في واقعة غير معتادة، قام باشا وأعوان السلطة بإرغام مجموعة من الأساتذة والأستاذات المنتمين للتنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، وزملائهم المنضوين تحت لواء “تنسيقية حامي الشهادات”، على مغادرة الفنادق التي قرّروا المبيت فيها، ليلة أمس، استعداداً لاستكمال البرنامج النضالي الذي سطروه.
وقال مصدر موثوق، في تصريح لجريدة “بناصا”، إن رجال السلطة، يتقدمهم الباشا، قاموا بمطالبة عدد من الأساتذة والأستاذات، من المتعاقدين، وحاملي الشهادات، بمغادرة الفنادق التي حجزوها للمبيت ليلة أمس، كما وجه أوامر صارمة لعدد من الفنادق الأخرى، بتجنب استقبال أفراد الأسرة التربوية.
وفي هذا السياق، قال عبد الله قشمار، وهو أستاذ متعاقد، إن واقعة “طرد الأساتذة من غرفهم التي حجزوها بالفنادق على مستوى باب الحد والمحيط بالرباط، فضيحة وكارثة تؤكد تراجع الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان بالمغرب”، مضيفاً أن الأمر يعدّ “انتهاكا للفصل 24 من الدستور المغربي الذي يمنح حق التنقل لجميع الأفراد”.
وشدد قشمار في تصريح لجريدة “بناصا”، على أن “هذا السلوك الذي نهجته السلطات المحلية لا يمكن لأي شخص عاقل تقبله، وهو نفس التصرف الذي أقدمت عليه السلطات بمجموعة من المدن، فبجرسيف تم منع الأساتذة من صعود القطار فيما تم إنزال الأساتذة من الحافلة بعد خروجها من مدينة أسف”، مختتماً: “لقد أصبحت اليوم مهنة رجل تعليم، تهمة يحاسِبُ عليها رجال السلطة”.
ومن جانبه علّق عبد الوهاب السحيمي، على الواقعة بالقول في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “باشا وأعوان السلطة يقتحمون الفنادق على الأستاذات في الرباط، ويرغمونهن على مغادرة غرفهن وتوقيع وثائق دون الاطلاع على مضمونها”، متابعاً: “هادشي تجاوز الحدود. فين غادي تمشي الأستاذة في هذا الوقت من الليل؟”.
وأردف الفاعل التربوي، وعضو المجلس الوطني للتنسيقية الوطنية لموظفي وزارة التربية الوطنية حاملي الشهادات، الذين يخوضون بدورهم، اعتصاما أمام مقر الوزارة، للمطالبة بالتزام الأخيرة بما جرى الاتفاق عليه معها في الـ 21 يناير 2020، بأن السلطات لم تكتف بـ”القمع الذي تعرضنا له منذ الـ 11 صباحاً، فانتقلوا إلى إفراغ الأساتذة والأستاذات من غرفهن في وقت متأخر من الليل”.
واسترسل السحيمي: “هادشي كامل، باش يمنعونا على مواصلة الاعتصام والاحتجاج”، مضيفاً: “عيينا نقولوا ليهم راه هاد الاساليب لن تجدي نفعاً، ونذكرهم بأنه على مر التاريخ لم يسبق للقمع أن كان حلاً وندعوهم بأن يأتونا ولو بقضية واحدة حلها القمع والتنكيل”، مختتماً تدوينته: “لكن، للأسف، لا حياة لمن تنادي”.
وعن هذا الموضوع، قال عبد الرزاق بوغنبور، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان سابقاً، في تدوينة شديدة اللهجة، نشرها على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، إن “الدولة البوليسية: تفرض على فنادق مدينة الرباط عدم إيواء الأساتذة من أجل إفشال مسيرتهم”.
واعتبر بوغنبور، المنسبق السابق للائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، أن “منع نساء ورجال التعليم من البميت ليلاً بفنادق الرباط، بعد تعنيفهم نهاراً جريمة تقتضي من الأحزاب والنقابات فتح مقراتها لإيوائهم ومن المنظمات الحقوقية دعم نضالاتهم السلمية، وإلا فنحن فعلاً أمام دكاكين…”، على حدّ تعبيره.
وفي سياق متّصل، كانت القوات العمومية، قد تدخلت من أجل تفريق الاعتصام الذي يخوضه حاملو الشهادات، حيث علّق عبد الوهاب السحيمي على الأمر بالقول: “في اليوم العالمي لوقف تعسف الشرطة (15 مارس)، نتعرض لأبشع عنف من طرف عناصر الشرطة وعموم قوات التدخل، اليوم، بالرباط”.
وأشار السحيمي في تدوينة على حسابه بـ”فيسبوك”، إلى أن “أستاذات وأساتذة يحملون شهادات جامعية عليا، حضروا من مختلف مناطق المغرب إلى الرباط في وقت مخصص للعطلة والراحة، لمطالبة وزارة التربية الوطنية بشكل سلمي وحضاري، بالالتزام باتفاق 21 يناير 2020 في ملف حاملي الشهادات، فتعرضنا، للأسف الشديد، لمختلف أنواع القمع من ركل ورفس وسحل.. أما السب والشتم، فحدث ولا حرج”، حسبه.
ونبه إلى أن التدخل موثق بالصوت والصورة في العشرات من مقاطع الفيديو، مردفاً: “دبا أنا موظف وزارة التربية الوطنية، قريت في الجامعة المغربية العمومية، وحصلت على شهادة عليا بعد سنوات من الجد، ويتم تكليفي بها للتدريس في سلك غير سلكي الأصلي، وعندما أطالب بحقي في تغيير الإطار على غرار زملائي السابقين، تشطب بي الأرض في شوارع الرباط”.
يشار إلى أن المنظومة التربوية في المغرب، تعيش احتقاناً غير مسبوق في تاريخها، بسبب دخول أغلب مكوناتها في احتجاجات ضد الوزارة الوصية، على رأسهم “حاملو الشهادات”، و”الأساتذة المدمجون فوج2007″، و”الزنزانة10″، و”خريجو السلم التاسع”، و”المتعاقدون”، وأيضا “المتصرفون التربويون”.
تعليقات الزوار ( 0 )