تزامنا مع مرور 18 عاما على إصدار مدونة الأسرة في المغرب، تستمر جمعيات نسائية ومنظمات حقوقية بالمطالبة بإقرار تغييرات جذرية وشاملة بالشكل الذي يضمن المساواة بين المرأة والرجل.
اتحاد العمل النسائي كان واحدا منها، حيث شددت عضوات مكتبه التنفيذي على ضرورة الارتكاز على المرجعية الحقوقية في صياغة بنود مدونة مبنية على المساواة وعدم التمييز، وإعمال مقتضيات المواثيق الدولية ذات الصلة، وعلى رأسها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “السيداو”، التي يعد المغرب دولة طرفا فيها بمصادقته عليها.
وقد سجلت عائشة الحيان، رئيسة الاتحاد، في ندوة صحافية اليوم الخميس بنادي المحامين في الرباط، بأسف مرور عشر سنوات على صدور دستور 2011 دون فتح باب تغيير القوانين ذات الصلة بالنساء، خاصة قانون الأسرة والقانون الجنائي وقانون مناهضة العنف ضد النساء الذي تعتريه مجموعة من الثغرات.
وطالبت الهيئة المذكورة بإلغاء تعدد الزوجات لكونه يتعارض مع مبدأي المساواة وعدم التمييز اللذين يكفلهما الدستور والاتفاقيات الدولية، ولما يشكله من مس بكرامة النساء وتعريض لاستقرار وتماسك الأسرة، ولما ينتج عنه من آثار نفسية واجتماعية واقتصادية على النساء وأطفالهن.
ودعت إلى توحيد مسطرة انحلال الزوجية بالنسبة للطرفين معا والاقتصار على مسطرة الطلاق الاتفاقي ومسطرة التطليق، وأن تكون أسباب اللجوء إلى هذه المسطرة إما استحكام النزاع بين الزوجين أو الضرر أو الغيبة.
واعتبرت أن السبب في هذه الدعوة يكمن في أن الأزواج نساء ورجالا، يفضلون اللجوء إلى هاتين المسطرتين على حساب باقي المساطر، لسهولة إجراءاتها وحق الزوجين معا في اللجوء إليها، كما جاء في الدراسة التي أنجزتها وزارة العدل حول “القضاء الأسري.. الواقع والآفاق، عشر سنوات من تطبيق مدونة الأسرة”.
وتابعت أن أن إحصائيات سنة 2020 أثبتت استحواذ هاتين المسطرتين على باقي أنواع الطلاق والتطليق، حيث يتصدرها التطليق للشقاق متبوعا بالطلاق الاتفاقي. وقد بلغت قضايا التطليق للشقاق مثلا على مستوى المحكمة الاجتماعية بالبيضاء نسبة 97 في المائة ضمن قضايا انحلال الزوجية برسم سنة 2020.
وفي هذا الإطار، لفتت إلى أنه قد أصبح من الضروري إعادة النظر في مساطر انحلال الزوجية والاستغناء عن المساطر غير المفعلة، مع تعزيز حق النساء في اللجوء إلى إنهاء العلاقة الزوجية حماية للحقوق المكتسبة في هذا المجال، وتجنبا لأي تضييق من شأنه أن يقيد حقهن في ذلك كما كان عليه الأمر قبل المدونة، مع الإبقاء على جعل الطلاق تحت مراقبة القضاء لما يشكله من حماية لطرفي العلاقة والمصالح وحقوق الأبناء.
وقد ألحت على ضرورة تعزيز مؤسسة الصلح والوساطة لفض النزاعات الأسرية وتقوية أدوارهما مع ضمان التكوين والتكوين المستمر لتملك التقنيات اللازمة لذلك والاستعانة بالمتخصصين النفسانيين والاجتماعيين لإعداد تقارير حول أسباب النزاع ووضعية الأطفال للاستعانة بها قضائيا.
من جانب آخر، أثار اتحاد العمل النسائي الانتباه إلى حرمان النساء المغربيات من حقهن في الوصول إلى الثروة وخاصة الثروة العقارية، بسبب عدم الحصول على الحق المتساوي في الإرث بين النساء والرجال.
وذكر أنه وفقا للتقارير الرسمية، فالنساء المالكات للعقار لا تتعدى نسبتهن 7 في المائة بالمدينة و1 في المائة في القرية، وهو ما يبين أن النساء لا يحصلن لا على النصف ولا الثلث ولا الربع، الأمر الذي يتطلب مراجعة شاملة لمنظومة المواريث ليس فقط الكتاب السادس من مدونة الأسرة بل أيضا الجزء الخاص بتصفية التركة في المسطرة المدنية.
واستغل الاتحاد ذاته الندوة الصحفية، للتنبيه إلى الظلم الذي يلحق الأطفال، لكون حق النسب ما زال محكوما بنصوص تحصر ضدا على ما عرفه التطور العلمي في مجال البصمة الوراثية التي تعتبر نتائجها قطعية.
ورأى أن الأمر يؤدي إلى حرمان العديد من الأطفال المزدادين خارج إطار الزواج من حقهم في الانتساب إلى آبائهم، مما يفرض إعادة النظر في النصوص المتعلقة بالبنوة والنسب والنص صراحة على اعتماد الخبرة الجينية كوسيلة لإثبات نسب الأبناء لآبائهم.
تعليقات الزوار ( 0 )