تزداد حدة الصراع الروسي الأوكراني يوما بعد يوم، ويزداد معه ترقب المجتمع الدولي للعقوبات التي من المُحتمل أن يجري إيقاعها على الكرملين، سواء عبر المنظمة الأممية، أو عبر قرارات مشتركة للدول الغربية وحلفائها، التي ما زالت متشبعة بإرث الحرب الباردة، وبمنطق المعسكرين.
وقطع العلاقات مع الروس، هو واحد من أبرز الاحتمالات المتوقعة، في حال لم ينته هذا الصراع قريبا، والأكيد أنه إن لم يجر أمميا تحت مظلة منظمة الأمم المتحدة، فإن الدول الأوروبية مع الولايات المتحدة الأمريكية، ستكون صاحبة هذا القرار.
المملكة المغربية، وبالنظر لعلاقاتها الاستراتيجية مع واشنطن، التي مازالت تتعزز باستمرار، وبالنظر كذلك إلى حجم معاملات ضخم كبير مع الاتحاد الأوروبي، ستجد نفسها، سائرة هي الأخرى في درب المقاطعة، غاضة بذلك الطرف عن مصالح أقل درجة، لديها عند بوتين.
إن قاطع المغرب الروس.. لماذا على إسبانيا القلق؟
موقع “agroinformacion” الإسباني المختص في الشؤون الفلاحية، كشف بأنه وفي كل يوم يمر ” يزداد القلق في الريف الإسباني إزاء عواقب الغزو الروسي لأوكرانيا.”.
كما لفت إلى أن “هناك شعورا عاما بإسبانيا، يتوقع أن هذا الصراع سيؤدي إلى ارتفاع في تكاليف الإنتاج، لا سيما في مجال الطاقة ، وكذلك في أسعار الحبوب والأعلاف الحيوانية”.
ورأى أيضا أنه “سيكون له أثر جانبي وتأثير على كافة المحاصيل الأخرى، كقطاع الفواكه والخضروات، خاصة إن اعتبرنا وجود المملكة المغربية بوصفها المنافس الأول”.
المصدر ذاته، أشار إلى أنه و”في وقت سابق، تمكن المغرب من أخذ المكان الذي كانت تشغله إسبانيا وباقي الدول الأوروبية في روسيا” لكن الآن يُبرز ” فإن المملكة لن تتمكن من الحفاظ على مبيعاتها لوريثة الاتحاد السوفياتي، لأنها سوف تضطر إلى متابعة العقوبات، هذا إذا لم تكن راغبة في خسارة حلفاء استراتيجيين مثل الولايات المتحدة ونصف أوروبا”.
وبهذا الخصوص، أكد الموقع الإسباني، أن من الآثار الجانبية التي ستترتب عليها عواقب وخيمة على الإسبان، هي أن المغرب، الذي يعاني أيضا من أزمة اقتصادية بسبب الجفاف وارتفاع الأسعار، سيرسل مئات الآلاف من الكيلوغرامات من المنتجات الزراعية إلى أوروبا، مما سيؤثر مرة أخرى على الإنتاج الإسباني”.
هل قلق الإسبان منطقي؟
الإجابة نعم، ففي هذا الصدد، سبق وشكا “حزب فوكس” من تبعات التأثير الذي تُحدثه السلع المغربية الموجهة لإسبانيا على الاقتصاد المحلي، وأشار إلى أن الزيادة في الوجود المغربي بالأسواق الكبرى قد أدت هذا العام إلى انخفاض واضح في الأسعار، وإلى خسارة إسبانيا أزيد من 30 بالمائة من مبيعاتها.
الحزب ذاته، عبر وفق تقارير إعلامية إسبانية، أن مبيعات مدريد قد تأثرت بالعرض المغربي الضخم وبأسعاره الزهيدة التي تنافس الأسعار المحلية، وهذا ما انعكس سلبا على نسب المبيعات، وجعلها تتحول من مليون طن إلى 711 ألف طن فقط في العام الماضي.
وتابع في إحدى الاجتماعات السابقة للجنة الزراعة بالبرلمان الإسباني، أن الضرر الخارجي القادم من السلع الأجنبية قد صار واضحا على اقتصاد البلاد، وأن الضرورة قد صارت تُملي على إسبانيا أن تكون أكثر قوة في وضع حدود لعلاقتها مع دول الجوار هموما، خاصة تلك التي تدمر بشكل غير مباشر القطاع الزراعي الإسباني.
ثم ليلفت أن العرض المفرط للمنتجات الأجنبية هو السبب الحقيقي لانخفاض الأسعار المدمرة في إسبانيا وأوروبا بصفة عامة، وبأنه على دول الاتحاد أن تتخلى عن لعب دور المستهلكين البسطاء، والسعي نحو استعادة الإنتاجية ولعب الدور الأساسي كمنتجين.
تعليقات الزوار ( 0 )