شارك المقال
  • تم النسخ

محسن خضرة.. شاب مغربي يحول الأشجار الميتة إلى تحف فنية مفعمة بالحياة

بمبرد صغير بين أنامله وأحلام كبيرة تدور في عقله وتملأ قلبه وروحه، يضع الشاب محسن خضرة آخر لمساته على تحفة فنية مصنوعة من خشب اللوز، هي عبارة عن “ظرف رسائل”.

في ورشته الصغيرة، بينما تتوارد الأفكار على ذهنه، يدقق النظر في تفاصيل تحفته مرة تلو الأخرى، ينحتها بدقة من جانب ويرققها من جانب ثان لتبدو كما يريد أكثر رونقا وجمالا. يقول محسن للجزيرة نت “النحت على الخشب عالم خاص، أدخله مبتهجا مسرورا، وأخرج منه مشتاقا للعودة إليه من جديد”.

تحف تنبض حياة

يحول محسن -المنحدر من مدينة صفرو المغربية، شرقي المغرب بالقرب من مدينة فاس- أشجارا ميتة إلى تحف فنية تلقى صدى كبيرا في المغرب وخارجه، فإلى جانب عمله اليومي نحاتا للخشب يكتسب منه قوته، يختار بين الحين والآخر أن يخوض مغامرة الإبداع ليحول أشياء مهملة و”بلا قيمة” إلى قطع جميلة. 

تقول عنه زميلته الفنانة والصانعة المتجولة المعروفة بسفيرة الفن المغربي التقليدي في أميركا أمينة يابس -للجزيرة نت- “محسن فنان بكل ما للكلمة من معنى، يبعث خيوط الحب والعشق إلى قطعه ليصنع منها قطعا تنبض حياة وجمالا وإبداعا”.

ثروة تحرق

يتحرك الشاب محسن بخلفية بيئية ليبحث عن مادته الأولية، فيجدها في الأشجار اليابسة التي لم تعد تثمر أو في الأغصان المهملة في الطبيعة وفي الحدائق العمومية والخاصة، بل إنه عقد شراكة مع مجلس المدينة ليقتني بقايا النباتات المشذبة.

يقول محسن “كان يحز في نفسي أن تذهب ثروة كبيرة من الخشب للحرق، وتلوث المجال والبيئة. تبيع البلدية حوالي 40 طنا من الخشب المهمل، ينتهي في الأفران، فالأولى أن يتم استغلاله في أمور مفيدة تعجب الناس وتزين منازلهم ومكاتبهم”.

أمهر صانع

عندما يعمل محسن، يصمت طويلا ولا ينتبه إلى من حوله، كأنه في محراب، وحده طنين مطرقة، أو صوت منشار صغير ما يملأ المكان جلبة، أو نداء زائر مهتم يقطع “تعبده” ليسأل عن جزئية صغيرة في مهنته وفنه.

يقول محسن متأملا القطعة التي بين يديه “يتطلب العمل الفني الكثير من الوقت، لكن الأهم هو الحصول على ذلك الصفاء الذهني الملهم”، فيما تضيف الفنانة أمينة “الحب بل العشق وحده يصنع الفرق، بين أن تكون صانعا عاديا، أو فنانا مبدعا، وهذا هو حال خضرة”.

ورشة محسن مليئة بتحف تسر العين، في واجهة المحل يوجد مدفع خشبي، وفي مكان قصي حذاء جندي، أما في الركن الأيمن فيقبع مجسم منزل جبلي يعلوه طائر لقلق مصنوع جسمه من فاكهة الصنوبر، استقر في عشه المصنوع من غصون الأرز اليابس، يبدو وكأنه يتبادل نظرات الحيرة والإعجاب مع الزوار.

أما في الواجهة، فتشد الأنظار جوهرته المفضلة، دراجة خشبية يقول عنها محسن “صنعت كلها تقريبا من عود الكركاع (الجوز)، واستغرق نحتها أكثر من سنة كاملة، واحتوت على أكثر من 1500 قطعة خشبية، وحصلت بها على جائزة التميز في مسابقة أمهر صانع”.

الجزيرة

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي