عرّى الكاتب الصحفي الإسباني إغناسيو أورتيز، حقيقة ما يسمى بـ”الوفود” التي تسعى لدخول مدن الصحراء المغربية، من أجل “مراقبة أوضاع حقوق الإنسان”.
وقال الكاتب الإسباني أورتيز، “قبل أيام، أُفيد بأن المغرب منع وفداً تابعاً لـ”الجمعية الدولية لمحامي الصحراء الغربية” (IAJUWS)، التي ترأسها الناشطة وعضوة مجلس جزيرة كناريا الكبرى عن حزب “نويفا كناريا” (جزر الكناري الجديدة)، إينيس ميراندا، من دخول مدينة العيون، وذلك على متن رحلة جوية قادمة من لاس بالماس”.
وأضاف أورتيز في المقال الذي حمل عنوان: “الحج إلى الصحراء: المراقبون والمخادعون”، والذي نُشر على موقع “laprovincia”، إن هذا الوفد كان يزعم “من بين أنشطة أخرى، أنه يسعى للتحقيق في أوضاع حقوق الإنسان بالمنطقة، ضمن مهمة قالوا إنهم يقومون بها بشكل دوري منذ عام 2002، رغم أن لا أحد يعرف الكثير عن سجل أنشطتهم فعلياً”.
وتابع الكاتب الإسباني، أن المحامين، ادعوا أنهم “تعرضوا للطرد بعنف، غير أن الفيديو الذي نشروه، إضافة إلى شهادة أحد معارفي الذي كان على متن نفس الطائرة، أظهر أن السلطات المغربية تصرفت كما فعلت في حالات مماثلة مؤخراً، أي رفضت دخولهم إلى المطار بحجة أنهم لا يستوفون شروط الدخول إلى الإقليم، ومن بينها الإخطار المسبق. وهذا يبتعد كثيراً عن الوصف المبالغ فيه بـ”الطرد” الذي يروجون له مجاناً. ومع ذلك، عمد هذا الوفد الصغير إلى التنديد بهذا الفعل في وسائل إعلام إسبانية بشكل مبالغ فيه ولأغراض دعائية”.
في الواقع، يردف أورتيز: “انتقد أحد أفراد الوفد شركة الطيران “بينتر” وقائد الطائرة بشكل لاذع، بحجة أنه، من خلال السماح للسلطات المغربية بدخول قمرة القيادة، “سمح باحتلال أراضٍ إسبانية لأكثر من ثلاثة أرباع الساعة من قبل أولئك الذين منعوهم من النزول”. وهذا ضرب من العبث، إذ إن الطائرات الخاصة (بما فيها الطائرات التجارية) تخضع لقوانين الدولة المتواجدة فيها عندما تكون على أراضيها، خصوصاً في ما يتعلق بمسائل الأمن والنظام العام. وكان الأجدر بهم، كمحامين، أن يعرفوا هذا، لكن الدعاية المؤيدة للبوليساريو تغلب، ما يؤدي إلى الشائعات والمعلومات المضللة”.
واسترسل، أن أعضاء الجمعية، نشروا الفيديو المذكور، “حيث نددوا بالإساءة وسوء المعاملة من قبل موظفين مغاربة. لكن، باستثناء منعهم من النزول من الطائرة، لم يظهر أي شيء مما تم تضخيمه عبر وسائل التواصل الاجتماعي وجزء كبير من الإعلام الإسباني، الذي يعاني من نزعة معادية للمغرب، سواء من اليسار أو اليمين، حيث تبنوا الرواية دون تحقق يُذكر”.
وأردف أورتيز في المقال نفسه: “كما أكدوا أن الرحلة كانت بعلم الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي وحكومتي إسبانيا وجزر الكناري. وهو أمر يثير الاستغراب نظراً لمدى القطعية في تلك التصريحات التي تنم عن عبث مطلق، خاصة وأن هذه المؤسسات لا تقوم بإجراءات الهجرة في بلدان أخرى. ولم يتم إخطار المغرب بذلك”.
