وسط تحولات كبرى يشهدها النظام العالمي وتراجع الحضور الأمريكي في العديد من المنظمات الدولية، برز المغرب كأحد الفاعلين المحتملين لتعزيز الشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة في مجالات التجارة والطاقة النظيفة.
هذا ما أكده الصحافي المصري والمحلل في الشؤون الدولية أحمد فتحي، المقيم في نيويورك والمراسل الدائم لدى الأمم المتحدة، والذي يرى أن المغرب يتوفر اليوم على مؤهلات استراتيجية تؤهله للعب دور محوري في العلاقة المستقبلية بين الولايات المتحدة والقارة الإفريقية.
وفي حوار تناول مضامين كتابه الجديد “أمريكا أولاً، عالم منقسم: تأثير ترامب 2.0″، أوضح فتحي أن العودة المحتملة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تكرس نهجاً انعزالياً تجاه المؤسسات متعددة الأطراف، وهو ما يفرض على دول مثل المغرب أن تبحث عن موطئ قدم قوي في المعادلة الجيوسياسية الجديدة.
ويبرز المغرب، حسب فتحي، كنموذج متفرد في القارة الإفريقية، نظراً لعلاقته التاريخية بالولايات المتحدة، وتقدمه الملحوظ في مجالات التخطيط الحضري (بتغطية تفوق 90%)، والاستثمار في الطاقات المتجددة، إلى جانب تحركاته الأخيرة لتقوية حضوره الاقتصادي الإقليمي، كما تعكسه اتفاقيات التعاون الجديدة بين بورصة الدار البيضاء والبنك المركزي الموريتاني.
كما أشار المحلل المصري إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب خلال ولايته لم تعد سياسة ظرفية، بل أضحت توجهاً طويل الأمد في السياسة التجارية الأمريكية.
ففي الوقت الذي تواجه فيه دول كالصين وفيتنام رسوماً مرتفعة تصل إلى 125% و46% على التوالي، لا تتجاوز هذه النسبة 10% في حالة المغرب، ما يمنحه فرصة ذهبية لتعزيز صادراته إلى السوق الأمريكية.
غير أن فتحي يشدد على ضرورة تجاوز بعض التحديات اللغوية والمؤسساتية، خصوصاً ما يتعلق باستمرار اعتماد الفرنسية في التواصل التجاري، داعياً إلى التحول إلى الإنجليزية لتعزيز العلاقات مع الفاعلين الأمريكيين.
من جهة أخرى، أكد أن المغرب، بفضل استقراره السياسي ورؤيته التنموية، يمكن أن يتحول إلى منصة إفريقية حيوية في التجارة الدولية، خاصة إذا واصل دعم الاستثمارات في مجالات الطاقة الخضراء والصناعات التحويلية ذات القيمة المضافة.
وفي ختام تحليله، شدد أحمد فتحي على أن فاعلية المغرب في المرحلة المقبلة ستكون رهينة بقدرته على التحرك السريع ضمن عالم يتغير بوتيرة متسارعة، مشيراً إلى أن “أمريكا أولاً” لم تعد مجرد شعار انتخابي، بل تحولت إلى رؤية استراتيجية تؤثر في إعادة رسم خريطة العلاقات الدولية.
تعليقات الزوار ( 0 )