Share
  • Link copied

“فرنسا هي من اخترعت الجزائر”: وثيقة فرنسية رسمية تثير الجدل حول الجذور التاريخية للكيان الجزائري (+ صورة)

في وثيقة تاريخية رسمية يعود تاريخها إلى 14 أكتوبر 1839، ويتداولها مؤخرًا باحثون ومؤرخون، يتضح أن الاسم “الجزائر” لم يُستخدم ككيان سياسي أو جغرافي موحد قبل ذلك التاريخ، بل جاء بموجب أمر إداري صادر عن وزارة الحرب الفرنسية.

ويقضي هذا القرار بتبني مصطلح “Algérie” بدلًا من التعابير السابقة التي كانت تطلق على المستعمرة، مثل “الملكيات الفرنسية في شمال إفريقيا” أو “الايالة السابقة للجزائر”.

وفي الرسالة الموجهة إلى الحاكم العام، جاء ما يلي:”حتى اليوم، كان يُطلق على الأراضي التي نحتلها في شمال إفريقيا، في الوثائق الرسمية، إما اسم “الملكية الفرنسية في شمال إفريقيا”، أو “الايالة السابقة للجزائر”، والآن أصبح الاسم المعتمد رسميًا هو “الجزائر”.

رسالة الجنرال شنايدر، وزير الحرب الفرنسي، إلى المارشال فالِي بتاريخ 14 أكتوبر 1839 – محفوظة لدى “أرشيف خدمة التاريخ العسكري الفرنسي”.

وأضاف وزير الحرب في رسالته:”هذه التسمية الأخيرة، الأقصر والأوضح، ستُستخدم من الآن فصاعدًا في كل المراسلات الرسمية، وفي الوثائق الصادرة عن الهيئات التشريعية، وفي الخطب أمام العرش… ويُطلب من جميع السلطات، المدنية والعسكرية، أن تعتمد هذه التسمية الجديدة”.

كيان سياسي ولد من بيروقراطية استعمارية

وتُظهر الوثيقة بوضوح أن فرنسا اخترعت اسم “الجزائر” بوصفه تسمية إدارية لتسهيل تسيير مستعمرتها الجديدة بعد سقوط الإيالة العثمانية في الجزائر عام 1830.

ووفق ما كتبه الوزير لحاكم المستعمرة، فإن الاسم جاء نتيجة “ضرورة توحيد المصطلحات الرسمية” وليس نتيجة لوجود كيان وطني قائم أو معترف به تاريخيًا.

ويدعم هذا المعطى التاريخي أطروحات عدد من الباحثين المغاربة والمراقبين الدوليين الذين يعتبرون أن “الجزائر الحديثة” وُلدت من رحم الاستعمار الفرنسي، ككيان سياسي مصطنع جمع بين أقاليم شاسعة غير متجانسة، امتد بها الاستعمار الفرنسي في اتجاهات متعددة ليخلق مستعمرة نموذجية على ضفاف المتوسط، قبل أن تستقل عام 1962.

دلالات سياسية في سياق إقليمي محتدم

وتأتي إعادة تداول هذه الوثيقة في سياق توتر سياسي وإعلامي مزمن بين المغرب والجزائر، خاصة بعد اتهامات متبادلة بشأن الهوية، التاريخ، وحدود النفوذ الإقليمي.

واعتبر مراقبون أن مثل هذه الوثائق تنسف الخطاب الرسمي الجزائري الذي يروّج لهوية “تاريخية ضاربة في القدم” للجزائر كدولة موحدة، بينما تُظهر الوثائق أن الكيان السياسي لم يتبلور إلا تحت الاحتلال الفرنسي.

قراءة جديدة للتاريخ؟

ويثير مضمون هذه الرسالة جدلاً واسعًا بين من يعتبرها وثيقة تاريخية تفضح حقيقة الجغرافيا السياسية التي أنشأها الاستعمار، ومن يراها محاولة لإعادة كتابة التاريخ بمنطق سياسي يخدم أجندات حالية. غير أن الوثيقة – بصيغتها الرسمية – تُعد شهادة نادرة على كيفية تشكل الكيان الجزائري كنتاج قرار إداري من باريس.

وفي ظل احتدام التوتر بين الجزائر والمغرب، وعودة الصراعات حول ملفات الهوية والحدود والدور الإقليمي، تكتسب الوثائق التاريخية مثل هذه أهمية مزدوجة: فهي ليست فقط شواهد على الماضي، بل أدوات تُستحضر لتشكيل سرديات الحاضر.

Share
  • Link copied
المقال التالي