أعلن رئيس الحكومة المكلف، عزيز أخنوش، في مؤتمر صحفي الأربعاء، عن تشكيلة الائتلاف الذي سيقود الحكومة الجديدة، و يضم أحزاب “التجمع الوطني للأحرار” و”الأصالة والمعاصرة” و “الاستقلال”.
وقال أخنوش، إن الائتلاف الحكومي (269 مقعدا من أصل 395 بالبرلمان) “سيعمل على تنفيذ البرنامج الحكومي الذي سيكون خارطة طريق عمل التحالف”.
وكلف الملك محمد السادس في 10 شتنبر الجاري، أخنوش بتشكيل حكومة جديدة، بعدما تصدر حزبه “التجمع الوطني للأحرار” نتائج انتخابات تشريعية ومحلية جرت قبلها بيومين.
وحصل “التجمع الوطني للأحرار” على 102 مقعدا بمجلس النواب، متبوعا بحزب “الأصالة والمعاصرة” (86 مقعدا) و”الاستقلال” (81).
وخلال فترة الحملة الانتخابية أطلق حزب الأحرار، 5 التزامات و25 إجراءً تجاه المواطنين للنهوض بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وتعزيز المكتسبات.
ومع تشكيل الأغلبية الحكومية، بات التساؤل المطروح: أي توجهات يسلكها قائد هذا الائتلاف في المرحلة المقبلة؟.
مؤشرات أساسية
يرى مراقبون أن توجهات “الأحرار” بالمرحلة المقبلة، يمكن استشرافها عبر قراءة طبيعة مكوناته، وخصوصا الأشخاص المؤثرين في قراراته، والذين يتجاوز تأثيرهم نطاق الحزب، إلى التأثير في البنية الاقتصادية والاجتماعية، لموقعهم المتصدر في عالم المال والأعمال.
وقال الصحفي والمحلل السياسي، يونس مسكين إنه “يمكن استقراء التوجهات والاختيارات التي سيقدم عليها حزب الأحرار، من خلال مؤشرات أساسية”.
وأوضح المتحدث، أن تلك المؤشرات تتمثل “أولا في تجربته السياسية السابقة، وكشريك في عدد من الحكومات، ثم ثانيا، في ظروف وملابسات نشأته، ثم طبيعة مكوناته وبنيته الداخلية”.
وأضاف: “يمكن أن نضيف إلى ذلك كله الخصائص المرتبة بشخصية قائده الحالي، عزيز أخنوش، ذلك أن وزن ودور هذا الأخير، يفوق وزن الاعتبارات المرتبطة بالحزب نفسه، لتجربته الشخصية كرجل أعمال راكم ثروة لم يسبقه إليها غيره من المغاربة”.
وأردف: “وكذلك لدوره في وصول الحزب إلى مكانته السياسية الحالية، حيث نقله من الرتبة الرابعة في انتخابات 2016 التشريعية، حين كان أخنوش مستقيلا من الحزب، إلى الصدارة حاليا”.
وتابع: “يبدو أن المزج بين عالم السياسة والمال، لدى قيادة التجمع الوطني للأحرار، سيضفي توجهات بعينها على التجربة الحكومية المقبلة، عمادها تكثيف العمل على الواجهة الاقتصادية”.
عالم المال والسياسة
بدوره، أفاد بنيونس المرزوقي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة “محمد الأول” ، بأن “مسار الأحرار كان واضحا خلال عقود طويلة كتنظيم حزبي، لا يمكن أن يخرج عن دوره السياسي الذي تم تأسيسه من أجله”.
وذكر بنيونس أنه بالرغم من ذلك فإن “الدور المتزايد في عالم السياسة للعديد من الشخصيات الفاعلة بالمجال الاقتصادي والمالي، ساهم في تقريب المسافة بين الطرفين منذ مدة”.
وزاد: “قد ساهمت عوامل إضافية عديدة في تقوية الاعتماد على هذا الحزب، بالضبط لإحداث تغييرات بنيوية على الاقتصاد الوطني”.
واستطرد: “منها أساسا فشل النسخة الأولى من مشروع حزب الأصالة والمعاصرة، في مواجهة حزب العدالة والتنمية خاصة في الانتخابات البلدية عام 2015 والانتخابات التشريعية في 2016”.
واستدرك: “فضلا عن التراجع الملاحظ في قدرة أحزاب الكتلة الديمقراطية على القيام بهذه المهمة (حزب الاستقلال) و(الاتحاد الاشتراكي/ 35 مقعدا) أساسا”.
عهد رجال الأعمال
بالنظر لطبيعة التحالف الحكومي المشكل من الأحزاب الـ3، المتصدرة للانتخابات الأخيرة، والذي يسري على العمالات والمدن الكبرى، فإن التوجهات العامة ستكون محكومة بدور فاعل لرجال الأعمال.
وقال الصحفي مسكين: “يمكن القول بأننا مقبلين على عهد سيطرة رجال الأعمال والتكنوقراط ، وهو ما سيتجلى في سياسات تهدف إلى تحقيق نتائج رقمية في الاقتصاد على وجه الخصوص”.
وزاد: “مع إهمال محتمل لعنصر الإنسان والتنمية البشرية، وهو سيتعارض بشكل واضح مع ما يهدف إليه النموذج التنموي الجديد الذي كلف الملك لجنة من الخبراء بإعداده”.
وتابع: “باستثناء بعض الإجراءات المعزولة والمرتبطة بخطط معدة سلفا، كتلك التي ترمي إلى توسيع التغطية الاجتماعية والصحية ، سوف تحمل سياسات حزب الأحرار وحلفائه، نفسا رأسماليا، يركز على مصالح الشركات والرأسمال الخاص”.
واستدرك: “في الحقيقة هذا التوجه، كان واضحا من خلال التحركات التي سبقت الانتخابات بزمن ليس بالقصير، واتضحت أكثر خلال فترة الدعاية الانتخابية”.
وبهذا الخصوص، أفاد الأكاديمي المرزوقي: “أعتقد أن تحرك حزب عزيز أخنوش على الواجهة الاقتصادية والاجتماعية والإعلامية في وقت مبكر قبل استحقاقات 2021، سهل له عملية التمكن من الاكتساح، مقابل عجز حزب العدالة والتنمية عن تجديد آليات عمله التي بدأت تخفت داخل المجتمع”.
واستطرد: “ومع فكرة اعتماد مشروع تنموي جديد للبلاد، لم يضع حزب التجمع الوطني الأحرار الوقت، إذ عمل على بلورة مشروعه الخاص الذي لم يكن ليخرج عن التوجهات الكبرى”.
انفراج حقوقي
مقابل التوجه نحو إذكاء العمل على المحور الاقتصادي الذي يبقى مهما، بالنظر لتطلعات المواطنين، المتأثرين بتبعات أزمة جائحة كورونا، فإن إهمال المجالات الأخرى، قد يخلق تحديات عدة للائتلاف الحكومي الجديد.
ولعل أبرز تحد، هو مواجهة “الطلب” المتزايد على خلق انفراج جديد في المجال الحقوقي.
وأبرز مسكين، أن “المرجعية الفكرية للحزب ولا تاريخه ولا طبيعة بنيته الحالية، لا تحمل أي اهتمام بموضوع الحقوق والحريات الفردية والجماعية”.
وختم قائلا: “ما ينذر بأزمات اجتماعية سيكون من الصعب على التحالف الحكومي مواجهتها، فيما تعاني أحزاب المعارضة من ضعف نتائجها الانتخابية الأخيرة”.
تعليقات الزوار ( 0 )