شارك المقال
  • تم النسخ

هكذا يضاعف المجتمعُ منْ معاناةِ عائلاتِ “المنتحرينَ” بعدَ رحيلِ أبنائهَا

يعد المغرب من بين أكثر البلدان التي تعرف حالات انتحار في العالم، وهو الثاني عربيا من حيث عدد الأشخاص الذين يحاولون الانتحار، حيث يضع 5.3 شخصا حدا لحياته من بين كل 100 ألف نسمة، وفق تقارير صادرة عن منظمة الصحة العالمية.

ظاهرة الانتحار، لا تقف عند وضع الشخص حدا لحياته، بل تستمر تداعياتها وانعكاساتها السلبية على عائلة الراحلين لفترة طويلة، حيث يسمعون خلالها كلاما لا يرحم عن أبنائهم، وبناتهم، تمس الشرف والسلوك، وتؤذي مشاعر الآباء والأمهات والأبناء والزوجات والأزواج.

في شهر ماي الماضي، أنهت امرأة ثلاثينية حياتها شنقا، في إقليم الحسيمة، ولم تكن تعاني من أي اضطرابات نفسية، كما يجهل سبب إقدامها على ذلك. حزن أفراد أسرتها، ودفنوها، لكن الأقاويل استمرت، والشائعات تناسلت بعد رحيلها بأيام، ولا زالت إلى غاية اليوم، رغم مرور ما حوالي ثلاثة أشهر.

تواصلت معاناة عائلة الراحلة، من جهتين، الأولى بفقدها لفلذة كبدها، والثانية حينما تسمع عن ابنتها، العديد من الشائعات بين الناس، والتي تتهمها بأنها كانت في علاقة غير شرعية مع أحد الأشخاص، نجم عنها الحمل، الأمر الذي أجبرها على وضع حد لحياتها، تفاديا للعار.

وبالرغم من أن التقرير الطبي نفى أن تكون المنتحرة حاملا، إلا أن الناس استمرت في تغيير الروايات، في سياق المس بشرف الراحلة، حيث حاولوا تحويل إشاعة “الحمل”، إلى أن المرأة كانت في علاقة غير شرعية، نجم عنها “فض البكارة”، ما دفعها لوضع حد لحياتها لتجنب “الشوهة”، وجلب العار لـ”العائلة”.

في هذا السياق، وصف أحد مقربي عائلة المنتحرة، بأن “إقدام الشخص على وضع حد لحياته، لا يقف عند رحيل الإنسان المنتحر، بل هو يستمر، حيث يتحول لعار يلحق بأسرته وربما كافة أفراد العائلة لوقت طويل، ويمكن أن ينجم عنه إطلاق ألقاب قدحية في حقهم”.

وتابع المتحدث:”قد يعتقد البعض أن الانتحار يضع حدا لمعاناته، فيلجأ إليه كخيار للهروب من أزمات الحياة، ولكن ما لا يفكر فيه، هو حجم الضرر المعنوي الذي سيلحق العائلة والأسرة فيما بعد، وسط المجتمع الذي لا يراعي مشاعر الناس، وأتمنى أن يضع أي شخص هذا الأمر في حسبانه قبل الإقدام على هذا الفعل”.

حالة انتحار أخرى وقعت في إقليم شفشاون، قبل حوالي شهرين، لشخص ثلاثيني متزوج، أب لطفلين، وُجد معلقا على شجرة بأحد الدواوير الواقعة بنواحي المدينة، لم يكن يعاني من أي اضطرابات نفسية، ولم تعرف أسباب إقدامه على وضع حد لحياته.

وكعادتهم، عملت فئة عريضة من الجيران المحيطين بهم، على نسج الروايات حول أسباب إقدامه على الانتحار، فوجهوا اتهامات لزوجته بأنها كانت تعنفه، وكان يعاني من بطشها، الأمر الذي جعله ينهي حياته، في ظل “العار” الذي يمكن أن يجلبه رفع قضيته للمحكمة أو لجمعيات العنف ضد الرجال، ما أدخل الأرملة في أزمة نفسية.

يشار إلى أن العديد من الأسر المغربية التي انتحر أبناؤها، يعانون نفسيا في ظل الشائعات التي يطلقها العديد من الناس عن أسباب إقدام الأشخاص على وضع حد لحياتهم، والتي تمس مجملها الشرف والسلوك وأحيانا “العقلية”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي