شارك المقال
  • تم النسخ

مؤتمرات “صحراويون من أجل السلام” بجنوب المغرب.. هل هي نهاية البوليساريو؟

نظمت حركة “صحراويون من أجل السلام”، في الشهر الأخير، عددا من التجمعات بالأقاليم الجنوبية للمملكة، على رأسها العيون والساقية الحمراء ووادي الذهب، في إطار سلسلة أشغال المؤتمرات الفرعية تمهيدا للمؤتمر التأسيسي، في ظروف عادية، لم تعترضها أي إشكالات من السلطات المغربية، في إشارة واضحة إلى ترحيب المغرب بالخط السياسي الذي يؤمن بالسلمية طريقا نحو حل النزاع.

“صحراويون من أجل السلام”، تُعرف نفسها على أنها تيار سياسي مستقل، يسعى إلى كسر النموذج الشمولي والراديكالي لجبهة البوليساريو الانفصالية، ويهدف لتمثيل كل الآراء والحساسيات المعبّر عنها داخل المجتمع الصحراوي، خاصة تلك التي لا تجد نفسها ممثلة في مواقف جماعة الرابوني، وأهدافها وخلفيتها الإديولوجية.

كما تؤكد الحركة، التي كان تأسيسها بمثابة ثورة على الأفكار القديمة والعقلية الإقصائية للبوليساريو، مشكلةً صدمةً حقيقيةً لقيادة الجبهة، _تؤكد_ حسب تصريحات سابقة لقياداتها “تمسكها بالرهان على الحلول السلمية، للتوصل إلى حل سياسي عادل متوافق عليه، من شأنه أن ينهي مشكل نزاع إقليم الصحراء”.

وتمكنت الحركة المنشقة عن البوليساريو، والتي ظرهت شهر أبريل الماضي، في ظرف وجيز من استقطاب العشرات من القيادات والوجوه البارزة في الجبهة الانفصالية، الذين جمعتهم الرغبة في إيجاد حل سلمي للصحراويين، بعيد اً عن المسار الذي اختارته جماعة الرابوني، المدعومة من الجنرالات الجزائريين.

وحظيت الحركة الجديدة، بترحيب واسعٍ في الأوساط الصحراوية بالأقاليم الجنوبية، حيث قرر مجموعة من النشطاء الانضمام إليها، لمساندة جهود السلام، وأعلنت بعض الجمعيات الانضمام لها، من بينها جمعية السلام لحماية التراث البحري، التي تنشط في المجال البحري بمدينة الداخلة، التي أكدت انخراطها في حركة “صحراويون من أجل السلام”، بهدف “خدمة الصالح العالم”، و”تطلعات السكان”.

وما زاد من الترحيب بـ”صحراويون من أجل السلام”، أنها تضم مجموعة من السياسيين والمثقفين والعسكريين الذين سبق لهم أن تولوا مناصب قيادية في جبهة البوليساريو، الذين فضحوا بتصريحات عديدة جماعة الرابوني، معتبرين بأنها تنظيم مستبدٌّ لا يمثل الصحراويين ولا يرغب في حل النزاع، وهو ما مكّن الحركة من تأسيس عدد من الفروع في كل من مخيمات تندوف، وأقاليم الساقية الحمراء ووادي الذهب وواد نون، إلى جانب موريتانيا وأوروبا.

توسّع الحركة، وإطلاقها لسلسلة لقاءاتٍ استعدادا للمؤتمر التأسيسي، رآه مراقبون بدايةً لسحب البساط من الجبهة الانفصالية البوليساريو، التي ادعت لعقود تمثيليتها للصحراويين، مشيرين إلى أن “صحراويون من أجل السلام”، ستكون بديلا مرحبا به بشكل واسع على المستوى الدولي، باعتباره الممثل الشرعي لسكان الأقاليم الجنوبية بالمملكة.

واعتبر متابعون للشأن الصحراوي، بأن تأسيس الحركة وإقامتها لمؤتمرها في ظروف عادية، داخل الأراضي المغربية، من شأنه أن يغير موقف مجموعةٍ من مكونات المجتمع الدولي والمنظمات الدولية، ويعيد النقاش الذي سبق وطرحته المملكة بشأن مدى شرعية تحدث البوليساريو باسم أناس لا يربطهم بمخيمات تندوف سوى المزاعم الباطلة الصادرة عن قيادة الجبهة.

وبالرغم من أن “صحراويون من أجل السلام”، لم تعلن بشكل صريح، عن الصيغة التي تراها مناسبة لحل نزاع الصحراء، إلا أنها أكدت بشكل لا يدع مجالا للشك، أن الحل الذي ترغب به سلميّ ووسطٌ ومعتدلٌ، كما شددت في أكثر من مناسبة، على رفضها القاطع للطرح العسكري الانفصالي لجبهة البوليساريو.

وفي ظل انتعاشة الحركة الجديدة، واستمرار توسعها، تعاني في الجهة المقابلة، جبهة البوليساريو من مشاكل عديدة داخل موقع نفوذها بتندوف، حيث شهدت المخيمات احتجاجات عارمة في الشهور الأخيرة، بعد توالي الانتهاكات التي ارتكبتها جماعة الرابوني في حق معارضيها الداخليين، ما تسبب في محاولات عديدة للفرار من جحيم أتباع إبراهيم غالي وولد البوهالي صوب المملكة المغربية.

المشاكل الداخلية للجبهة الانفصالية، والغضب العارم الذي يسود في أوساط المحتجزين بمخيمات تندوف، جراء استغلالهم من قبل قادة البوليساريو للحصول على المساعدات الدولية وتسخيرها لأغراض شخصية، إلى جانب تشبثها بحمل السلاح، الذي أثبتت العقود الأخيرة أنه خيار فاشل، كلها أسباب جعلت من “صحراويون من أجل السلام”، بديلا مرحبا به لدى الصحراويين الذين يأملون في حل النزاع المفتعل في المستقبل القريب.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي