Share
  • Link copied

هل يعيد هشام بلاوي رسم العلاقة بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية بعد الإعلان عن فتح باب المحاسبة وملاحقة الفساد؟

يبدو أن المؤسسة القضائية في المغرب على مشارف لحظة فارقة في مسار العدالة وربط المسؤولية بالمحاسبة، بعد أن دشّن. هشام بلاوي، رئيس النيابة العامة الجديد، خطوات جريئة توصف بأنها بداية “حملة تطهير كبرى” لم يسبق أن شهدتها البلاد بهذا الحجم والوضوح.

منذ تعيينه من طرف الملك محمد السادس، أظهر بلاوي إرادة قوية في إعادة الاعتبار لمهام النيابة العامة، خاصة في ما يتعلق بمكافحة الفساد المالي والإداري، وهي المهمة التي طالما بقيت حبيسة الشعارات والبلاغات، دون تفعيل حقيقي على أرض الواقع.

وفي خطوة غير مسبوقة، أصدر بلاوي تعليمات واضحة وصارمة بإحالة جميع تقارير المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للإدارة الترابية، التي تتضمن اختلالات ذات طابع جنائي، إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية والفرق الجهوية بكل من الرباط، فاس، الدار البيضاء، مراكش، إضافة إلى الفرقة الوطنية للدرك الملكي، وهو ما يمثل انقلاباً فعلياً على سياسة “التحفظ” التي اتسمت بها النيابة العامة في السنوات الأخيرة.

هذه التعليمات أعادت الحياة إلى عشرات الملفات التي كانت مجمدة داخل رئاسة النيابة العامة، أو مركونة في رفوف بعض المحاكم المختصة في جرائم الأموال، رغم ما تحمله من معطيات خطيرة تتعلق بسوء التدبير وتبديد المال العام.

وبحسب مصادر متطابقة، فإن هذه الملفات تطال مسؤولين كباراً في الجماعات الترابية، ومؤسسات عمومية ذات وزن، وردت أسماؤهم في تقارير افتحاص وصفت بـ”القنبلة القضائية”.

بل إن مصادر متعددة تحدثت عن قرب صدور أوامر باعتقالات في حق عدد من هؤلاء المسؤولين، في مشهد يُنتظر أن يُحدث صدمة إيجابية لدى الرأي العام المغربي، الذي ظل يطالب لسنوات بتفعيل مبدأ “عدم الإفلات من العقاب”، بعدما ترسّخت قناعة عامة بأن تقارير الحسابات والافتحاصات، مهما بلغت خطورتها، لا تتجاوز عتبة البلاغات الإعلامية.

في هذا السياق، يرى متابعون أن هشام بلاوي لا يكتفي بممارسة مهامه كرئيس للنيابة العامة، بل يسعى إلى إعادة رسم العلاقة بين السلطة القضائية والتنفيذية، بعد سنوات من التجاذب غير المعلن، خصوصاً مع وزارة العدل التي يقودها عبد اللطيف وهبي.

فهل نحن أمام مواجهة صامتة بين جناحين داخل منظومة العدالة؟ أم أن بلاوي يسعى فقط إلى إعادة التوازن لمؤسسة النيابة العامة، بما ينسجم مع روح الدستور ومع توصيات النموذج التنموي الجديد؟

المؤشرات الحالية توحي بأن زلزالاً قضائياً يلوح في الأفق، ستكون له تداعيات عميقة ليس فقط على مستوى المحاسبة، بل على شكل السياسة الجنائية برمتها.

وإذا ما تواصلت هذه الدينامية بنفس الحزم، فإن المغرب قد يدخل فصلاً جديداً يُكتب فيه عنوان واضح: “لا أحد فوق القانون”.

ويبقى السؤال المطروح بإلحاح: هل ستتم حماية هذه الحملة من أي تدخلات أو ضغوطات سياسية؟
وهل ستكون مؤسسات الدولة، بكل أطيافها، على استعداد لتحمل نتائج فتح الملفات القديمة والجديدة؟

ستتضح في الأسابيع المقبلة، لكن الأكيد أن العدالة المغربية بدأت في التحرك.

وهذه المرة يبدو أنها لن تتوقف بسهولة!

Share
  • Link copied
المقال التالي