اعتمدت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، رسميا، الخريطة الكاملة للمملكة المغربية على موقعها الرسميّ، في استمرار لتفعيل مؤسسات الدولة في بلاد “العمّ سام”، للموقف الرسميّ الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب، في الـ 10 من شهر دجنبر الماضي، والقاضي باعتراف واشنطن بسيادة المغرب على صحرائه.
وبالموقف الجديد لأكبر وكالة استخبارات في العالم، تكون الجزائر قد تلقّت ضربةً جديدةً في الصراع المفتعل بالصحراء المغربية، بعدما ظلّت طوال الأشهر الماضي، تراقب التطورات الهامة التي عرفتها المنطقة، من بينها تهافت الدول على فتح قنصليات لها في الأقاليم الجنوبية للمملكة، والتأييد الدولي الكبير لتأمين معبر الكركارات، وأخيراً الاعتراف الأمريكي وما تلاه من تطبيق,
وفي صدمةٍ غير متوقعةٍ، لم يتوان ديفيد شنكر، مساعد وزير الخارجية الأمريكي، المكلف بشؤون الشرق الأدنى، في التصريح، من قلب العاصمة الجزائرية، بأن المفاوضات بخصوص نزاع الصحراء، لابد لها من أن تكون تحت مظلة مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب، وتحت سيادة المملكة، معتبراً بأن الوقت حان للسير نحو حلول شجاعة.
وتأتي هذه التطورات في سياق داخلي مربك للجزائر، بعدما بدأت الدولة العسكرية تستعيد وجوهها البارزة، وعلى رأسهم توفيق مدين، وخالد نزار، اللذان يعتبران من القيادات الكبيرة في تاريخ البلاد، وممن كانوا متابعين على خلفية مجموعة من القضايا، غير أن السلطات الحاكمة، أعطت ضمانات لوزير الدفاع السابق، بسحب المتابعة في حقه، إلى جانب إطلاق سراح “رب الدزاير”.
ويرى متابعون بأن الجزائر تمرّ بمرحلة جدّ حرجة ولا تحتمل أي خطأ في اتخاذ القرارات المقبلة، باعتبار أن الصراع الذي كان قد احتدم بين الجنرالات وعدد من المسؤولين بها، وآل إلى اعتقال مجموعة من الوجوه البارزة، والتي كانت تُلقب بـ”صقور المؤسسة العسكرية”، بات يتوجه إلى الصلح، وإعادة الأمور لما كانت عليه خلال فترة بوتفليقة، وهو ما يعني توسيع الهوة مع الشارع.
وترجح المصادر السابقة، بأن هذا الصلح بين الجنرالات، والذي سيضع الجزائر في يد ثلاثة أشخاص على الأكثر، هم شنقريحة، ونزار ومدين، فيما سيظلّ تبون الذي تحوم الشكوك بشأن مدى قدرته على الوقوف مرة أخرى، وجهاً للسلطة، كما كان عليه الحال منذ سنة 2013، حين أصيب بوتفليقة بجلطة دماغية، سيتسبب في عودة الحراك إلى الشارع، وتوتير الأوضاع الداخلية أكثر.
ويذهب متابعون إلى أبعد من ذلك حين يقولون إن ما يفعله الجنرالات في الوقت الحالي، بإعادة الوجوه البارزة في المؤسسة العسكرية، حتى أولئك الذين كانوا قبل أشهر فقط، يتابعون بتهم وصل بعضها إلى التخابر مع جهات أجنبية، قد يتسبب في انفجار اجتماعيّ غير مسبوق، يمكن أن يتحول، حسبهم، إلى مواجهات مسلحة مع الدولة.
وكانت وزارة الدفاع، قد أعلنت، أمس الخميس، عن العثور على منظومة صواريخ مضادة للطائرات، في مخابئ للمعارضة المسلحة بتيزي وزو، والتي تعود إلى أحد المشتبهين فيه، الذين ألقي القبض عليهم في الـ 16 من شهر ديسمبر الماضي، قبل أن تتمكن السلطات عبر البحث والتمشيط من العثور على الأسلحة في مناطق جبلية.
وفي المقابل تواصل التطورات الإقليمية السير عكس المصالح الجزائرية، ففي ليبيا، يتجه أطراف النزاع إلى الوصول إلى حلّ توافقيّ من أجل إعادة الأمور لطبيعتها، بعدما وجد الفرقاء الخليجيون طريقاً نحو التصالح، وهو ما يُنتظر أن ينعكس على الوضع في ليبيا، مع استمرار المسؤولين التونسيين، السابقين، في الإعلان صراحةً على أن الجزائر، هي أكبر عائق نحو تشكيل الاتحاد المغاربي.
وغرب الجزائر، تستمر المغرب في كسبِ التعاطف الدولي، وتواصل السير لترسيخ مغربية الصحراء، عبر سياسة القنصليات التي اعتمدتها المملكة منذ حوالي السنتين، والتي انطلقت بدول صغيرة لتصل إلى بلبدان كبيرة، آخرها أمريكا، ومن المنتظر أن تسير كلّ من بريطانيا، التي وقعت اتفاقية تجارية مهمة مع المغرب، وفرنسا، على نفس المنوال.
وينبه مراقبون إلى أنه، حتى الجارة الجنوبية، موريتانيا، تتجه إلى سحب الاعتراف بالجمهورية الوهمية، وتحسين علاقاتها مع المملكة المغربية، وهو ما تُفسره المكالمة التي جمعت بين الملك محمد السادس والرئيس ولد الغزواني، إلى جانب زيارة المفتش العام للقوات للقوات المسلحة الملكية إلى الجيران الجنوبيين، وإصدار قيادة الأركان في نواكشوط، قراراً بتشييد قاعدة عسكرية في على الحدود مع المغرب، لمنع أن احتمالٍ لتسلل عناصر الجبهة الانفصالية صوبها.
ويشير المصدر السابق، إلى أن الجزائر، في مرحلة جدّ حساسة من تاريخها، ويمكن لأي قرارٍ غير مدروسٍ أن يزجّ بها في نفق لا يمكنها الخروج منه، لاسيما إن اقتنع المجتمع الدولي بالتوجه نحو اعتبار البوليساريو، منظمة إرهابية، وهو ما من شأنها أن يضع الجزائر بين خيارين، إما التخلي النهائي عن أتباع إبراهيم غالي، أو مواصلة دعمهم والتصادم مع المجتمع الدولي، ما يمكن أن يضعها في خانة الدول الحاضنة للإرهاب، على شاكلة إيران، ويسلط عقوبات قاسية عليها، يمكن أن تتسبب في مزيد من التوتر الداخليّ.
تعليقات الزوار ( 0 )