شارك المقال
  • تم النسخ

من تندوف إلى العيون.. هل تفقد البوليساريو السيطرة على الفارين من “الجحيم”؟

تشهد مخيمات تندوف، خلال الشهور الماضية، احتقاناً اجتماعياً متواصلاً، حيث بات العديد من الصحراويين يحاولون الفرار منها، والوصول إلى الجدار الأمني، بغيةَ العودة إلى وطنهم الأم، غير أن عصابة البوليساريو، تقفُ حائلاً، دون تمكن المغاربة المغرّر بهم، من العودة إلى المملكة، التي دعت مراراً مواطنيها، إلى الرجوع تحت شعار الملك الراحل: “إن الوطن غفورٌ رحيم”.

وتعيش المخيمات على وقع الاحتقان المتزايد في الشهور الماضية، بسبب استمرار البوليساريو في سياسة قمع واعتقال كل الأصوات المعارضة لنهجها، والتي ضاقت ذرعاً بتواصل نزاع الصحراء، مع ضبابية الأفق، في ظل تشبث جماعة الرابوني بموقفها، الذي تتبناه الدولة العسكرية الجزائرية، وتدفع نحوه؛ تقرير المصير، واستحالة تحققه، بسبب تجاوزه من طرف المجتمع الدولي.

وبالرغم من محاولة الجزائر، ومعها البوليساريو، تصدير الأزمة الداخلية، عبر إغلاق معبر الكركارات الحدودي، إلا أن تدخل الجيش المغربي المفاجئ، والذي لم تكن تتوقعه استخبارات الجارة الشرقية، تسبب في غضب عارم داخليّ، دفع جماعة الرابوني للإعلان عن انسحابها من اتفاق وقف إطلاق النار، وعودتها للقتال الميداني ضد المملكة.

وسبق للعديد من المحللين، أن اعتبروا إعلان البوليساريو الحرب على المغرب، والذي اتضح لاحقا بأنه لم يكن سوى زوبعة في فنجان، بأنه جاء فقط، _ اعتبروه _ مجرد محاولة لاحتواء الاحتقان الداخلي، الذي خرج عن السيطرة، سيما وأن تعامل أتباع إبراهيم غالي مع المحتجزين في المخيمات ممن يعارض مواقف الجبهة، دفع عدة قبائل، لتنظيم احتجاجات ضد سياسات الانفصاليين.

وترزح المخيمات تحت وطأة احتجاجات متكررة بسبب الانتهاكات المتواصلة التي تقوم بها الجبهة الانفصالية، آخرها، خروج العشرات، يوم السبت الماضي، للتظاهر ضد قيادة جماعة الرابوني، التي قامت باعتقال الناشط المعارض أحمدو ولد الغالي، بطريقة وُصفت بـ”الوحشية”، والهدف من ورائها، تصفية الحسابات، خاصة أن الشخص الموقوف، واحد من الرافضين لسياسات البولساريو.

وفي الوقت الذي يفتقر فيه سكان المخيمات لأبسط الحقوق، وأدنى متطلبات الحياة، بالرغم من أنهم يوشكون على إتمام العقد الخامس منذ التغرير بهم، واقتيادهم إلى تندوف بالجزائر، يعيش في الجهة المقابلة، المواطنون الصحراويون المغاربة في الأقاليم الجنوبية، في أفضل الظروف، لاسيما بعد الورشات الكبرى التي عرفتها المنطقة في العقدين الماضيين.

وسبق لأحمد الصلاي، رئيس جمعية الجهوية المتقدمة والحكم الذاتي بجهة الداخلة وادي الذهب، أن توجه، في تصريح لجريدة “بناصا”، بنداء إلى الصحراويين المحتجزين بمخيمات تندوف، يدعوهم فيه، إلى العودة لوطنهم الأم، وأرضهم، وعدم الانجرار وراء دعوات من لا يريد للمغرب خيراً، مشيراً إلى أن المنطقة عرفت العديدة من الأوراش الكبرى.

وتعرف الصحراء المغربية، بجهتيها العيون الساقية الحمراء، والداخلة وادي الذهب، إقلاعاً اقتصادياً غير مسبوقٍ، في ظل المشاريع الكبرى التي تعرفانها، على رأسها ميناء الداخلة الأطلسي، الذي ينتظر أن يعزز قدرات التبادل التجاري مع العمق الإفريقي، والمحطة اللوجستيكية والصناعية، الممتدى على آلف هكتار، والتي سيتم تخصيصها للصناعات البحرية والغذائية.

وجهة العيون الساقية الحمراء هي الأخرى، العديد من المشاريع الكبرى، التي تمت المصادقة عليها، سنة 2017، في إطار مخطط التنمية الحهوية، والهدف من ورائه وضع “رؤية استراتيجية للسنوات القادمة، تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، وخلق مناخ ملائم للأعمال، وتعزيز تكوين العنصر البشري، وتشجيع التشغيل الذاتي وروح المبادرة لفائدة الشباب”.

الظروف المواتية للعيش، والدعوات المتكررة، التي يطلقها مسؤولون، ومواطنون، للمحتجزين بمخيمات تندوف، بغيةَ العودة إلى أرضهم، خلقت نوعاً من اللاطمأنينة في صفوف الجبهة الانفصالية، التي باتت ملزمةً على البقاء متيقظة، لوأد أي محاولة فرار من المنطقة، لاسيما وأن هذا الأمر، تكرر عدة مرات، حتى أن قياديين بارزين في جماعة الرابوني، فرّوا صوب المملكة في الشهور الماضية.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي