شارك المقال
  • تم النسخ

معركةُ “القاسِم الانتِخابِي”.. بين رابحٍ ومتضرّرٍ وضربةٍ قاتِلة يتخَوّفُ مِنها الـPJD

يسود بالمشهد السياسي المغربي نقاش واسع بين التنظيمات الحزبية حول مجموعة من القوانين، من أبرزها، كيفية اعتماد القاسم الانتخابي، الذي قَسَّم الأحزاب إلى فريقين، فريق أصرَّ على احتساب القاسم الانتخابي بناء على قاعدة عدد المسجّلين في اللوائح الانتخابية، أي على عدد الأصوات المعبّر عنها وهو الغالب.

بينما تشبث حزب العدالة والتنمية الذي يترأس الحكومة وعبّر عن رفضه لهذا الاقتراح، الذي يُخالف في نظره “المقتضيات الدستورية والمنطق الانتخابي السليم”، مؤكداً على احتساب القاسم الانتخابي بناء على قاعدة الأصوات الصحيحة بعد خصم الأصوات الملغاة.

الفرق بين الطريقتين

وفي هذا الصدد، أوضح أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية محمد زين الدين، في تصريح لجريدة “بناصا”، أن “هناك فرقٌ بين احتساب القاسم عن طريق عدد الأصوات المعبر عنها، واحتسابه عن طريق عدد المسجلين في الانتخابات، فهذا الأخير يكون عدده كبيرا جدا وبالتالي قسمته على عدد الدوائر، يعطينا قاسم انتخابيا مرتفعا، حيث يصعب على أي حزب سياسي أن يضاعف القاسم الانتخابي.

وأضاف زين الدين أن “احتساب عدد المصوتين فقط هنا يكون من الصعب مضاعفة القاسم الانتخابي بالنسبة للأحزاب الصغرى وهذا ما حصل في استحقاقات الماضية، وكان  لصالح الأحزاب الكبرى والتي لاحظنا أنها استطاعت أن تضاعف القاسم الانتخابي مرتين، خاصة في المدن الكبرى كالدار البيضاء والرباط وفاس ومراكش، وطنجة.”

وأوضح المحلل السياسي، أنه “إذا ما تم اللجوء إلى احتسابه عن طريق عدد المسجلين فسيكون القاسم كبيرا، ويستحيل على أي حزب أن يضاعف القاسم الانتخابي، حيث سيحصل كل حزب سياسي على مقعد انتخابي، وبالتالي حتى الأحزاب الصغرى ستستفيد من المقاعد المتبقية”.

أسلوب تقني بحمولة سياسية

وأكد زين الدين أن “هذا الأمر هو أسلوب تقني لكن يحمل بين طياته حمولة سياسية من شأنها أن تأثر على العملية الإنتخابية،  فإذا أخدنا على سبيل المثال حزب العدالة والتنمية أو الأصالة والمعاصرة أو التجمع الوطني للأحرار سيكونون متضريين بشكل أو بآخر في حالة اعتماد عدد المسجلين في الانتخابات، لأن بإمكانهم أن يضاعفوا المعامل الانتخابي وبالتالي ستضيع ما بين 20 أو 30 بالمائة من المقاعد بالنسبة لهذه الأحزاب.

ومن جانب آخر، أبرز زين الدين “أنه إذا لاحظنا الاستحقاقات الماضية فحزب العدالة والتنمية كان يضاعف القاسم الانتخابي أو المعامل الانتخابي في العديد من المدن  كالدار البيضاء والرباط و مراكش وطنجة، ففي حالة تطبيق هذه المسألة سيكون معدل ضياع مقاعده مثلا بالبيضاء ما بين 6 إلى 8 مقاعد، والمجموع ما بين 20 و 30 بالمائة التي ستضيع بالنسبة للأحزاب الكبرى.

الضربة القاتلة

وفي السياق ذاته، قال زين الدين، إن ” كل نمط اقتراع هو نمط تقني يحمل بين طياته مضاعفات سياسية، وإذا أخذنا تأثيرات ذلك لدى الأحزاب الكبرى، وعلى رأسها حزب العدالة والتنمية الذي استنفذ شعبيته، وبالتالي في حالة اعتماد هذا الأسلوب من الاقتراع سيؤثر ذلك سلبا عليه وسيحصد نتائج متدنية، في الاستحقاقات القادمة”.

