قاد انتشار فيروس كورونا في أغلب دول العالم إلى اتخاذ مجموعة إجراءات استثنائية سريعة لاحتواء الوباء، وتزامن هذا مع مفاهيم ذات دلالات مختلفة استخدمها السياسيون والإعلام، فما هي هذه المفاهيم وماهي دلالتها ؟
1- حالة الطوارئ أو حالة الطوارئ الصحية العامة
يختلف هذا المصطلح من دولة إلى أخرى ، ويتم عادة الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية على مستويين؛ مستوى الأمم المتحدة، وعلى المستوى الداخلي في كل دولة.
ولهذا، فإن آلية تطبيقها تختلف بناء على النصوص القانونية لكل دولة، ولكن القاسم المشترك ان هذا الإجراء يساعد الحكومات على ضخ المزيد من الموارد المالية والدعم إلى القطاع الصحي.
ويتم الإعلان عن “حالة الطوارئ” في الدول وفق شروط صارمة، مثل وجود أمر يهدد الأمن القومي، وفي هذه الحالة “الأوبئة”، كما يذكر احد الخبراء مؤكداً أن الإعلان ملزم بفترة زمنية لا تتجاوز الشهر.
وبمجرد الإعلان عن حالة الطوارئ فإن الدول توقف العمل بالقانون العادي وتستعمل قواعد قانونية استثنائية، باستثناء المادة التي تتحدث عن حالة الطوارئ، ومن صلاحياتها تقييد حرية وحركة المواطنين بالحد اللازم لمواجهة سبب الإعلان، ما قد يشمل الاعتقال في حالة مخالفة القوانين ومنع التجول، وإمكانية الاستعانة بالجيش والقوات العسكرية.
والإجراءات في حالة الطوارئ تختلف بين الدول و تتضمن فروقات فنية إجرائية، مثل إمكانية تجديد فترة الطوارئ، وتتولى الحكومات إدارة حالة الطوارئ.
وتعتمد دول عدة في هذه الحالة على قانون مكافحة الوباء ، مثل ألمانيا التي تخضع حالياً لقانون الحماية من الوباء لعام 2001، والذي يفرض قيوداً مشددة على حرية الأفراد وحقوقهم، كحرية التنقل والتجمع، وحرمة المنزل. بالإضافة إلى وضع قائمة بأسماء المتقاعدين من الأطباء والعاملين في المجال الصحي، واستدعائهم للعمل، إن لزم الأمر.
أما إن قررت الحكومة الاتحادية الألمانية إعلان حالة الطوارئ ،فإن هذا يعني قيوداً كبيرة على الحقوق الأساسية، وقد يؤدي إلى إلغاء سرية المراسلات، والحرمان من حرية التنقل، وتولي الحكومة الاتحادية السيطرة التشغيلية ونشر الجيش الألماني داخلياً.
أما حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها من منظمة الصحة العالمية، فهي عادة تهتم بالأوضاع الصحية ذات الاهتمام الدولي، كما هو الحال مع فيروس كورونا، حينما أقرته المنظمة كوباء عالمي.
وبناء على قواعد الإعلان المنظم للصحة العامة 2005، فإن هذا إلزام قانوني للدول من أجل الاستجابة الفورية لإعلانات طوارئ الصحة العامة. وتكمن أهميته في تسريع تطوير اللقاحات والعلاج، ودفع الدول إلى اتخاذ تدابير صحية لمنع انتشار المرض، وللحد منه.
2-حظر التجوال
يقصد به منع حركة المواطنين في منطقة معينة أو في بلد معين ضمن فترة زمنية معينة، ويتزامن عادة مع إعلان حالة الطوارئ، وتختلف حدته بناء على طبيعة درجة خطورة الطارئ، والدولة المنفذة.
وقد أعلنت دول عدة حظر التجول خلال الفترة الأخيرة، من بينها إيطاليا وفرنسا وإسبانيا، أما على المستوى العربي فإن تونس والأردن ومحافظات عراقية اتخذت هذا الإجراء للحد من انتشار الفيروس.
أما في ألمانيا فإن ولاية بافاريا، وبعد إعلانها حظر التجول، أعلنت عن قرارها بتقديم غرامة للمخالفين قد تصل حتى 25 ألف يورو، وتهدد كل من يخرج لسبب غير وجيه.
3- الحجر/ العزل الصحي
انتشر المصطلحان مؤخراً في الإعلام في إشارة إلى الإجراءات الطبية للتعامل مع حالات كورونا، ويتم التفريق بين الحجر والعزل على المستويين اللغوي والقانوني كما التالي:
ا- الحجر الصحي هو “عزل صارم مفروض لمنع انتشار المرض”، كما تذكر القواميس الطبية، ويتم اتخاذ هذا الإجراء في محاولة للسيطرة على المرض والوقاية منه، مما يعني أنه يتم على أشخاص قد يحتمل تعرضهم للمرض، ولكن دون ظهور الأعراض عليهم، كالمسافرين القادمين من دول موبوءة، أو ممن خالطوا مريضاً،
ويندرج تحتها الحجر الصحي الذاتي أو الطوعي، والذي يقوم به الأفراد في منازلهم وبشكل اختياري، وقد تم استخدام هذا الإجراء في القرن الثالث عشر على السفن الإيطالية في محاولة لدرء الطاعون.
وقد أفردت بعض الدول قوانين خاصة للحجر الصحي، تزامناً مع انتشار كورونا، فقد أعلنت تونس على سبيل المثال عقوبات للمشتبه بإصابتهم بالمرض ولم يمتثلوا للإجراءات الوقائية التي فرضتها وزارة الصحة. وفي روسيا فإن البرلمان أعلن عن استعداده تبني قانون يفرض المسؤولية على من يهرب من الحجر الصحي في ظروف انتشار فيروس كوفيد -19.
أما في الأراضي الفلسطينية، فهي تخضع لقانون الحجر الصحي والذي فرض عام 1992، ويعاقب بموجبه المخالفين بالحبس لمدة شهر وغرامة مالية.
ب- العزل الصحي: يشار في هذا المصطلح إلى الإجراء الذي يهدف إلى عزل فرد أو مجموعة عن الباقي، وفي السياق الطبي، فإنه يعني الانفصال التام لشخص يعاني من مرضٍ معدٍ. ووفقاً لمركز السيطرة على الأمراض الأمريكي فإن ممارسة العزلة تستلزم فصل المصابين بمرض معدٍ عن الآخرين، وقد يكون العزل طوعياً أو مفروضاً حسب اللوائح القانونية في كل بلد.
3- التباعد الاجتماعي
يندرج هذا المصطلح تحت النصائح المتعلقة في التعامل مع الأمراض المعدية، وتشير القواميس الطبية إلى أن المصطلح يشمل التدابير التي تقلل من الاتصال بين الناس، وغالباً ما يشمل التجمعات الكبيرة مثل: المؤتمرات، والصلوات الجماعية، والاحتفالات.
ويندرج تحته العمل من المنزل، وتقييد النقل الجماعي والسفر، وقد اتخذت أغلب الدول حالياً هذه التدابير كجزء من إعلان حالة الطوارئ، وللتخفيف من انتشار العدوى بالمرض.
ويوصي مركز السيطرة على الأمراض ومنظمة الصحة العالمية بضرورة الحفاظ على مسافة مترين بين الأشخاص أثناء القيام بالحاجيات اليومية.
تعليقات الزوار ( 0 )