وواصل: “وفي سياق مرتبط، هناك زيارة النواب الأوروبيين من أقصى اليسار الذين مُنعوا أيضاً من الدخول. من السخرية والعار أن يزعموا في شكواهم أنهم “لم يتمكنوا من أداء عملهم”، وأنهم كانوا في مهمة مزعومة أو بموجب تفويض مزعوم في بلد ذي سيادة لا يخضع للاختصاص الأوروبي، ولم يتم التنسيق معه مسبقاً، كما تقتضي البروتوكولات بين المغرب والاتحاد الأوروبي”.
والسؤال الذي يجب طرحه، حسب الكاتب الإسباني نفسه، “هو ما إذا كان هذا الوفد من المحامين قد تواصل مسبقاً مع أي جهة رسمية مغربية. المغرب، سواء أعجبهم ذلك أم لا، يدير الإقليم منذ نصف قرن. لكن بالنسبة لهم، لا وجود له، وكأن الصحراء أرض مجهولة يمكن دخولها لتنفيذ مهمة “مراقبة” كما لو أنهم يصورون فيلماً وثائقياً عن القطب الشمالي، من دون إخطار أو تنسيق مع السلطات المحلية”.
وأكد أورتيز، أن الأوان قد حان لـ”وضع هذه القضية في سياقها الطبيعي، والانطلاق من مبدأ أن لا دولة في العالم تسمح لأي أجنبي، مهما كان وضعه السياسي أو الاجتماعي (إن وُجد)، بدخول أراضيها للقيام بمهمة رسمية دون علم مسبق وربما إذن رسمي. بل إن السلوك المتعجرف والانفعالي الذي أبداه المحامون في الفيديو الذي نشروه بأنفسهم، يقودنا إلى القول إنه في بلد مثل الولايات المتحدة، لم يكونوا فقط ليُمنعوا من الدخول، بل ربما لاقوا أنفسهم مكبّلين في انتظار الترحيل”.
وذكّر أورتيز، بأن “المغرب يمارس سيادته على الصحراء، وأن “المهام” — أو كيفما أرادت هذه الوفود أن تُسمّي نفسها — ملزمة باحترام الشروط الثنائية والدبلوماسية، بعيداً عن الانحيازات الأحادية التي لا تسعى سوى لخلق بلبلة وانتشار على وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية، كما يحدث منذ سنوات، لكنه تزايد في الأسابيع الأخيرة”.
وذهب أورتيز، إلى أبعد من ذلك، حيث أكد أن “محاولة فرض أجندات خاصة بالقوة في منطقة مدمجة تماماً في المغرب وتخضع لقوانينه، بهدف تصوير أنفسهم كضحايا وافتعال أزمات دبلوماسية، هو سلوك بعيد كل البعد عن المسار الذي يجب أن يسلكه سياسي أو محامٍ جدّي لتسوية أي نزاع”.
ومضى الكاتب نفسه يقول في مقاله: “كما يُطرح تساؤل آخر: هل كانت هذه الوفود لتقابل أطرافاً متعددة من المجتمع الصحراوي لجمع معلومات من مصادر متنوعة، بما ينسجم مع صفة “المراقبين” التي يُطلقونها على أنفسهم؟ لا شك لدي أنهم لم يكونوا ليقوموا بذلك، ويمكن إثبات هذا بسهولة”.
في النهاية، نبه أورتيز، إلى أن “ما نشهده في الأسابيع الأخيرة ما هو إلا أفعال لأشخاص يسعون لتشويه واقع المنطقة من خلال عرض إعلامي ناتج عن رحلة فاشلة، مدبّرة عن سبق إصرار. رحلات ظاهرها الرغبة في مراقبة مزعومة لحقوق الإنسان، لكنها في الواقع تهدف إلى تحقيق شهرة شخصية أو الترويج لمن يمثلونهم، إضافة إلى دعاية لصالح جبهة البوليساريو. لا بد من الاستمرار في التنديد بأي محاولة للتشويش أو التلاعب الإعلامي، خاصة داخل بلدنا، الذي أصبح مركزاً لهذه الرؤية المشوهة للواقع فيما يخص قضية الصحراء”.
تعليقات الزوار ( 0 )