Share
  • Link copied

هوس مزمن بالمغرب: تقرير دولي يشخّص الحالة الجزائرية ويكشف أبعادها النفسية والسياسية

في تقرير جديد يحمل طابعًا فريدًا من حيث المقاربة، نشر موقع Atalayar الإسباني تحليلًا مثيرًا تحت عنوان “هوس بالمرآة: لماذا لا تستطيع الجزائر التوقف عن الحديث عن المغرب؟”، أعدّه الصحافي والباحث دانييل أباسكال.

وهذا التقرير لا يكتفي بتوصيف العلاقات المتوترة بين الجزائر والمغرب من منظور جيوسياسي، بل يغوص عميقًا في تفسير نفسي-تحليلي لخطاب الدولة الجزائرية، معتبرًا أن الهوس المفرط بالمغرب داخل المؤسسات الجزائرية يُمثل أزمة هوية وطنية مقنّعة، ومظهرًا من أعراض نفسية جماعية تتكرر عبر الزمن.

ويعرض التقرير عدة تجليات لهذا الهوس، تبدأ بـ”الهيمنة المطلقة للخطاب المعادي للمغرب في الإعلام العمومي الجزائري”، حيث يخصص ما يقارب 80% من محتوى وكالة الأنباء الجزائرية (APS) لتشويه صورة المملكة، وتمر عبر الخطابات الرسمية التي تهاجم المغرب في كل المحافل الدولية، سواء كانت ذات صلة أم لا، ولا تنتهي عند الربط الممنهج بين أزمات الداخل الجزائري والمؤامرات الخارجية المزعومة القادمة من الرباط.

ومن زاوية التحليل النفسي الفرويدي-اللكاني، يرى التقرير أن المغرب يُجسّد للجزائر ما يُعرف بـ”الأب الرمزي”، أي نموذج الدولة ذات التاريخ العريق والشرعية المستمرة، في مقابل دولة جزائرية ولدت من رحم القطيعة والثورة، دون امتداد مؤسساتي مستقر. هذه المفارقة، حسب الكاتب، تولّد عقدة نقص مضمرة تُحوّل المغرب إلى مرآة تعكس ما لا ترغب الجزائر الرسمية في رؤيته داخل ذاتها.

كما يبرز التقرير أن الملف الصحراوي يُعد أحد أبرز تجليات هذا الصراع النفسي والسياسي، إذ لم تعد علاقة الجزائر بجبهة البوليساريو مجرد تحالف إقليمي أو ورقة ضغط، بل أصبحت وسيلة لإلغاء شرعية المغرب على الساحة الإفريقية والدولية، وهو ما يعتبره التقرير استجابة قهرية لعقدة دبلوماسية وتاريخية عميقة.

وفي شقّه الأكثر حدة، يشخص التقرير الحالة الجزائرية وفق مفاهيم الطب النفسي الحديث: اضطراب وهام (جنون اضطهاد)، هوس قهري جماعي، ونزعة إسقاط مرضي على الجار المغربي.

ويضيف أن الخطاب الجزائري يُظهر علامات فصام مؤسساتي، إذ تواصل الجزائر اتهام المغرب بالاستعمار والتطبيع والتآمر، رغم التغيرات الواقعية في موازين القوى الإقليمية والدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي المغربية.

ويرى التقرير أن هذا الهوس ليس إلا آلية دفاعية يستخدمها النظام الجزائري لتفادي مواجهة أزماته الداخلية المتراكمة، من بطالة وهيمنة عسكرية، إلى انسداد أفق الإصلاح السياسي. فالمغرب، وفق التقرير، تحوّل إلى “العدو المثالي” الذي يجمع الناس ضد عدو خارجي ويبرر استمرار القبضة الأمنية.

ويخلص التقرير إلى أن تجاوز هذا السلوك السياسي المرضي يتطلب مصالحة الجزائر مع ذاكرتها التاريخية وتفكيك أسطورة الدولة الثورية المنغلقة، معتبرًا أن “التحرر من عقدة المغرب هو أول خطوة نحو بناء جزائر حديثة، مستقرة، وغير مرعوبة من مرآة الجوار”.

Share
  • Link copied
المقال التالي