Share
  • Link copied

في قلب الرباط وتحت شعار “قيادة مرنة، متكيفة، وتحولية”: المغرب يستضيف أرفع مؤتمر عسكري إفريقي بمشاركة أمريكية واسعة لتعزيز القيادة والجاهزية في مواجهة التهديدات العابرة للحدود

احتضنت العاصمة الرباط ما بين 10 و12 يونيو 2025 فعاليات الدورة السابعة لمؤتمر القادة العسكريين الكبار في إفريقيا، الذي نظم بشراكة بين القيادة الأمريكية لإفريقيا (AFRICOM) والقوات المسلحة الملكية المغربية، بحضور أكثر من 130 من كبار ضباط الصف من الولايات المتحدة و30 دولة إفريقية.

وهذا الحدث البارز لم يكن مجرد ملتقى بروتوكولي، بل منصة استراتيجية لتبادل الخبرات، واستشراف مستقبل التعاون العسكري في قارة أصبحت – بحسب تعبير المسؤولين الأمريكيين – “مسرح تقاطع المصالح العالمية”، وتحديات أمنية متزايدة تفرض بروز جيل جديد من القادة العسكريين.

إفريقيا في قلب التوازنات العالمية

وفي هذا الصدد، قال الرتيب الأول مايكل وودز، كبير ضباط الصف في قيادة AFRICOM، إن أهمية القارة الإفريقية تتعاظم يومًا بعد يوم:”إفريقيا اليوم هي محور تتقاطع فيه مصالح العالم. ومهما تطورت جيوشنا تكنولوجيًا، فإن النجاح الحقيقي يعتمد على القادة الميدانيين، أولئك القادرين على إشعال شرارة الحافز في قلوب الجنود عندما تكون اللحظة حاسمة”.

ومن هذا المنطلق، جاء شعار دورة 2025 “قيادة مرنة، متكيفة، وتحولية” ليعكس الطموح في بناء هياكل عسكرية إفريقية قادرة على الصمود أمام التحديات المعقدة، من الإرهاب العابر للحدود إلى التهديدات السيبرانية، مرورًا بالكوارث الطبيعية والتدخلات الأجنبية.

المغرب: من مضيف إلى فاعل محوري

واختيار المغرب كمضيف لهذا المؤتمر لم يكن اعتباطيًا، فالمملكة تواصل ترسيخ مكانتها كفاعل رئيسي في معادلة الأمن الإفريقي، بفضل علاقاتها المتينة مع الولايات المتحدة وشراكاتها العسكرية المنتظمة في إطار مناورات “الأسد الإفريقي” التي تنظم سنويًا، فضلًا عن عقيدتها الأمنية التي تجمع بين الصرامة والاحترافية والانفتاح على الشراكة جنوب–جنوب.

واعتبر المشاركون أن المغرب يقدم نموذجًا ناجحًا لقوات مسلحة ملتزمة، حديثة التجهيز، وقادرة على التأقلم مع التحولات الأمنية المعقدة في المنطقة.

شراكة استراتيجية في وجه التهديدات

من جهته، أكد الجنرال الأمريكي جون برينان أن القارة تواجه تهديدات معقدة ومتغيرة، من بينها الإرهاب وشبكات التهريب والجهات الأجنبية ذات الأجندات التخريبية.

وشدد على أن الرهان اليوم ليس فقط في التدريب، بل في “تمكين القيادات الميدانية من اتخاذ المبادرات وقيادة العمليات بنجاعة على الأرض”.

وأضاف برينان:”بإرسال أفضل ضباط الصف إلى هذا المؤتمر، تُظهر البلدان الإفريقية التزامها ببناء وحدات عسكرية قادرة على صد العدو وحماية مستقبل شعوبها”.

من مالاوي إلى المغرب: مسار تراكمي

وانطلقت أولى دورات هذا المؤتمر سنة 2017، وشهد منذ ذلك الحين تطورًا مطردًا في الحضور والتأثير. الدورة السابقة كانت في ليلونغوي، مالاوي، أما دورة الرباط فقد تميزت من حيث التنوع الجغرافي، وتكامل المحاور، وعمق النقاشات حول مفاهيم القيادة الحديثة، وسبل تعزيز الانضباط والجاهزية والقيادة الأخلاقية في صفوف القوات الإفريقية.

رسائل تتجاوز السلاح

والمؤتمر لم يكن فقط مناسبة عسكرية، بل حمل في طياته رسائل إنسانية وسياسية، تؤكد أن الاستقرار في إفريقيا لا يمكن أن يتحقق إلا عبر بناء مؤسسات عسكرية مهنية، مدنية في ولائها، منفتحة على التعاون الإقليمي والدولي.

وفي ظل تصاعد التحديات، تتجه الأنظار إلى النخب العسكرية الإفريقية الجديدة، والتي من المؤمل أن تشكل حجر الزاوية في بناء إفريقيا أكثر أمنًا واستقلالية، بالشراكة مع حلفاء يعون أن مستقبل الأمن العالمي يبدأ من الجنوب.

Share
  • Link copied
المقال التالي