اعتبر المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، أن الحملة الإعلامية التي شنّتها صحف جزائرية وصحفات على مواقع التواصل الاجتماعي، ضد الأفارقة، بعد خسارة سباق احتضان منافستي كأس إفريقيا لسنتي 2025 و2027، يؤكد أن الجارة الشرقية للمغرب “دولة أبرتهايد”.
وقال المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، في ورقة بحثية، تحت عنوان: “الجزائر تكشف عن نفسية نظام بريتوريا العنصري بعد نتائج كأس إفريقيا”، توصلت “بناصا” بنسخة منها، إن وسائل الإعلام الجزائرية، بدأت، بعد الإعلان عن أن المغرب سيستضيف “كان2025″، وبلدان تنزانيا وأوغندا وكينيا ستستضيف نسخة 2027، في “نشر خطب عنصرية خطيرة تجاه الأفارقة والقارة الإفريقية”.
وأضاف المركز أن “إعلام النظام العسكري الجزائري العنصري، ذهب أكثر من هذا، لما عبأ وحرض وسائل التواصل الاجتماعي على مهاجمة وتهديد الصحفيين الأفارقة الذين نشروا خبر نتائج اجتماعات الكاف بالقاهرة، ووزعوا وثيقة معايير تقييم احتضان الدول لكأس إفريقيا”.، متابعاً أن هذه الوثيقة “تثبت بالحجة أن الجزائر لا تتوفر على مقومات استضافة بطولتها الوطنية حتى يمكنها الوصول لاحتضان تظاهرات كروية قارية”.
ونبه المركز، إلى أن المثير في الموضوع، هو أنه “بمجرد إعلان نتائج اجتماع القاهرة تقمصت الجزائر بأكملها نفسية عنصرية هائجة تبدو واضحة من خلال مضمون ما نشرته وسائل الإعلام ضد القارة الأفريقية”، مردفاً أن الإعلام الجزائري، وصل إلى “إطلاق عبارة خطيرة نشرتها جريدة الشروق الناطقة باسم قائد أركان الجيش سعيد شنقريحة، لما وضعت عنوانا عنصريا عريضا يقول: عذرا إفريقيا فملاعبنا ارتاحت من روائحكم”.
واسترسلت الورقة أن “هذا الحدث، الذي أثار هذا الحجم الكبير والخطير لخطاب الكراهية والعنصرية الذي يحمله سكان وحكام الجزائر ضد كل الأفارقة من شمالهم إلى جنوبهم ومن غربهم إلى شرقهم، هو ظاهرة يجب الانتباه إليها وتحليلها للكشف عن نفسية الجزائريين تجاه الأفارقة، ففي لحظة ماتت كل شعارات تبون ووزير خارجيته عطاف وقائد الأركان شنقريحة الذين كانوا ينصبون أنفسهم وهميا للدفاع عن إفريقيا، واختفى خطاب وزير الخارجية السابق رمضان لعمامرة القائم على أكذوبة أن الجزائر وهبت نفسها وثرواتها لأفريقيا، كل شيء تبخر بسرعة، وانهار شعار الجزائر لإفريقيا ليحل محله شعار جزائر الأبارتهايد وماتخفيه من حقد تجاه إفريقيا”.
وسلط المركز الضوء على الخلفيات التاريخية لهذه العنصرية، حيث قال إنه “عند العودة إلى التاريخ، نجد أن جزائر الأبارتهاياد والعنصرية ليست غريبة، دعونا أولا ننظر إلى الجزء التاريخي لهذا البلد، حيث كانت الجزائر جزءا من الإمبراطورية العثمانية، ليس ذلك فحسب، بل إن العثمانيين وظفوا سكان شمال الجزائر ضد شعوب أخرى، فسكان الجزائر احتضنوا الحياة العثمانية، وتناسلوا مع العثمانيين ولم يظهر من سكان الجزائر، إلا ذلك المقطع الجغرافي الصغير المطل على البحر الأبيض المتوسط، أي شكل من أشكال المقاومة تجاه التوسع العثماني، ولكن على العكس من ذلك، كانوا يساعدون طوال المراحل التاريخية حكام العثمانيين ضد أية قوة استعمارية أخرى، ساعدوا الجيوش العثمانية ضد تونس وساعدوا بعد ذلك الجيوش الفرنسية في محاربة المقاومتين المغربية والتونسية في إطار ما سمي بفرقة الصبايحية الجزائرية”.
وواصلت الورقة البحثية في سرد باقي المعطيات التاريخية المتعلقة بهذا الأمر، حيث أوضحت أن الجزائر، ظلت “مستعمرة للعثمانيين لمدة 300 عام ثم الفرنسيين لمدة 132 عام ووفقا للعديد من المصادر، فالجزائريون عاشوا خلال السنوات الأولى من الجزائر المستقلة المشروطة في الستينيات من القرن العشرين، عاشوا أسلوب حياة فرنسي لا علاقة له بإفريقيا و العالم العربي”. وأضاف: “ليس ذلك فحسب، ولكن وفقا للرئيس بوتفليقة، لم يكن الجزائريون بعد الاستقلال يعرفون اللغة العربية، ولا كيفية تلاوة القرآن وأن المغاربة من علمهم قراءة القرآن، وكان عليهم انتظار مصر والمغرب والمملكة العربية السعودية إلى جانب دول عربية أخرى لإرسال معلمين للغة العربية لإعادة تأسيس دولة عربية رسمية تسمى الجزائر التي ارتمت مباشرة بعد فرنسا في حضن الشيوعية السوفياتية”.
