتية للجهوية المتقدمة وأهميتها في تعزيز الإنصاف الترابي للوحدات الترابية الأقل حظا. وفي جانب آخر، تم تحليل سياسة التدبير اللامتمركز للاستثمار، ودوره في تحقيق العدالة المجالية بالمغرب، وخصص هذا القسم محورا للتوظيف العمومي في ارتباطه بالجهوية المتقدمة وأدواره في تحقيق الارتقاء الاجتماعي للأفراد داخل الجهة كوحدة ترابية.
وسعى القسم الأخير الموسوم بـ: العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، إلى تسليط الضوء على ثنائية العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان في قراءة متقاطعة، انطلقت من هاجس تحقيق العدالة الاجتماعية في التدخل العمومي لتنظيم الحقوق والحريات العامة بالمغرب، ليعرج المؤلف بعد ذلك على قراءة تحليلية للسياسات العمومية المائية بالمغرب، في محاولة للبحث عن العدالة المائية داخل هذه السياسات. ويختتم هذا القسم، وعبره المؤلف بقراءة للمسار المغربي لإرساء عدالة جيلية، تراعي من خلالها السياسات التنموية بالمغرب حقوق الأجيال المقبلة، في إطار إرساء تنمية مستدامة.
تعليقات الزوار ( 0 )