واعتبر زين الدين أن “يوجد عاملين سيضعفان حزب العدالة والتنمية بشكل كبير، فالأول محقق وهو تدني  شعبيته بفعل ممارسته لتدبير الشأن العام، وما خلفته من تذمر لدى فئات واسعة ما سيقلص من حظوظهم، والثاني هو ما إذا تم اعتماد عدد المسجلين في الانتخابات لاحتساب القاسم الانتخابي، و هو الأمر الذي سيشكل له “الضربة القاتلة” له ، ولذلك يتشبث الحزب بهذا الرفض، رغم كونه رفضا “غير منطقي” نظرا لعدم وجود تنصيص صريح في النص الدستوري على ضرورة اعتماد نمط معين.

منطق التوافق والتراضي

ومن جهة أخرى زين الدين، بيَّن أن “هذه الخلافات هي خاضعة لمنطق التوافق بين مختلف الأحزاب السياسية، وفي هذا الصدد لا نحتكم لمنطق الأغلبية في علاقته مع المعارضة، بل نحتكم لمنطق توافقي، خاصة وأن هناك أحزاب من داخل الأغلبية تطالب باعتماد عدد المسجلين في الانتخابات في احتساب القاسم الانتخابي، كالاتحاد الاشتراكي والأحرار، لهذا فالمنطق الذي ينبغي أن يسود في تبني التعديلات في المنظومة الانتخابية هو منطق التراضي والتوافق”.

حياد إيجابي

وذكَر أستاذ العلوم السياسية، أنه “خلال المشاورات بين الأحزاب تم الاتفاق على العديد من النقط، وهذه مسألة تتم بين الأحزاب ولحد الآن نلاحظ حيادا إيجابيا في تعاطي وزارة الداخلية مع هذه مقترحاتها، ولا تحشر نفسها في هذه المسائل الخاصة بالأحزاب مع بعضها البعض.”

نقاط عالقة

وأبرز المتحدث أن “هناك بعض النقط العالقة ومن بينها مسألة القاسم الانتخابي واللائحة الوطنية للشباب واللائحة المتعلقة بمغاربة الخارج..، والتي ستتم مناقشتها في المشاورات القادمة بين الأحزاب السياسية ووزارة الداخلية”، مؤكدا على أن في هذا النوع من القضايا جرت العادة أن يكون نوع من الشد والجذب بين مخلف الفرقاء السياسيين.”

وأضاف أنه في “مختلف الاستحقاقات الماضية كنا نلاحظ أن هناك نوع من الرفض، فهذه ليست أول مرة، فمثلا وقع رفض بخصوص نظام العتبة حيث كان هناك من يطالب بـ10 بالمائة وهناك من كان يطالب بـ8 بالمائة، وفي النهاية كان يقع نوع من التوافق”.

موضحا كذلك أنه “أكثر من ذلك وفي حالات كثيرة تدخل جلالة الملك وقال أن “المنطق الذي يجب أن يسود هو ليس منطق الأغلبية في مواجهة الأقلية بل هو منطق التوافق والتراضي” على أساس أن العملية الانتخابية أو القوانين الانتخابية هي قوانين مؤطرة لجميع الأحزاب السياسية كبيرها وصغيرها”.

الديمقراطية تفرض توافقات نسيبة

وشدد زين الدين، على أنه “بمجرد الدخول للمعترك السياسي يجب قبول منطق التوافق النسبي، على اعتبار أنه في الديمقراطية ليس هناك توافقات مطلقة، ودائما هناك توافقات نسبية، وبالتالي فالبحث عن حلول وسطى بين مختلف الفرقاء هو ما تتوصل إليه الأحزاب السياسية في نهاية المطاف، ويكون الرهان الأساسي هو محاولة تحسين وضعية كل حزب سياسي في الاستحقاقات القادمة”.

وبيّن أستاذ القانون الدستوري، أنه “في حالة عدم التوافق هناك مخارج دستورية وقانونية متعددة، أولها المشاورات الموسعة والتي هي في بداياتها، والتي غالبا ما ستسفر عن توافق، ورغم اعتراض حزب معين سيتم التوصّل إلى توافق نسبي، وفي حالة وقوع عكس ذلك، أي عدم التوافق يمكن اللجوء إلى التحكيم الملكي،من أجل البث في هذا النوع من النزاع”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي