قال عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، بأنه يرفض استقبال أعضاء نادي قضاة المغرب، من أجل التشاور والنقاش حول مشاريع القوانين المتعلقة بتنظيم المؤسسات القضائية.
وأضاف وهبي بالقول “لا يمكن أن استقبلهم، ولن أستقبلهم، انا لدي مخاطب واحد هو الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية “.
وأردف وزير العدل بأنه جد حريص على احترام استقلالية السلطة القضائية وبناء عليه فان قضاة النادي إذا أرادوا الجلوس معه، فعليهم أن يقوموا بمراسلته تحت إشراف الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
وعلى عكس أسلافه الوزراء السابقين في قطاع العدالة فإنهم هم من يبادرون لاستقبال الجمعيات المهنية للقضاة، وإما الجمعيات هي من تطلب لقاء الوزير بعد تنصيبه مباشرة، وذلك في إطار التعارف التعارف أولا، ثم في إطار التمهيد لتنزيل مبدأ الديمقراطية التشاركية المنصوص عليه في الفصل 12 من الدستور، والتواصل حول العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك ثانيا. وهذا ما جرى مع كل الوزراء السابقين من قبيل المصطفى الرميد ومحمد أوجار ومحمد بنعبد القادر.
فلماذا لم يستقبل الوزير عبد اللطيف وهبي الجمعيات المهنية للقضاة كما جرت عليه العادة مع وزراء العدل السابقين؟ وأين الوزير من الديمقراطية التشاركية التي نص عليها الدستور؟ ولماذا يصر وهبي على تفضيل لغة التصعيد والصدام مع المحامين والقضاة دفعة واحدة؟
وفي الجواب عن هذه الأسئلة، أوضح عبد الرزاق الجباري، رئيس نادي قضاة المغرب، في اتصال هاتفي مع جريدة بناصا، بأنه بعد تعيين وزير العدل الحالي عبد اللطيف وهبي، تقدم المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب بطلب لقائه للتواصل معه في إطار تفعيل المبدأ الديمقراطية التشاركية المنصوص عليه في الدستور، فلم يرفض ذلك أبدا.
واستطرد الجباري بالقول: “وإنما رد علينا كتابة خلال شهر مارس الفارط، معبرا عن انفتاحه على الجمعيات المهنية، ولكن مخاطبه المباشر هو المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وأن أي تعامل مع الجمعيات المهنية يتعين أن يتم عن طريق المجلس المذكور وليس مباشرة”.
وهو ما أكده وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أمام لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، بل ذهب أكثر من هذا، حيث قال بأن على نادي قضاة المغرب أن يأخذ موافقة المجلس الأعلى للسلطة القضائية حتى يستقبل مسيريه، وأن المجلس إذا أعطاه الإذن للقاء الجمعيات بشكل مباشر سيلتقيها، وأن ذلك احتراما منه لاستقلالية السلطة القضائية.
غير أن الوزير أوقع نفسه في تناقض، يقول رئيس نادي القضاة، لأن الوزير “سبق وأن وجه إلينا دعوة لحضور اجتماع المجلس الإداري للمؤسسة المحمدية للأعمال الاجتماعية الذي ترأسه هو شخصيا، ولم يوجه لنا هذه الدعوة عن طريق المجلس، وتعامل معنا بشكل مباشر، كما سبق وأن تدخلنا لدى وزارته لحل مشكلة قضاة الفوج 43 الذين عانوا من التأخر في صرف أجورهم، وكان تجاوبه معنا مباشرا وإيجابيا، فأين كانت إذاك دعوى احترامه لاستقلالية السلطة القضائية ؟ وهل يمكن القول بأنه لم يحترم هذه الاستقلالية في تلك الفترة أم هناك أمور أخرى غير واضحة استجدت بعد ذلك ؟” يتساءل الجباري.
كما أن الوزير نفسه سبق وأن وجه دعوة لنادي قضاة المغرب بشكل مباشر لحضور ندوة وطنية تفعيلا من وزارته للمقاربة التشاركية حول ملاءمة القوانين الوطنية المتعلقة بالأسرة مع المواثيق الدولية، غير أن النادي رفض الحضور والمشاركة في هذه الندوة.
