مع اقتراب العدّ التنازلي لتنظيم كأس العالم 2030، الذي ستحتضنه إسبانيا والبرتغال والمغرب، تتجه أنظار كبريات الشركات التركية نحو شمال إفريقيا، حيث تشهد المملكة المغربية طفرة استثمارية نوعية استعدادًا لهذا الحدث الكروي العالمي.
فقد شرعت شركات الإنشاءات التركية في إرسال وفود إلى إسبانيا وتنظيم ورشات في البرتغال، إلا أن الاهتمام الأكبر يتركز على المغرب، حسب ما أكده عدنان أصلان، رئيس جمعية مصدّري الصلب في تركيا، الذي اعتبر أن “المغرب يشكل فرصة ذهبية للشركات التركية، في ظل المشاريع الضخمة التي تشهدها المملكة استعدادًا للبطولة”.
وفي إطار تحضيرات المغرب لاستضافة المونديال، يجري تمديد خط القطار الفائق السرعة بـ200 كيلومتر إضافي، كما يتم تشييد ملاعب جديدة، إلى جانب انطلاق مشاريع لبناء فنادق وإقامات سياحية، في مسعى لتعزيز البنية التحتية وجعل المملكة في مستوى التحدي العالمي.
واتعكس الزخم الاقتصادي الذي رافق هذه التحضيرات بشكل مباشر على التبادلات التجارية بين المغرب وتركيا، إذ ارتفعت صادرات الحديد التركي إلى المغرب من 150 ألف طن في 2024 إلى أكثر من 291 ألف طن خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2025، وفقًا لما أورد أصلان.
من جهته، صرّح جتين تِجدلي أوغلو، ممثل جمعية مصدّري المعادن والفلزات بإسطنبول، أن “الطلب المغربي المتزايد على مواد البناء والتجهيزات قد فتح آفاقًا واسعة أمام شركات الأثاث والتجهيزات التركية، التي بدأت تستكشف فرص الشراكة والتصدير”.
وفي السياق ذاته، توقع أحمد غولَتش، رئيس اتحاد مصنّعي الأثاث (MOSFED)، أن تشهد صادرات الأثاث التركي نحو المغرب قفزة نوعية، قائلًا: “نتوقع أن تتضاعف صادراتنا أربع مرات خلال سنوات 2027، 2028 و2029، لتتجاوز 250 مليون دولار”.
وبينما يحظى المغرب بالحصة الأكبر من الاهتمام، فإن السوق الإسبانية ليست بمنأى عن الاستراتيجية التركية. فقد أوضحت إيبرو أوزدمير، رئيسة مجلس الأعمال التركي الإسباني (DEİK)، أن مشاريع تجديد الملاعب أو بناء أخرى جديدة في المدن الإسبانية المضيفة لكأس العالم تشكل أيضًا فرصة مغرية لشركات المقاولات التركية، خصوصًا في ظل السمعة التي اكتسبتها هذه الأخيرة في مشاريع البنية التحتية الكبرى.
ويرى خبراء اقتصاديون أن كأس العالم 2030 لن يكون مجرد تظاهرة رياضية، بل منصة دولية لتحفيز الاستثمارات، وتنمية البنيات التحتية، وفتح آفاق جديدة أمام التعاون الاقتصادي الإقليمي والدولي. في هذا الإطار، تشكل الشراكة بين المغرب وتركيا نموذجًا للتقاطع بين الدبلوماسية الاقتصادية والحركية التجارية الميدانية.
ومع استمرار الاستعدادات، يبدو أن الطريق نحو 2030 لن يكون محفوفًا فقط بالإثارة الكروية، بل أيضًا بفرص اقتصادية واعدة ترسم معالم تعاون استثماري جديد بين أنقرة والرباط.
تعليقات الزوار ( 0 )