تعيش العلاقات المغربية الألمانية، خلال الأيام القليلة الماضية، على وقع صراع خفي، بعدما أعلن المغرب بشكل مفاجئ قطع العلاقات مع ألمانيا، في قرارا كان عبارة عن رسالة وجهها وزير الخارجية ناصر بوريطة إلى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، يؤكد من خلاله على قطع جميع أشكال التعاون مع البلد الأوروبي.
واختلف التكهنات حول الأسباب التي دفعت المغرب إلى قطع العلاقات مع البلد الأوروبي، دون تفسير واضح، لتترك الباب أمام التأويلات التي حاولت إرجاع أسباب المشكل إلى تقارير استخباراتية، وموقف ألمانيا من ملف الصحراء المغربية، وعدد من القضايا الأخرى، لتبدأ بعدها بوادر انفراج الأزمة بعد تحدث مجموعة من التقارير الدولية عن توجه ألمانيا إلى تغيير سفيرها بالمغرب، فما دلالات هذا التغير المفاجئ في العلاقة المغربية الألمانية.
وللإجابة عن هذا السؤال، قال نبيل الزكاوي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، في تصريحه لـ منبر بناصا ‘’من وجهة نظر ألمانيا، فالخطوة هي إشارة إلى رغبتها في قلب صفحة الخلاف الحالي مع المغرب، وإلى أنها مستعدة للتضحية بسفيرها بالرباط في سبيل ترميم علاقتها مع المغرب، خاصة أنها تكون قد فهمت من رد الفعل المغربي بقطع كافة أشكال الاتصال والتعاون مع السفارة الألمانية بالرباط أن تكون هذه الأخيرة هي السبب في اندلاع الأزمة بين البلدين’’.
وأوضح الأستاذ الجامعي أنه ‘’من وجهة نظر المغرب فالقرار لن يريحه إلا من حيث كون السفير المعفى كان قد ساهم في تصعيد الأزمة بين البلدين حينما قرر تعليق منح تأشيرات شنغن من المغرب، فبالرغم من أن رد فعله السابق قد جاء على أساس وقف التعامل مع السفارة الألمانية، إلا أن الإشكال الأصلي بالنسبة للمغرب يكمن في توجه الخارجية الألمانية نفسها وليس في بعثتها الدبلوماسية، وهو ما عبر عنه قبلا بلاغ الخارجية المغربية بما وصفه “سوء فهم عميق مع الدولة الألمانية بشأن عدد من القضايا المحورية ذات الصلة بالمملكة المغربية”.
وأضاف نبيل زكاوي أنه ‘’يظهر بأن ألمانيا رمت بورقة تغيير سفيرها في انتظار معرفة كيف ستلتقطها الرباط وتتفاعل معها، لكن دوافع المغرب بهَجر السفارة الألمانية ليست مرتبطة بشخص السفير بقدر ما هي مرتبطة بمعاكسة الدبلوماسية الألمانية لمصالح المغرب السياسية بشكل لا يتوافق مع جودة العلاقات بين البلدين في المجالات الأخرى بإقرار ألمانيا نفسها، لذلك سيترقب المغرب خطوة أكثر تفهما وتقديرا لموقفه من خلال مبادأة ألمانيا بحوار مباشر وصريح يفضي إلى تفاهمات حاسمة حول القضايا التي أومأ إليها المغرب وترك لألمانيا باب فتح باب البوح والمكاشفة بشأنها وذلك عملا بمقولة “أمور تفهم ولا تقال”.
تعليقات الزوار ( 0 )