بل إن النادي ووجه للوزير كتابا في الموضوع، لأن “مبادئ نادي قضاة المغرب لا تتجزأ، فإما أن نُعمل المقاربة التشاركية في كل القضايا وإما ألا نعملها بالمرة، أما تجزيئها فهو تناقض نربأ بأنفسنا الوقوع فيه. وقد نشرنا ذلك الكتاب للرأي العام القضائي والوطني، وهو ما أغضب السيد الوزير وجعله يعلن موقفه من لقاء النادي بدون أي مناسبة، كرد فعل عن رفض النادي للمشاركة في ندوته، رغم أن جوابه عن طلب لقائنا له كان في شهر مارس” يقول الجباري.
وأكد الجباري بأن اللقاءات السابقة لنادي قضاة المغرب مع وزراء العدل كانت تتم في إطار الدستور والقانون، كما كانت تصبو إلى العمل المشترك من أجل خدمة الصالح العام القضائي، وقد تم ذلك بالفعل في العديد من الأوراش والمشاريع، والكل يشهد بأن جودة القوانين التنظيمية الحالية لولا تدافع نادي قضاة المغرب بخصوصها بواسطة مذكراته وبلاغاته وتقاريره لما كانت كما هي عليه الآن.
كما أن اللقاء مع الوزير، يضيف الجباري في اتصال مع جريدة بناصا، ليس غاية في حد ذاته، وإنما هو وسيلة لتنزيل الدستور والقانون والتوجيهات الملكية السامية ذات الصلة بالقانون، وإذا كان السيد الوزير يعتبره غاية فنحن نعبر عن رفضنا له.
واعتبر رئيس نادي القضاة بأن موقف الوزير يدفع لطرح تساؤل جدي حول: فصل السلط المنصوص عليه في الفصل 1 من الدستور ؟ لأن علاقة الوزارة مع الجمعيات المهنية للقضاة لا تدخل ضمن الاختصاصات الدستورية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وكذا اختصاصاته الواردة في القانون المنظم له على سبيل الحصر، لأن هذا النوع من الجمعيات يعتبر مكونا من مكونات المجتمع المدني ومؤسسة طبقا لظهير تأسيس الجمعيات وليس مرفقا تابعا للمجلس. كما أن الجمعيات المهنية للقضاة تشتغل بكل حرية واستقلالية طبقا للفصل 12 من الدستور، ولا وصاية لأي جهة على أنشطتها، وما يحكم عملها هو الدستور والقانون، فضلا عن التوجيهات الملكية السامية التي نعتبرها مرجعا أساسيا من مرجعيات عملنا الجمعوي.
وأضاف الجباري بأن نادي قضاة المغرب باعتباره تنظيما مهنيا مستقلا عن جميع الجهات، وبعد جواب وزير العدل، اختارت أجهزته المسيرة التواصل مع هذا الأخير ووزارته عن طريق البلاغات والمراسلات والتقارير ونشرها للرأي العام القضائي والوطني إبراء للذمة وأداء لمسؤولية الدفاع عن حقوق القضاة ومصالحهم المشروعة الملقاة على عاتقها من طرف الجمع العام باعتباره أعلى هيأة تقريرة داخل أجهزة النادي.
واعتبر الجباري بأن القول بعدم تعامل السلطة التنفيذية مع الجمعيات القضائية مباشرة احتراما لاستقلالية القضاء، فيه إساءة فهم كبيرة، ذلك أن هذه الدعوى لا تفرق بين المفهوم الدستوري لاستقلال القضاء والذي يتعلق بالبت في الأحكام واتخاذ القرارات القضائية بالمحاكم، وبين ممارسة العمل الجمعوي الذي يتم بعيدا عن المحاكم وعن البت في القضايا، وهذه أم المعضلات، لأنها تخالف أبجديات الممارسة المهنية والدستورية التي نربأ بأنفسنا الوقوع في شراك مخالفتها.
تعليقات الزوار ( 0 )