في خطوة تعكس التقدم المستمر في تحديث القدرات الدفاعية البحرية للمغرب، تواصل شركة “نافانتيا” الإسبانية بنجاح بناء السفينة الحربية المتعددة المهام “أفانتي 1800” لفائدة البحرية الملكية المغربية، رغم ما شاب العلاقات بين الرباط ومدريد من توتر سياسي في السنوات الأخيرة.
فقد أفادت تقارير صادرة يوم 29 أبريل 2025 عن منصة “ديفانس أطلس” أن وتيرة إنجاز سفينة الدورية الساحلية من طراز “أفانتي 1800″ تمضي بخطى ثابتة في ورشات بناء السفن التابعة لـ”نافانتيا” بمدينة سان فرناندو (قادس)، بعد أن تم وضع العارضة الأولى في شتنبر 2024، عقب حفل قطع الفولاذ في يوليوز 2023.
ومن المرتقب تسليم السفينة في منتصف عام 2026، في إطار صفقة تبلغ قيمتها نحو 260 مليون يورو، وتشمل خيارات لاقتناء سفينتين إضافيتين مستقبلاً.
وتعود جذور المشروع إلى يناير 2021، حين وُقّع عقد البناء، غير أن تنفيذ الصفقة عرف تأخيرات بسبب الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا عقب استقبال مدريد لزعيم “البوليساريو” إبراهيم غالي للعلاج بهوية مزورة، ما فجّر توتراً عميقاً.
ومع استئناف العلاقات في 2022، إثر دعم إسبانيا لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، عادت عجلة التعاون لتدور، بما في ذلك توقيع قرض تمويلي بقيمة 92 مليون دولار من بنك “سانتاندير” الإسباني لدعم المشروع.
وتعد السفينة “أفانتي 1800” من الجيل الحديث لسفن الدورية القتالية، صممت خصيصاً لحماية المنطقة الاقتصادية الخالصة، وتنفيذ مهام المراقبة، الحرب السطحية والجوية، فضلاً عن الحرب الإلكترونية.
وبطول يقارب 89 متراً وعرض يتجاوز 13 متراً، تزن السفينة أكثر من 2,000 طن، وتتميز بقدرة إبحار تصل إلى 26 عقدة وبمدى يصل إلى 4,000 ميل بحري، ما يؤهلها لتنفيذ مهام طويلة الأمد بكفاءة تشغيلية عالية وتكلفة تشغيلية منخفضة.
كما تتوفر السفينة على سطح مخصص لمروحيات يصل وزنها إلى 10 أطنان، وحظيرة للطائرات من دون طيار، بالإضافة إلى زورقين سريعين بطول 8 أمتار.
وعلى مستوى التسلح، يُرتقب أن تزود بمنظومة نارية متقدمة تشمل مدفعاً رئيسياً عيار 76 ملم، مدافع ثانوية، رشاشات ثقيلة، صواريخ أرض-جو، صواريخ مضادة للسفن، ونظام صواريخ “رام” للدفاع الجوي.
وتعتمد “أفانتي 1800” على تصميم معياري يتيح إدماج أنظمة قتالية متطورة بسهولة، مع مراعاة تقنيات التخفي لتقليص البصمة الرادارية والحرارية.
ومن المرتقب أن تزود برادار ثلاثي الأبعاد للمراقبة الجوية والبحرية، ونظام تحديد الهوية، وسونار متعدد الاستخدامات، وأنظمة دعم ومواجهة إلكترونية، إضافة إلى منصات توجيه نارية إلكترونية-بصرية.
ويُتوقع أن تعتمد المغرب على مزودين أوروبيين أو إسرائيليين لتزويد السفينة برادارات “أيسا” وصواريخ “باراك” و”هاربون”، مما يفتح المجال أمام مستوى عال من الفعالية والردع في بيئة بحرية متغيرة ومعقدة.
وتأتي هذه السفينة ضمن رؤية شاملة لتحديث القوات البحرية المغربية، والتي سبق أن شملت اقتناء فرقاطة “محمد السادس” من طراز FREMM من فرنسا، وثلاث كورفيتات من طراز SIGMA من هولندا خلال العقد الماضي. ومع دخول “أفانتي 1800” الخدمة، ينتظر أن تحل محل الفرقاطة “العقيد الرحمني” من صنف “ديسكوبيرتا” الإسبانية.
كما أن المشروع يشكل دفعة قوية للصناعة الدفاعية الإسبانية، إذ سيوفر أكثر من مليون ساعة عمل، ويخلق حوالي 1100 فرصة شغل مباشرة وغير مباشرة على مدى ثلاث سنوات ونصف.
ورغم ما طبع العلاقات بين البلدين من فصول توتر، يبدو أن المصالح الاستراتيجية، خصوصاً في مجالات الأمن والدفاع، تعيد رسم مسار الشراكة بين الرباط ومدريد.
ويُرتقب أن تعزز “أفانتي 1800” من قدرة المغرب على حماية سواحله وموارده البحرية، وعلى التدخل الفعال في الأزمات الإقليمية، في ظل بيئة أمنية متقلبة وتهديدات بحرية متنامية.
تعليقات الزوار ( 0 )