في خطوة سياسية تعكس استمرار الانعطافة الحاسمة في موقف مدريد من قضية الصحراء المغربية، جدد وزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، دعم حكومة بلاده الصريح لمبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب، واصفًا إياها بأنها “الأساس الأكثر جدية ومصداقية وواقعية” لتسوية هذا النزاع الإقليمي.
وجاء ذلك في ندوة صحفية مشتركة عقدت يوم الخميس 17 أبريل 2025، جمعت بين الوزير الإسباني ونظيره المغربي ناصر بوريطة، بمقر وزارة الخارجية الإسبانية بـقصر فيانا بمدريد، في لقاء مفاجئ تزامن مع عطلة “الخميس المقدس”، الأمر الذي فسره محللون – بحسب صحيفة “Público” الإسبانية – بكونه “اجتماعًا غير عادي جرى في ظروف استثنائية، ما قد يوحي برغبة في تمرير الرسائل الدبلوماسية دون ضجيج داخلي”.
رغم حكم المحكمة الأوروبية… مدريد تمضي في دعم الرباط
واللافت أن هذا التأكيد الجديد على دعم مغربية الصحراء جاء بعد أشهر قليلة فقط من حكم محكمة العدل الأوروبية (أكتوبر 2024) الذي ألغى اتفاقيات شراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب تشمل منطقة الصحراء، واعتبر أن جبهة “البوليساريو” هي الممثل الشرعي لسكان الإقليم.
لكن الحكومة الإسبانية لم تعر لهذا الحكم وزنًا سياسيًا، واختارت المضي قدمًا في تعزيز موقف الرباط، رغم اعتراضات عدد من الفاعلين السياسيين داخل تحالف اليسار، خاصة من حزب “سومار”.
وأشارت “Público” إلى أن هذا الموقف “يتماهى مع الرؤية التي دشنها رئيس الوزراء بيدرو سانشيز منذ عام 2022″، عندما وجّه رسالة رسمية إلى جلالة الملك محمد السادس يؤكد فيها دعم بلاده للمقترح المغربي بالحكم الذاتي كحل عادل للنزاع.
المغرب شريك استراتيجي… والصحراء مفتاح التحولات
وتحوُّل الموقف الإسباني ليس قرارًا معزولًا، بل يعكس إعادة تموقع إستراتيجية ترى في المغرب شريكًا محوريًا في ملفات الهجرة والطاقة ومكافحة الإرهاب والاستقرار الإقليمي.
كما أشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن هذا التحالف يجد صداه في السياق الدولي الجديد، حيث تلوح في الأفق إمكانية عودة دونالد ترامب إلى المشهد السياسي الأمريكي، وهو الذي سبق أن اعترف في نهاية ولايته بمغربية الصحراء.
وفي هذا المناخ الدولي الذي تغلب عليه الاتفاقات الثنائية، يبدو أن إسبانيا تدرك أن علاقتها مع المغرب ليست فقط خيارًا دبلوماسيًا، بل ضرورة جيواستراتيجية لضمان موطئ قدم فاعل في شمال إفريقيا.
تعليقات الزوار ( 0 )