Share
  • Link copied

هل تحاصر الجزائر نفسها بخياراتها الجيوسياسية؟ تصعيد خطير ضد مالي والنيجر وبوركينا فاسو يهدد بعزلها جوًّا وبتجميد مشروع أنبوب الغاز مع نيجيريا

في خطوة تعكس تداعيات التصعيد المتزايد بين الجزائر ودول الساحل، كشفت مجلة La Revue Afrique، عن سيناريوهات جيوسياسية تنذر بعزل الجزائر إقليميًّا، بعد أن دخلت في خلاف مباشر ليس فقط مع مالي، بل أيضًا مع النيجر وبوركينا فاسو، الدول الثلاث المكوِّنة لكونفدرالية الساحل (AES).

وبات هذا التوتر، الذي انفجر عقب إسقاط طائرة مسيّرة ماليّة على يد مقاتلة جزائرية، يهدد شبكة المصالح الجزائرية الحيوية في إفريقيا جنوب الصحراء، خصوصًا في ظل التلويح من جانب النيجر بردود فعل قد تغيّر موازين اللعبة الجيوستراتيجية في المنطقة.

النيجر تُلوّح بعزل الجزائر جويًّا وتجميد أنبوب الغاز

وبحسب المجلة الفرنسية، فإن النيجر، وفي سياق تضامنها مع مالي ضد ما اعتُبر “عدوانًا جزائريًّا”، تدرس خطوات تصعيدية، أبرزها إغلاق مجالها الجوي في وجه الطيران الجزائري، ما من شأنه أن يُسهم في خنق الجزائر جوًّا، ويجعلها معزولة بنسبة 90% عن المجال الإفريقي، إذ لن يتبقى لها سوى منفذ جوي واحد عبر حدودها مع موريتانيا — حدود توصف بـ”غير الآمنة” بسبب نشاط الجماعات الإرهابية في المنطقة.

والأخطر من ذلك، أن نيامي تدرس أيضًا تعليق مشاركتها في مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، الذي يربط الجزائر بنيجيريا مرورًا بالنيجر.

واعتبرت المجلة، أن خطوة كهذه من شأنها أن تُجهِض أحد أبرز المشاريع الطاقية التي تعوّل عليها الجزائر لتعويض تراجع صادراتها إلى أوروبا، وإعادة تموقعها كلاعب محوري في سوق الطاقة الإفريقية.

الجزائر في مرمى العزلة: حسابات خاطئة أم مناورة فاشلة؟

وأدخلت التحركات الجزائرية الأخيرة، والتي فسّرتها “لاغوفي أفريك” بأنها تحمل طابعًا هجوميًّا مموّهًا بخطاب دفاعي، البلاد في مأزق استراتيجي حاد، قد يدفع ثمنه باهظًا على المدى القريب.

ففي لحظة إقليمية بالغة الهشاشة، حيث تتشابك أنابيب الغاز بخطوط الإرهاب ومصالح القوى الكبرى، اختارت الجزائر الدخول في صدام مع تكتل إقليمي صاعد، دون أن تضمن حتى دعم الحلفاء التقليديين، الذين باتوا يتريثون في الاصطفاف خلف مغامرات غير محسوبة العواقب.

المغرب يراقب ويُعزّز أوراقه

وفي الرباط، تتابع الدبلوماسية المغربية تطورات الوضع عن كثب. فمنذ سنوات، تتبنى المملكة مقاربة مختلفة تمامًا تجاه دول الساحل، تقوم على منطق التعاون جنوب-جنوب، والتنمية المتبادلة، بدل التدخل الأمني أو التوسّع الجيوسياسي.

وبينما تتورّط الجزائر في عزلة مفتوحة، تعمل الرباط على تعزيز موقعها كممر آمن وفاعل موثوق في مشاريع الربط الطاقي، وفي مقدمتها أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، الذي بات يُنظر إليه كبديل مستقر واستراتيجي عن الخط العابر للجزائر.

إلى أين تتجه المنطقة؟

وترى المجلة، أن انفجار التوتر بين الجزائر ودول الساحل لا يمكن فصله عن الصراع على النفوذ في قلب إفريقيا. لكن المؤكد، بحسب ما تؤكده “لاغوفي أفريك”، هو أن الجزائر تقف اليوم على عتبة حصار سياسي واقتصادي وجوي، يُعيد طرح السؤال القديم الجديد: هل يمكن لبنية إقليمية هشّة أن تتحمّل مغامرات ذات طابع توسّعي؟ أم أن منطق التعاون هو السبيل الوحيد للخروج من دائرة الفوضى والانغلاق؟

وفي زمن الخرائط المتحرّكة، قد تتحول حسابات القوة إلى فخاخ سياسية. والجزائر، التي لطالما رفعت شعار عدم التدخل، تبدو الآن في وضعية دفاع حرِجة، محاصَرة بمواقفها، ومهددة بفقدان موقعها كبوابة شمالية نحو إفريقيا جنوب الصحراء.

Share
  • Link copied
المقال التالي