وصل سفير الجزائر الجديد بإسبانيا، عبد الفتاح دغمون، إلى مدريد يوم الخميس، منهيا بذلك 19 شهرا من القطيعة الدبلوماسية التي بدأها “قصر المرادية”، بعد تغير موقف المملكة الإيبيرية من نزاع الصحراء المغربية.
وقالت “أوربا برس”، إن الوصول السفير الجزائري الجديد، جاء في نفس اليوم الذي انطلقت فيه الزيارة الرسمية لوزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون، خوسيه مانويل ألباريس، إلى الرباط.
وأضافت أن السفير الجزائري الجديد، سيقوم لاحقا نسخ من أوراق اعتماده إلى وزارة الخارجية، وهي الخطوة الأولوية قبل تقديم الاعتماد الرسمي إلى الملك فيليبي السادس.
الحجم الحقيقي لـ”القوة الإقليمية”
وأظهرت طريقة نهاية الأزمة الدبلوماسية التي بدأ بقرار أحادي من الجزائر، وانتهت بنفس الطريقة، الحجم الحقيقي للبلد الذي يدعي قادته أنه “قوة إقليمية”، وبأن له تأثيرا على المستوى الدولي.
ولم تغير إسبانيا موقفها من نزاع الصحراء، رغم الضغوطات الجزائرية التي استمرت لـ 19 شهرا، بل واصلت تعزيز علاقاتها مع المغرب، وطوت بشكل شبه نهائي، صفحة “القوة الإقليمية”.
ونقلت العديد من التقارير الإعلامية الإسبانية، تفاصيل اختيار إسبانيا التركيز على تعزيز علاقاتها مع المغرب، بدل العمل على إنهاء الأزمة مع الجزائر، التي وضعت كل آمالها على خسارة بيدرو سانشيز في الانتخابات العامة.
ألباريس يتجاهل الحديث عن سفير الجزائر
وتجاهل وزير الخارجية الإسباني، خلال تواجده بالمغرب، الإجابة عن سؤال بخصوص عودة سفير الجزائر إلى مدريد، حيث اكتفى بتكرار جواب سابق للحكومة: “نريد أن تكون لنا نفس العلاقة الجيدة مع الجزائر كما كانت سابقا”.
وشدد ألباريس خلال التصريح نفسه، على أن إسبانيا، ترغب في أن تكون لها علاقة جيدة مع دول البحر الأبيض المتوسط، والدول العربية، على أساس “الصداقة”، مؤكداً أن “يدنا ممدودة منذ البداية”.
وفي التصريح نفسه، أكد ألباريس، أن المغرب، هو الأولوية الأولى للسياسة الخارجية الإسبانية، موجها، حسب متابعين، بشكل غير مباشر، رسالة إلى الجزائر، مضمونها “ضرورة معرفة حجمها الحقيقي في المنطقة”.
الجزائر حاولت الضغط.. ولكن “فوق طاقتك لا تُلام”
وكانت الجزائر، قد استدعت سفيرها السابق سعيد موسي للتشاور في الـ 19 من شهر مارس 2022، وذلك بعد يوم واحد من كشف الرباط عن رسالة رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، إلى الملك محمد السادس، والتي أكد فيها دعمه لمخطط الحكم الذاتي لإنهاء نزاع الصحراء.
هذا الدعم الإسباني للمغرب في نزاع الصحراء، ساهم في تجاوز الأزمة الدبلوماسية الخطيرة التي كانت قد اندلعت بين البلدين، عقب قبول حكومة مدريد استقبال زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي، بشكل سري، وذلك من أجل العلاج في مستشفى سان بيدرو بمدينة لوغرونيو، بعد إصابته بفيروس “كورونا” المستجد.
بعد سحب السفير، أمر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بتعليق معاهدة الصداقة، ثم تقليص المعاملات التجارية إلى الحد الأدنى بين البلدين، مما أدى إلى تراجع الصادرات الإسبانية بشكل كبير، باستثناء الغاز الطبيعي الذي واصلت الجزائر، التي تعتبر المورد الأول من هذه المادة للبلد الأوروبي، إمداد المملكة الإيبيرية به.
ورغم محاولة الضغط عبر إشهار كل الأوراق المتاحة، على رأسها قطع العلاقات الدبلوماسية، ثم التضييق على الشركات الإسبانية، وبعدها تخفيض صادراتها من الغاز إلى إسبانيا، وجدت الجزائر، أن جميع الخطوات التي قامت بها، لم تؤت أكلها، بل جاءت بنتائج عكسية، من خلال خسارتها لمكانتها في المملكة الإيبيرية.
إنهاء القطيعة الدبلوماسية بشكل “مُذلّ”
بعد حوالي 19 شهرا، وكما بدأت القطيعة دون سابق إنذار، ومن جانب واحد، انتهت بقرار من السلطات الجزائرية، التي أعلنت الجزائر عن تعيين سفير جديد لها في العاصمة الإسبانية مدريد، منهية بذلك الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، رغم عدم تراجع إسبانيا عن موقفها من نزاع الصحراء.
وأرجع سياسيون جزائريون وفاعلون اقتصاديون، سبب هذا التراجع إلى خطاب بيدرو سانشيز في الأمم المتحدة، والذي لم يذكر فيه مخطط الحكم الذاتي لإنهاء نزاع الصحراء، واكتفى بالحديث عن حل سياسي مقبول من الطرفين في إطار ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن.
هذا المبرّر، ورغم أنه لم يكن مقنعاً لأحد، لم يدم طويلاً، حيث أكد خوسيه مانويل ألباريس، وزير الخارجية الإسباني، خلال التصريح الصحفي الذي أعقب لقاءه بنظيره المغربي ناصر بوريطة، على استمرار بلاده في دعم مقترح الحكم الذاتي من أجل إنهاء نزاع الصحراء.
تعليقات الزوار ( 0 )