Share
  • Link copied

سقوط منطق الشروط في اعتراف إسرائيلي غير مطلوب!… هل انتصرت مقاربة ناصر بوريطة على نظيره يوسي كوهين؟

أما بعد،

بعد جدل الأسابيع الأخيرة و تصريحات وزير الخارجية في المغرب و نظيره في إسرائيل حول الوضع في الأراضي المحتلة والظروف المحيطة بانعقاد قمة النقب الثانية، وبعد الموقف غير المفهوم من رئيس الديبلوماسية الإسرائيلي يوسي كوهين الذي وضع عقد قمة النقب “شرطا” للاعتراف بمغربية الصحراء، أو كما قال “دراسة الاعتراف خلال القمة ” وهو الأمر الذي كان يجب أن يقع دون منطق “الابتزاز” في تجانس و توافق مع ما تم الاتفاق عليه قبل و حين تم توقيع الاتفاق الثلاثي بالرباط.

هذا الاتفاق الذي حدد مجموعة من الالتزامات بين أطرافه الثلاث كان أهمها الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء و فتح قناة الاتصال بين المغرب و إسرائيل مرة أخرى بعد انقطاعها منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية باعتبار المواقف الثابتة للملك محمد السادس رئيس لجنة القدس حول ضرورة قيام دولة فلسطينية في حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية طبقا للمبادرة العربية التي أطلقها الملك عبد الله رحمه الله.

أما بعد،

إن رسالة الوزير الأول الإسرائيلي إلى عاهل البلاد  أسقطت “شرط” وزيره في الخارجية يوسي كوهين و انتصرت لمقاربة الوزير ناصر بوريطة وترسخ مرة أخرى ندية الديبلوماسية المغربية في تدبير العلاقات الدولية للمغرب و تحقيق مكتسبات دون تقديم أي تنازلات قد يتم فهمها أنها تستجيب لمنطق “الشروط القبلية ” و “الإبتزاز” التي ألفت بعض الأطراف الدولية نهجه مع دول تعتبرها في درجة أدنى وأقل منها على مستوى القوة و التأثير في النظام الدولي، إن هذه المقاربة التي نهجتها الديبلوماسية المغربية أعطت نتائج إن  في علاقاتنا مع شركاء تقليديين و أكثر أهمية من دولة إسرائيل على مستوى الشراكة الاقتصادية و التبادل التجاري كإسبانيا و ألمانيا و فرنسا التي خسرت عدة نقط جراء القطيعة المستمرة مع المغرب على عدة مستويا. .(…)..

أما بعد،

رسالة الوزير الأول الإسرائيلي يمكن ربطها بالضغط الخارجي الأمريكي على نتنياهو ورغبته في تصريف الضغط الداخلي من طرف لوبي اليهود المغاربة خارج وداخل إسرائيل والموجودين على رأس مؤسساتها مع ولائهم المستمر لبلدهم الأصلي وللعرش العلوي  ونشاطهم داخل النسيج السياسي والاقتصادي في إسرائيل وارتباط مجموعة من مراكز القوة الإستراتيجية بمصالح مع المغرب إن على المستوى الاقتصادي أو الأمني والعسكري.

 وقد تجلى ذلك من خلال الموقف الواضح لرئيس الكنيسيت المغربي الأصل خلال زيارته الأولى للمغرب حيث استبق هذا الاعتراف وأعلن صراحة أن على الحكومة القيام به في أسرع وقت دون ربطه بأي “شرط” أو أجندة كما فعل وزير الخارجية الذي يبقى رهينة التوازنات داخل الحكومة اليمينية، والتي قد لا يطول بها الأمد برئاسة نتنياهو في ظل العديد من المعطيات داخل إسرائيل ومنها  نظر المحكمة العليا في شبهة تضارب المصالح التي يتهم بها رئيس الحكومة.

أما بعد،

إن هذا الاعتراف لم يكن مطلبا مغربيا حين تم توقيع اتفاق الرباط الثلاثي الذي كان أساسه الاعتراف الأمريكي المطلوب والمرغوب نظرا لموقع الولايات المتحدة الأمريكية كقوة تقود النظام الدولي وحاملة القلم في قرارات مجلس الأمن المتعلقة بقضية الصحراء، وكذلك تأثيرها المباشر في مختلف القوى الغربية، وهو ما أكسب المغرب دفعة في تدبير علاقته الدولية من منظار القضية الأولى كما جاء في الخطاب الملكي، إلا أن هذا الاعتراف وبهذه الطريقة، وفي ظل هذه الظروف يعتبر مكسبا ما دامت إسرائيل قدمت تنازلا واضحا عن شرط عقد قمة النقب قبل أي خطوة نحو الاعتراف، بل أكثر من ذلك تقترح فتح قنصلية في الداخلة، وهو مقترح من المتوقع أن يسبقه رفع في مستوى التمثيل الديبلوماسي بين البلدين لأنه لا يمكن أن تكون قنصلية دون وجود سفارة تتبعها!!

 إن هذا المسار و هذا التوجه لا بد أن يحقق من خلاله المغرب مكاسب تحقق له تفوقا نوعيا في المنطقة، كما تعتبر هذه ورقة مغربية للضغط عبر الوسائل الديبلوماسية ومجموعات الضغط اليهودية في أمريكا من أجل تسريع صفقة الحصول على المقاتلات الأمريكية صنف   F35  وأسلحة نوعية تضمن للمغرب قوة ردع في مواجهة التهديدات الإقليمية خصوصا في ظل مؤشرات مقلقة عن استقرار النظام السياسي  وصراع الأجنحة في الجزائر مع استمرار تراكم الفشل لدى العسكر على عدة مستويات ما قد يدفعه لارتكاب حماقات(…).

أما بعد،

إن لغة المصالح بواقعية تفرض نفسها اليوم بجدية في معادلة العلاقات الدولية دون التخلي عن المواقف الثابتة اتجاه القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي لم توضع يوما فوق طاولة المتاجرة والمساومة من طرف المغرب بمرجعية أسسها ملك البلاد عبر بلاغات الديوان الملكي التي تلت الاتفاق الثلاثي في الرباط، والذي تبقى له خصوصيته المتفردة عن اتفاق أبرهام الذي وقع من طرف دول أخرى بصيغة أخرى…

إن هذا المنطق، كما نرى طبعا،  يضمن للمغرب موقع التوازن بين المصالح المتحركة والمواقف الثابتة.

Share
  • Link copied
المقال التالي