يشهد اليوم العالم أزمة شبيهة بالأزمات السابقة التي ضربت العالم من قبل، وكانت لها تداعيات وآثار كبيرة ولمدة طويلة في اقتصاد الكثير من الدول. وكان من أشهرها على سبيل المثال الكساد الكبير سنة 1929م حتى سنة 1939م والأزمة المالية العالمية لسنة 2008. فهل سنة 2020 ستكون لها تداعيات كبيرة على اقتصاديات العالم من جراء وباء كورونا الذي اجتاح العالم؟
يتغيَّر العالم اليوم، فبعد الحروب بالأسلحة الفتاكة والقنبلة النووية والصواريخ العابرة للقارات وأسلحة الدمار الشامل إلى غير ذلك، ها هو اليوم فيروس لا يُرَى بالعين المجردة ينتقل إلى كل بقاع العالم ليظهر لبعض الدول أنها لا تساوي شيئا أمام بعض الأزمات الحقيقية التي يمكن أن تشل اقتصادات بعض الدول التي لا تتوافر على أدنى سبل الحياة للمواطن وأهمّها الصحة والتعليم الجيد واستثمار العنصر البشري في التطوير والتعليم والتكنولوجيا الحديثة والبحث العلمي وإدارة الأزمات المستقبلية.
نعم إنه فيروس كورونا الذي ضرب العالم وأفزع كافة سكان الأرض وألزمهم البيوت ومعانقة أسرهم، وأصبح جائحة يجب التصدي لها بكل حزم مثله مثل باقي الأوبئة التي ضربت العالم من قبل. لقد قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية “تيدروس غيبر ييسوس” إن تفشي فيروس كورونا قد وصل إلى مرحلة حاسمة، وهناك احتمالات أن يتحوّل إلى وباء شامل.
يتغيَّرُ العالم اليوم مثل ما تغيَّر من قبل؛ فقد ضرب الطاعون السلالة الأنطونية بين سنة 165م وسنة 190م، أما طاعون جستنيان الذي ظهر سنة 541م، فقد كان من أخطر الأوبئة فتكا في التاريخ، وكذلك الطاعون الأسود الذي شهدته أوروبا آنذاك سنتي 1665م 1666م، وأسفر عن مقتل ما يزيد عن مليون شخص، إلى غير ذلك من الأوبئة والجائحات الأخرى.
ونعيشُ اليوم في مرحلة انتقال أخرى ستكشف من سيتحكم في العالم؛ أي من له اقتصاد قوي واحتياطات من كل شيء لسنوات قادمة. لقد أضحت قوة الدول تقاس بتحكمها في الأزمات وتوفير التطبيب والمستشفيات والأدوية اللازمة والمواد والسلع الأساسية للمواطن والحفاظ على سلامة المواطنين من تفشي هذا الوباء الخطير وانتشاره.
ويجب على المسؤولين أن تكون لهم حنكة سياسية من قبل للسيطرة على مثل هذه الأزمات وتوفير الاحتياطات اللازمة، لأن العالم يمكن أن يتغير في ظرف وجيز.
إن ما نشاهده اليوم ونسمع عنه في العالم من أن هناك دولا تبحث عن استكشاف دواء لهذا الفيروس وتتسابق نحو احتكار صناعته، يقابله في العالم العربي صمت رهيب؛ إذ لم نسمع عن أي محاولة أو تجربة لاكتشاف لقاح لهذا الدواء. وهنا تظهر قيمة العلم ودور المثقف والطبيب والدكتور والمهندس والمخترع والتقني، إلخ. ولم نر دورا مهما للسياسيين التافهين الذين يتصارعون حول المواقع فقط، ودور الأحزاب ودور المفسدين في المجتمعات.
يتغير العالم ويظهر رسالة يجب أن يفهمها المفسدون وأصحاب القرارات السياسية؛ وهي ضرورة توفير الإمكانيات للتعليم الجيد واستثمار أصحاب الشواهد الجامعية لتطوير المجتمعات والقطع مع الأمية لركوب قطار التنمية الحقيقي والالتحاق بالدول المتقدمة، كي تكون لنا مجتمعات راقية تفهم كل شيء، وتتعامل معه بالعقل والمنطق.
لهذا وبعد هذا التطور الخطير الذي أصبح يعرفه العالم بسبب هذا الوباء أن نغير من العقليات ونراجع الأولويات ونضع برامج وسياسات تنموية تستحضر التطورات الحالية التي يعرفها العالم اليوم، ونقوم كذلك بحملات تحسيسية كي يفهم المواطن مدى خطورة المرحلة وأن العالم يتغير.
قال تعالى”حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون” صدق الله العظيم.
*متخصص في التراث والتنمية السياحية عضو منتدى دكاترة الصحراء بالسمارة
تعليقات الزوار ( 0 )