تواصل الشبيبات الحزبية الضغط على أمنائها العامين من أجل دفعهم لحث وزارة الداخلية على الإبقاء على اللائحة الوطنية للشباب التي كانت قد أحدثت منذ عشر سنوات، بغية ضمان تمثيلية للفئات السنية الشّابة في المؤسسة التشريعية، قبل أن يثور الرأي العامّ ضدها، ويطالب بإنهائها باعتبارها ريعاً سياسياً وجب القطع معه.
ومباشرةً بعد اتضاح توجه وزارة الداخلية، باقتراح من بعض الأمناء العامين، إلى إلغاء لائحة الشباب، وتحويل مقاعدها لصالح النساء، خاض مجموعة من الشّبان، حملة شرسة، لدفع قادة أحزابهم إلى تغيير رأيهم، والدعوة لاستمرار اللائحة الوطنية الخاصة بهذه الفئة، بالرغم من كلّ الخروقات التي شابت اختيار الأسماء التي ترد فيها خلال الاستحقاقات الماضية.
وينتقد محللون سياسيون، بشدّة، لائحة الشباب، بعدما تحولت، حسبهم، إلى ريع سياسي يتم استغلاله من أجل اقتسام “الكعكة”، وهو ما يتضح جلياً، وفقهم، في الأسماء التي تم ترشيحها خلال الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2011، وتلك التي رُشحت في 2016، بحيث لم تتكرّر نفس الأسماء، باستثناء شخصين، وهو ما اعتبر تقاسماً للامتيازات.
وبالإضافة إلى عدم تكرّر الأسماء نفسها في لائحتي 2011 و2016، فإن وجود أشخاص مقربين من قياديي الأحزاب السياسية المغربية، دفع العديد من النشطاء والأكاديميين، إلى المطالبة بإلغاء اللائحة، باعتبار أنها استغلت بطريقة غير سوية، وخرجت عن الغاية التي أحدثت لأجلها، والتي تتمحور في تمكين الشباب من المشاركة السياسية، وضمان تمثيلية لهم في المؤسسة التشريعية.
وفي هذا السياق كتب المحامي نوفل البعمري: إن هناك “ثلاث معطيات ساهمت في إضعاف موقف الشبيبات الحزبية أمام الرافضين للائحة الوطنية”، أولها أن “هذه التنظيمات لم يشاهدها الرأي العام تترافع بشكل موحد، جماعي، وبهذا الحماس، في ملفات أخرى، سواء كانت وطنية، أو قضايا فئوية تتعلق بقضايا الشباب من تشغيل، صحة، قضايا ثقافية، وهوياتية خاصة بالشباب”.
وأضاف البعمري في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، بأن المعطى الثاني الذي تسبب في إضعاف موقف الشبيبات، يكمن في أن “تدبير لائحة الشباب داخل الأحزاب السياسية تم في غالبيته باستثناء حزبين أو ثلاث، بشكل بئيس، ريعي، زبوني، تحكم في غالبيته القرب من الزعيم، وأثرت فيه منطق العائلات داخل الأحزاب”.
أما الثالث فهو أن “طريقة التشبث باللائحة الوطنية في الترافع عنها جدّ خاطئة، تختزل مشاركة الشباب فقط في البرلمان، مع العلم أن وزارة الداخلية وبعض الأحزاب والأصوات المطالبة بإلغائها، عوضتها بلوائح جهوية ومحلية، بمعنى أنه إذا كانت الشبيبات تترافع عن المشاركة، فهي تتحقق كذلك بشكل قاعدي، تحتي”.
وأوضح البعمري بأن منطق الترافع عن اللائحة الوطنية جدّ خاطئ، باعتبار أن هناك لوائحاً جهوياً ومحلية، ولم يتم إلغاؤها بشكل نهائي، منبهاً إلى أن الطريقة التي يترافع بها الشباب عن هذا الأمر، “يكرس صورة أن المترافعين لا يترافعون عن الشباب، بل عن أنفسهم فقط”.
واختتم البعمري تدوينته بالتشديد على أنه إذا “أرادت الشبيبات الحزبية أن تحافظ على اللائحة الوطنية، عليها أن تحولها لقضية شبابية، لمطلب شبابي، وليس شبيبي، أو لقيادات هذه الشبيبات فقط، وأن تغير من منهج ترافعها وخطابها”.
واعتبر نشطاء آخرون، بأن إلغاء اللائحة الوطنية للشباب، وتحويل مقاعدها للائحة النساء، أو الإبقاء على الأخيرة، لا معنى له، مشيرين إلى أن محاربة الربيع السياسي والقطع معه، تقتضي وضع حدّ للـ”كوطا” نهائيا، لأن هناك، حسبهم، خروقات شابت وستشوب لائحة النساء، التي تضمنت في السابق أسماءً من عائلات ومقربي القياديين.
يشار إلى أنه سبق لعدد من القياديين الحزبيين أن طالبوا بإلغاء لائحة الشباب، من بينهم عبد اللطيف وهبي، الذي قال إن حزبه دعا لوضعِ حدّ لهذه اللائحة، بالإضافة محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الذي أعلن صراحةً في أكثر من مناسبة، أنه ضد لائحة الشباب والنساء، لأنهما يعطيان صورةً غير صحيحة للواقع السياسي.
تعليقات الزوار ( 0 )