هذا يعني، حسب ورقة المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، “أن دولة الجزائر هي بلاد بدون هوية إفريقية، فهي مزيج من الثقافات الفرنسية والعثمانية، لقد كان الجزائريون يعيشون في انفصال تام مع بقية القارة الأفريقية، وهو الوضع الذي لازال قائما إلى اليوم مع جنوب الجزائر المهمش والذي يمارس عليه النظام العسكري عنصرية، لدرجة أن جنوب الجزائر لا يتوفر على وثائق هوية جزائرية، فالعسكر يستغل ثروات جنوب الجزائر ويحسبهم من حيث الانتماء الهوياتي على شمال مالي. لقد عمل النظام العسكري على تنشئة الجزائريين بزرع فكرة أنهم سكان لا علاقة لهم بإفريقيا، فهم عثمانيون وفرنسيون، مطلوب منهم عدم الاعتراف بانتمائهم الإفريقي”.
وتفسير هذه الخلفيات الثقافية المختلطة، وفق المركز الأطلسي، “رد الفعل الجزائري على الأفارقة بعد إعلان نتائج ترشيحات احتضان كأس إفريقيا. لقد تشبع سكان، هذا الجزء الشمالي من أفريقيا، بخطاب عسكري داخلي كان الهدف منه بناء خلفية ثقافية مضطربة مختلفة عن الأفارقة، خطاب يوهم الجزائريين أنهم عرق متفوق على الأفارقة، فتبون وشنقريحة يوجهان خطابا لسكان الجزائر شبيه بخطاب هتلر، فهما يقولان ضمنيا إن مكان الجزائر تحت الشمس رغم كل النكبات والتخلف الذي تعيشه الجزائر بلاد المليون طابور يوميا، فخطاب النظام العسكري عمل على تنشئة الجزائريين بحمولة عنصرية تحريضية ضد الأفارقة، وأن إفريقيا هي الفناء الخلفي لهم”.
وأشارت الورقة البحثية، إلى أن هذا الأمر، هو “ما يشرح رد الفعل الجزائري عندما خسروا أمام الكاميرون وهجومهم العنصري على الحكم الغامبي باكري غاساما، في كل مكان حل به، لدرجة أنهم هاجموه في مونديال قطر وهو يقود مقابلة عالمية بالدوحة، الحكم باكري غاساما الذي عانى من حملة خطاب عنصري وكراهية كبيرة جدا، وصلت إلى حد تهديد حياته، ويشرح أيضا العنصرية الجزائرية التي عانى منها صموئيل إيتو، وخطاب الكراهية الذي عانت منه الكاميرون. وتفسر هذه النفسية العنصرية الجزائرية أيضا مقتل اللاعب الكاميروني ألبرت إيبوسي في عام 2014 بالجزائر. وهذا يفسر أيضا هجوم الإعلام العسكري المتمثل في جريدة الشروق على مواطنين ماليين بعبارة عنصرية خطيرة تقول: « لا أهلا ولا سهلا بكم السيدا وراءكم وإيبولا”.
علاوة على ذلك، يقول المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، إن الصحفيين الجزائريين المعروفين بعلاقاتهم القوية مع النظام العسكري في الجزائر، تجرّأوا على “وصف رئيس الكاف بالماعز (إهانة باللهجات العربية)، ليس ذلك فحسب، بل تجرؤوا أيضا على القول إنهم أفضل حالا من استضافة «هؤلاء المتوحشين» في نعت خطير للمنتخبات الإفريقية. علاوة على ذلك، تعرض المغاربة الذين بجوار الجزائر في شمال إفريقيا لخطاب يصف المغاربة بـ”السينغاليين”، ففي العديد من المناسبات كان الجزائريون يطلقون على المغاربة اسم «السنغاليين»، وهو وصف إهانة في مخيال وتمثّل الجزائريين من خلال التنشئة العنصرية التي زرعها العسكر في الجزائر”.
ومن الواضح اليوم، حسب الورقة البحثية، “أن هذه العقلية والنفسية مستمدتان من مزيج يجمع بين التوسع العثماني والاستعمار الفرنسي، فالجزائريون العسكريون الحاكمون يعتبرون أنفسهم امتدادا وميراثا للقوة الاستعمارية الفرنسية، وبالتالي، يعتبرون إفريقيا مجرد قارة مستعمرات فرنسية وأوروبية، ويتطلعون إلى تطبيق عقيدة عنصرية تجعل من إفريقيا فناء خلفيا لجنرالات الجزائر ومليشياتهم، وهو مايقوم به العسكر الجزائري والفاغنر والتنظيمات الإرهابية في شمال مالي ويحاولون توسيعه نحو مناطق أخرى، وهذا أيضا مايفسر الغضب الذي يظهره الجزائريون بعد كل خسارة ضد بلد أفريقي”.
وخلصت الورقة البحثية للمركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، إلى ضرورة الانتباه لمخاطر هذا الأمر، معتبراً أن المغرب يتواجد بجانب “دولة ابارتهايد تسمى الجزائر، دولة بحمولة نفسية حاقدة على كل إفريقيا والأفارقة”، مشدداً على ضرورة الانتباه أيضا، إلى أن “شعارات الجزائر حول إفريقيا تخفي سلوكا عنصريا خطيرا، فالجزائري ذو اللون الأبيض في شمال الجزائر يضطهد الجزائري الجنوبي ابن بلده، فكيف سيكون سلوكه مع إفريقيا والإفريقي؟”.
تعليقات الزوار ( 0 )