Share
  • Link copied

من لندن إلى الداخلة: الدبلوماسية تُمهد، فهل تسلك النخب طريق تجديد الفاعلين وتعزيز المشاركة؟

تمر المملكة المغربية اليوم بمرحلة مفصلية تستدعي تفعيل إرادة جماعية حقيقية لترسيخ أسس ديمقراطية حديثة، تقوم على التأويل الديمقراطي للدستور، وتجديد النخب، وتوسيع المشاركة السياسية. فالممارسة التقليدية لم تعد صالحة لزمن يتطلب قيادات مؤهلة تمتلك رؤية واضحة، وتُحسن تدبير المرحلة الحاسمة التي يعيشها المغرب.

وقد أكد جلالة الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الماضية، على ضرورة الانتقال من التدبير إلى المبادرة، ومن رد الفعل إلى الحزم والاستباق. وهي دعوة صريحة لمراجعة أساليب اشتغال النخب، وضرورة تمكين الطاقات الجديدة من قيادة التحول الديمقراطي، خاصة في الجهات الجنوبية.

في هذا السياق، يُعد اعتراف المملكة المتحدة بمخطط الحكم الذاتي المغربي نقطة تحوّل استراتيجية، تعكس النجاح المتراكم للدبلوماسية المغربية بقيادة جلالة الملك، وترسّخ مشروعية المغرب في الدفاع عن وحدته الترابية. لكنه أيضًا دعوة للداخل المغربي كي يرتقي إلى مستوى هذا الاعتراف الدولي، من خلال نخب محلية قادرة على مواكبة الإصلاحات، والاستجابة لانتظارات المواطنين.

فرغم أهمية مشروع الجهوية المتقدمة، إلا أن الواقع الميداني في بعض جهات الصحراء لا يعكس دائمًا هذه الطموحات، إذ لا تزال بعض الفئات الاجتماعية تعاني من ضعف الاستجابة لمطالبها، في ظل تأطير سياسي هش وهيمنة البُعد القبلي. وهو ما يُحتم إعادة النظر في تمثيلية النخب وتوجهاتها.

إن الرهان اليوم هو على الأحزاب السياسية لتضطلع بدورها في تجديد النخب وتأطيرها، وعلى المجالس الترابية لتعزيز الديمقراطية التشاركية، وعلى المواطن كي يكون فاعلًا لا متفرجًا. فالوحدة الترابية لا تُصان فقط عبر المواقف الدولية، بل عبر بناء جبهة داخلية قوية، قائمة على التنمية والعدالة والمشاركة.

إن مغرب اليوم بحاجة إلى نخب جديدة تُجسد روح المرحلة، وتؤمن بأن قضية الصحراء ليست فقط قضية حدود، بل قضية نموذج تنموي ومشروع مجتمعي.

*رئيس جمعية الجهوية المتقدمة والحكم الذاتي بجهة الداخلة وادي الذهب

Share
  • Link copied
المقال التالي