أثارت مشاركة “أعوان السلطة”، في فض الاحتجاجات التي نظمها الأساتذة المتعاقدون في العاصمة الرباط، الجدل في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر الأمر، خرقاً واضحاً للقانون الذي يعتبر “المقدم”، مواطناً متعاونا مع السلطات فقط، ولا يتيح له التدخل في فض المظاهرات.
وأظهرت مقاطع الفيديو التي وثّقت لحظة تدخل القوات العمومية والسلطات المحلية، لفض الاحتجاجات التي نظمتها “التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد”، مشاركة مجموعة من أعوان السلطة في الأمر، وقيامهم بضرب أفراد الأسرة التربوية، على شاكلة قوات حفظ النظام والقوات المساعدة الحاضرة.
وتعليقاً على واقعة مشاركة “أعوان السلطة” في فضّ الاحتجاج، قال عبد الرزاق بوغنبور، الناشط الحقوقي، والرئيس السابق للعصبة المغربية لحقوق الإنسان: “لمن صفقوا أمس مع بداية الجائحة لأعوان السلطة (مقدمين وشيوخ)، وللقيادة حورية وباقي اللائحة الطويلة، لقد شجعتم الاستبداد على أن يوسع اختصاصاتهم زمن الجائحة وما بعدها”.
وأضاف منسق الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان سابقا، في تدوينة على حسابه بـ”فيسبوك”: “من منح رخصة التنقل الاستثنائي وما شابها من تلاعب وتدبير عملية التلقيح، إلى توزيع اللكمات على الأحرار وسحلهم واليد الطولى في تفريق المظاهرات العمومية وإيقاف المحتجين”، متابعاً: “كل الشجب والتنديد بهذا الانحدار والانزلاق نحو الهاوية والسلطوية الفجة !!”.
ومن جهته، قال الناشط خميس بوتكمونت: “المشكل ليس في صفعة عون سلطة لأستاذ، المشكل في المرجعية التي استمد منها الثقة لفعل ذلك دون خوف وتوجس.. المشكل في من وفر له جو اليقينية والوثوق من عدم تعرضه للمحاسبة..”، مسترسلاً: “المشكل في التكوين الذي صنع هذا المقدم الذي شعر أنه أقوى من أستاذ، وأنه أتيحت له إمكانية أن يكون أداة عقاب وله وظيفة ردعية”.
وأوضح بوتكمونت في تدوينة على حسابه بـ”فيسبوك”: “المشكل في المستقبل الذي تتكرس فيه هيمنة أعوان السلطة والمخازنية على ما دون سواهم الذين يفوقونهم تحصيلا علميا ومعرفة وتأهيلا..”، مشدداً على أنه “لا يمكن أن يكون هذا المستقبل إلا بتربة الاستبداد والسلطوية والتسلط، ويصير فيه السحل واللطم واجبا وطنيا ومهمة، ويمارَس بالاستناد على شرعية الدولة وبحماية منها”.
وخلص الناشط ذاته، إلى أن أعوان السلطة “يضربون ويصفعون لأنهم يعتقدون أنهم هم الدولة، وأن التصرفيق مهمة مندرجة ضمن خانة المهام والواجبة..”، قبل أن يختتم بوتكمونت تدوينته بالتساءل: “إذا كان عون السلطة له حق الصفع واللطم والركل والسحل جهراً، فتخيل ما بمقدور السلطة التي يعينها أن تفعله؟!”، على حدّ قوله.
ومن جانبها استنكرت تنسيقية أعوان السلطة بالمغرب، مشاركة “المقدمية” في فضّ احتجاجات الأساتذة المتعاقدين، معتبرةً بأن الأمر يعد عنفاً ممارساً من طرف مواطنين مدنيين على آخرين مثلهم، دون أي نص قانوني يخوّل لهم القيام بهذا، مجددةً في الوقت نفسه، دعوتها على لسان عضوها أيوب عالي، إلى محاسبة الإدارة التي دفعت مواطنيها للقيام بهذا الأمر.
وقال عالي، عضو تنسيقية أعوان السلطة بالمغرب، إن “تدخل أعوان السلطة ضد المواطنين عمل تستنكره التنسيقية”، معتبراً أنه “عنف يمارس من مواطن ضد مواطن دون تشريع قانوني، لأن الدولة وأشخاصها المعنويين هم من يحتكر ممارسته في حدود القانون، وأي إدارة تزج بمواطنين مستخدمين بنظام سخرة للقيام بهذا، يجب أن يتم مساءلتها”.
وأضاف عالي، في تصريح لـ”بناصا”، وهو عون سلطة معزول “تعسفياً” منذ وقفة 2015 بالرباط، بأن عون السلطة، هو “مواطن يقدم خدمات للإدارة، واستخدامه في مثل هذه التدخلات دون قانون أو تكوين يحميه هو زجّ بمواطنين مدنيين دون أي صفة قوة عمومية ليمارسوا عنف ضد مواطنين”، منبهاً إلى أنه “حتى قطعة القماش التي يضعونها على أيديهم، ليس لها أي سند أو تعريف قانوني”.
واعتبر عالي في حديثه للجريدة، بأن هذا الأمر خطير، ولابد من “الأحرار والحقوقيين الوقوف عنده”، مسترسلاً بأن “ترك أعوان السلطة بهذه الوضعية الإدارية المجهولة؛ بدون قانون أساسي، ودون هيكلة تنظيمية وتكوين، ودون رقم تأجير، سيبقي هذا الجهاز كما يراد له أن يكون، صمام أمان والباب الخلفي لعودة سنوات الرصاص”، حسبه.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن عون السلطة، بوضعيته الحالية، “هو عبد محكوم من طرف القائد المباشر، قد يوقفه عن العمل بجرة قلم ودون أبسط مقومات العدالة الاجتماعية، وبالتالي فإن وضعه الحالي عرفي تابع للقائد، ولابد من أن يتحرر من العرف نحو القانون المكتوب، والتوظيف بمعايير مماثلة لجميع الموظفين في القطاعات الحكومية الأخرى”.
تعليقات الزوار ( 0 )