يعيش إقليم شفشاون، المعروف بجماله الطبيعي وسحره السياحي، مفارقة مقلقة في السنوات الأخيرة؛ إذ تحول إلى واحدة من أكثر المناطق تسجيلاً لحالات الانتحار على الصعيد الوطني، بمعدل سنوي يتراوح ما بين 30 و36 حالة، وفق تقارير غير رسمية، مما يسلط الضوء على أزمة إنسانية متفاقمة تخترق صمت الجبال الزرقاء.
ويعود هذا الارتفاع “غير المسبوق”، بحسب تعبير عدد من الفاعلين المحليين، إلى أسباب معقدة ومتشابكة، تجمع بين هشاشة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتفشي الاضطرابات النفسية، خاصة في أوساط الشباب.
ويزداد الوضع سوءًا مع محدودية العرض الصحي النفسي في الإقليم، خصوصاً في المناطق القروية والجبلية التي تعاني من ضعف في البنيات التحتية الصحية ونقص حاد في الأطر المختصة.
وفي هذا السياق، وجهت النائبة البرلمانية سلوى البردعي عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية سؤالاً كتابياً إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، حول “دواعي ارتفاع نسبة الانتحار بإقليم شفشاون”، مطالبة بالكشف عن الإجراءات التي تعتزم الوزارة اتخاذها من أجل الحد من هذه الظاهرة المقلقة، لاسيما في شقها الوقائي والنفسي.
كما تساءلت البرلمانية ذاتها عن مدى وجود برامج أو شراكات مرتقبة مع المجتمع المدني لتعزيز الصحة النفسية في الإقليم، مشيرة إلى بعض المبادرات المدنية المهمة كحملة “شباب ضد الانتحار”، التي تحاول دق ناقوس الخطر وتوفير فضاءات آمنة للنقاش والدعم.
ويرى متتبعون أن معالجة هذه الظاهرة تتطلب مقاربة شمولية، تجمع بين الوقاية، والتكفل النفسي، ومحاربة الهشاشة الاجتماعية، إلى جانب خلق فرص للشغل وإدماج الشباب في محيطهم السوسيوثقافي، مشددين على أن “الانتحار ليس قراراً لحظياً، بل نتيجة لتراكمات نفسية واجتماعية كان من الممكن تفاديها بتدخل مبكر وفعّال”.
ويبقى السؤال المطروح بإلحاح: هل تتحرك الجهات المسؤولة قبل أن تتفاقم الظاهرة أكثر، ويخسر الإقليم مزيداً من أرواح أبنائه؟
تعليقات الزوار ( 0 )