Share
  • Link copied

مزايدات أم حقيقة؟ انتقادات للحكومة الإسبانية بسبب “الاختلال الكبير” في علاقاتها مع المغرب

نشر الصحافي الإسباني فرناندو راموس، مقال رأي لاذع في موقع “La Región”، انتقد فيه ما وصفه بـ”الاختلال الكبير” في العلاقات الثنائية بين إسبانيا والمغرب، معتبرًا أن الرباط تستفيد بشكل مفرط من هذه العلاقة، فيما تتحمّل مدريد الكلفة المالية والسياسية.

سبتة ومليلية، والمغرب

راموس افتتح مقاله بالإشارة إلى تصريحات وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، التي قال فيها إن العلاقات مع المغرب “تمر بأفضل حالاتها”. وعلّق الصحافي على هذا التصريح بلهجة ساخرة، قائلاً إن هذه التصريحات كان ينبغي أن تُدلى أمام الخريطة الرسمية للمغرب المعروضة في سفارته بمدريد، والتي تتضمن سبتة ومليلية والصحراء الغربية، ما يشكل، بحسب الكاتب، تناقضًا صارخًا مع الموقف الإسباني الرسمي في المحافل الدولية.

بيدرو سانشيز… الرجل المغرب المفضل

انتقد راموس تغيير رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز لموقف بلاده من قضية الصحراء، معتبرًا أنه تراجع بشكل أحادي عن الموقف التقليدي للحزب الاشتراكي المؤيد لحق تقرير المصير. وأشار إلى أن الصحافة المغربية المقربة من القصر الملكي تُصرّ على أن استمرار سانشيز في الحكم يخدم مصالح المغرب.

فاتورة صحية وسياسية مرتفعة

خصص الكاتب جزءًا كبيرًا من مقاله لما وصفه بـ”التكلفة غير المتكافئة” لاتفاقية الضمان الاجتماعي بين البلدين، مشيرًا إلى أن إسبانيا تدفع سنويًا مبالغ ضخمة مقابل الرعاية الصحية التي يتلقاها المواطنون المغاربة المقيمون في المغرب والمسجّلون في النظام الإسباني.

ولتعزيز مزاعمه، عاد الكاتب إلى تقرير لديوان المحاسبات الإسباني صدر قبل أكثر من 15 سنة، وبالضبط في سنة 2009، وصف الاتفاقية بأنها “مرهقة اقتصاديًا” لإسبانيا. كما لفت إلى أن مدريد لا تسترد شيئًا مقابل الرعاية التي تُقدَّم للإسبان المقيمين أو العاملين في المغرب، وهو ما يزيد من اختلال التوازن.

أزمة القاصرين المغاربة والاندماج الثقافي

أبرز المقال أيضًا قضية القاصرين المغاربة غير المصحوبين بذويهم، وارتفاع نسبتهم إلى 67% من مجموع القاصرين تحت الرعاية في إسبانيا، وخاصة في إقليم كتالونيا. كما انتقد برنامج تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية في المدارس الإسبانية، معتبرًا أنه يُرسخ مرجعية دينية وثقافية مغايرة لهوية الدولة المضيفة، في إشارة إلى التركيز على تدريس القرآن.

تحذير من تغيّر ديموغرافي محتمل

ختم فرناندو راموس مقاله بالإشارة إلى ما اعتبره تحولًا ديموغرافيًا محتملًا في إسبانيا، مع تزايد عدد العائلات المسلمة، مقارنة بتراجع الولادات في أوساط الإسبان. واستند في تحليله إلى ما ورد في كتاب “مائة سؤال عن الإسلام” للمفكر اليسوعي المصري سمير خليل سمير، الذي توقع تغيّرات سكانية قد تؤثر مستقبلاً على موازين القوى الانتخابية والثقافية في بعض البلديات الإسبانية.

على النقيض.. الواقع يفند رواية راموس

بالرغم من محاولة الكاتب الصحفي، رسم صورة قاتمة بالنسبة لمدريد، في العلاقات مع الرباط، إلا أن الأخيرة لا يمكن اختزالها في منطق الربح والخسارة أو تصوير مدريد كطرف خاسر بشكل مطلق. فالتعاون المغربي الإسباني يشمل ملفات حيوية واستراتيجية، من أبرزها الأمن والهجرة، وهي ملفات تشهد بإسهام المغرب الفعلي والمباشر في استقرار إسبانيا والاتحاد الأوروبي عمومًا.

الهجرة.. المغرب شريك محوري

ففي ملف مكافحة الهجرة غير الشرعية، يُعتبر المغرب شريكًا محوريًا في الحد من تدفق المهاجرين نحو السواحل الإسبانية. وتُظهر المعطيات السنوية أن عددًا كبيرًا من محاولات العبور يتم إحباطها بتنسيق مع السلطات المغربية، وهو ما تُقرّ به وزارات الداخلية الإسبانية المتعاقبة، التي وصفت مرارًا هذا التعاون بـ”النموذجي والضروري”.

الأمن ومكافحة الإرهاب.. لا غنى عن المغرب

كما أن الأجهزة الأمنية المغربية قدمت معلومات استخباراتية ساهمت في تفكيك خلايا إرهابية داخل إسبانيا، منها تلك المرتبطة بهجمات برشلونة سنة 2017، وهو ما جعل العديد من المسؤولين الإسبان يؤكدون في تصريحاتهم أن أمن إسبانيا يبدأ من الضفة الجنوبية، وتحديدًا من المغرب.

أزمة الكهرباء، المغرب يتدخل لاستعادة التيار

أكثر من ذلك، لعب المغرب دورًا مفاجئًا ومهمًا في الأيام الأخيرة، بعد انقطاع مفاجئ للكهرباء شمل أجزاء واسعة من إسبانيا بسبب خلل تقني في الشبكات الأوروبية. فقد ساهمت خطوط الربط الكهربائي القادمة من شمال المغرب في استعادة التوازن الطاقي داخل الشبكة الإسبانية، وهو ما أكدته تقارير فنية وشهادات من داخل الشركة الإسبانية المسيرة للكهرباء (Red Eléctrica).

هذه المعطيات وغيرها، تظهر أن العلاقة بين البلدين تقوم على مبدأ الشراكة المتبادلة لا التبعية، وأن تصوير المغرب كطرف يستنزف الموارد الإسبانية، يتجاهل أدواره الحيوية في الاستقرار الإقليمي، الاقتصادي والأمني، وفي خدمة مصالح الطرفين، ويؤكد أن هذه الادعاءات، مجرد مزايدات سياسية يرفعها اليمين المتطرف للتأثير على العلاقة الثنائية بين حكومة مدريد، والرباط.

Share
  • Link copied
المقال التالي