برز نقاش الحكامة الانتخابية مؤخرا في الساحة السياسية المغربية والرأي العام الوطني، بعد مصادقة المجلس الوزاري الذي ترأسه الملك محمد السادس فبراير الماضي، على مشروع قانون تنظيمي رقم 4.21 يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب ومشروع قانون تنظيمي رقم 05.21 يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين، ومشروع قانون تنظيمي رقم 06.21 يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، ومشروع تنظيمي رقم 07.21 يقضي بتغيير القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية’’.
كما يأتي النقاش حول الحكامة الانتخابية والقوانين المنظمة للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، في سياق قرار المحكمة الدستورية التي قضت بأن القانون التنظيمي رقم 07.21، القاضي بتغيير القانون التنظيمي رقم 29.11، المتعلق بالأحزاب السياسية، ليس فيه ما يخالف الدستور، قبل أن تأمر بتبليغ نسخة من هذا القرار إلى رئيس الحكومة ونشره في الجريدة الرسمية.
الحكامة الانتخابات العامة بالمغرب يرتبط بـ معطيين أساسيين
وفي ذات السياق قال يونس أربيلة، الباحث في العلوم السياسية والتواصل السياسي في تصريحه لمنبر بناصا إن ‘’سؤال الحكامة الانتخابات العامة بالمغرب يرتبط بمعطيين أساسيين، فأما المعطى الأول فتحدده الدولة وكل الأشخاص المعنوية العامة، فالدولة تملك الترسانة التشريعية والقانونية والتنظيمية، أما المعطى الثاني يرتبط بالمواطن وهنا لابد أن نطرح سؤالا اخر، ماذا يريد المواطن؟ طبعا هناك أولويات تتثمل في خدمات عمومية متنوعة، في مجال الصحة و التعليم والشغل وكل ما يرتبط بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية التي يكفلها الدستور المغربي لسنة 2021’’.
وأضاف المتحدث ذاته ‘’لذلك فإنتخابات 2021 ستجرى في سياق داخلي وخارجي يتميز بالتعبئة الشاملة من أجل انجاح هذه المرحلة الهامة نظرا لبعدين أساسيين، فأما البعد الأول فهو ربح رهان التمكين التنموي للدولة والمواطن على حد سواء، لذلك فإن القوانين التنظيمية التي تتم المصادقة عليها بمناسبة ترأس صاحب الجلالة للمجلس الوزاري المنعقد يوم الخميس 11 فبراير 2021، وهي مشروع قانون تنظيمي رقم 4.21 يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب ومشروع قانون تنظيمي رقم 05.21 يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين، ومشروع قانون تنظيمي رقم 06.21 يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، ومشروع تنظيمي رقم 07.21 يقضي بتغيير القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية’’.
وأنها ‘’تندرج ضمن الحكامة القانونية والتي هي من مسؤولية الفاعل في الشأن العام، وهنا لابد أن نشير إلى أن الدور الفعال الذي تلعبه المحكمة الدستورية، وذلك من خلال منطوق الفصل 132 وخاصة الفقرة الثانية (…تحال إلى المحكمة الدستورية القوانين التنظيمية قبل إصدار الأمر بتنفيذها…).’’
حكامة الأحزاب السياسية تستدعي الانخراط في تدبير الشأن العام في مستواه الترابي التراتبي
مشيرا في ذات السياق إلى أنه ‘’فيما يخص البعد الثاني فيتعلق الأمر بدور الأحزاب السياسية في تأطير المواطنات والمواطنين لأن حكامة الأحزاب السياسية تستدعي الانخراط في تدبير الشأن العام في مستواه الترابي التراتبي، من جهة، واحترام المبادئ الديمقراطية وسمو القانون لتحقيق مشاركة فعالة في ممارسة السلطة سواء على المستوى الترابي أو المستوى الجهوي والوطني من جهة ثانية، فالقانون التنظيمي 07.21 المتعلق بالأحزاب السياسية يعد الية من اليات التمكين الحكماتي، ومدخلا أساسيا لتحقيق الفعالية والنجاعة في الاستحقاقات المقبلة، نظرا لعدة معطيات’’.
وأوضح أن ‘’المعطى الأول، ينص على أن دستور المملكة المغربية في الفصل 7 حدد نقاط اشتغال الأحزاب ومجال تأطير المواطنات والمواطنين، والمعطى الثاني: أن الأحزاب السياسية ستلعب دورا هاما في تنزيل مضامين النموذج التنموي الجديد وهو رهان استراتيجي طموح، وبإرادة ملكية لتحقيق العيش الكريم للمواطنين، والمعطى الثالث: الحديث عن الدعم العمومي الإضافي للأحزاب السياسية يشكل منعطفا حاسما في ترسيخ الحكامة الحزبية، عبر مدخل تجديد النخب من جهة، وتقديم عرض انتخابي للمواطن يتماشى مع متطلباته الاقتصادية والاجتماعية وطموحه في التمكين التنموي’’.
تعزيز وتكريس دور البرلمان، يجعل الحكامة البرلمانية رافعة أساسية لتحقيق التوازن والتعاون بين السلطات الثلاث
ففي نفس السياق، ‘’لابد من التأكيد على أهمية القانون التنظيمي رقم 04.21 و 05.21 نظرا لعدة دلالات، الدلالة الأولى أنه بناء على الفصل 70 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011 ‘’يمارس البرلمان السلطة التشريعية، يصوت البرلمان على القوانين، ويراقب عمل الحكومة ويقيم السياسات العمومية….’’. فإن تعزيز وتكريس دور البرلمان، يجعل الحكامة البرلمانية رافعة أساسية لتحقيق التوازن والتعاون بين السلط الثلاث، السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية كما هو محدد في الوثيقة الدستورية (الفصل الأول. الفقرة الثانية ‘’يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة’’. يضيف المتحدث ذاته.
وأوضح يونس أربيلة أن ‘’الدلالة الثانية تؤكد أن الديمقراطية التمثيلية تعد من الأسس والمبادئ المهمة لإنجاح أي ورش أو نموذج تنموي عبر الية السياسات العمومية المندمجة والتي هي من اختصاص وصلاحيات الحكومة ورقابة وتقييم البرلمان ومجلس المستشارين (مجلس النواب بغرفتيه)، فيما الدلالة الثالثة تشير إلى أنه لا يمكن أن نتحدث عن حكامة برلمانية دون استحضار المواطن الذي يملك الحق في التصويت، وفي الترشح للانتخابات بناء على الفصل 30 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011، لذلك يجب إعمال هذا الحق لتحقيق المشاركة السياسية والحزبية وبناء تعاقد جديد بين الدولة والمواطن لإنجاح الانتخابات العامة في المغرب’’.
مبرزا في ذات السياق أن ‘’حكامة الانتخابات العامة بالمغرب تستدعي التعبئة الشاملة من طرف جميع الفاعلين، الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية من جهة وباقي الفاعلين غير الرسميين، قطاع خاص ومجتمع مدني، فالوعي بأهمية المشاركة السياسية سيزيد من منسوب الثقة بين المواطن والدولة من جهة، والمواطن والأحزاب السياسية من جهة، نظرا لأن المواطنة المسؤولة هي الية من اليات تحقيق دولة الحق والقانون والمؤسسات من جهة، وترسيخ التمكين التنموي للمواطن أصبح مطلبا متجددا في كل استحقاق انتخابي’’.
تعليقات الزوار ( 0 )