شارك المقال
  • تم النسخ

فؤاد بن أحمد يكتب: السرقة العلمية… والخروج عن الموضوع

الغرض من هذا المقال هو أن ألفتَ انتباه جمال راشق، أستاذ الفلسفة بجامعة القاضي عياض بمراكش، إلى أنه قد حاد عن الموضوع في ردّه على ما كتبتُ بخصوص عمله قبل ثلاث سنوات كاملة. لذلك، فلن يجد القارئ المتابع جديدا ذا بال، هنا، بالقياس إلى ما سبق أن أثرته في مقالتي عن سيرة ابن باجة وأعماله قول في شكليات البحث والأمانة العلمية بتاريخ 10 أكتوبر 2017. لم يرِد في جوابِ جمال راشق شيءٌ يستحقُّ أن نبلور بخصوصه نقاشًا مثمرا، فهو لم يَرُدّ على ما حملته مقالتي من اعتراضات وبيانات بخصوص سرقته العلمية، وإنما ذهب إلى سرد سيرته بما يليق، وسيرتي بما لا يليق؛ وهذا أمر لا صلة له بجوهر المشكل. لذلك، ارتأيت أن أكتب هذا المقال تذكيرا له بالعودة إلى الموضوع، عسى أن أتلقى يوما ردّا علميا يفيدني والمهتمين بفلسفة ابن باجة.

أول أمر يجدر بي التذكير به هنا، هو أني كنت قد وقفت، قبل كتابة مقالتي عام 2017، على السرقة العلمية الصريحة التي ارتكبها جمال راشق في حق الرسالة الجامعية لسعيد البوسكلاوي، التي نوقشت عام 2003، بعنوان: إشكاليّة الإرادة لدى فلاسفة الإسلام: الإرادة بين القول الطبيعيّ والمدنيّ والإلهيّ؛ والتي صدرت كتابًا عن دار المشرق عام 2010 بعنوان: مفهوم الإرادة في الفلسفة الإسلامية المشائية؛ ولم أتول، آنذاك، الكتابة في الموضوع، لأني كنت أعتقد، وما زلت، أن البوسكلاوي هو من عليه أن يتولى المسألة بنفسه، عن طريق التوجه إلى المحكمة رأسًا للمطالبة بحقوقه.

أما اليوم، وبعد مرور ثلاث سنوات، فظاهر أن صدور مقالة سعيد البوسكلاوي المطولة والمفصلة والتي تحمل عنوان ”جمال راشق يسطو على كتابي: مفهوم الإرادة في الفلسفة الإسلامية المشائية“ هو الذي حمل راشق على نشر ما اعْتبَرهُ ردّا على مقالتي، أيضا، وكذا على مقالة البوسكلاوي. وقد أظهر هذا الأخير، بالدليل الكاشف، تلبس جمال راشق بسرقة عمله وبنشره مرتين؛ وأدعو القارئ أن يعود إلى الجداول المقارنة ويتعب نفسه، قليلا، في المقابلة بين كلام البوسكلاوي وكلام راشق، ويخرج بعدئذ بما يشاء من نتائج.

وفي الواقع، كنت أمني النفس، قبل اليوم، بأن يتفرغ راشق للردّ على مقالتي؛ أما وقد صدرت مقالة البوسكلاوي، فقد صرت أمني النفس، هذه المرة، بأن يركز على موضوع سرقة الرسالة الجامعية لهذا الأخير؛ حتى لا يختلط هذا بذاك، ولا يُطمس موضوعٌ بآخر. وهذا بالذات ما حاول راشق القيام به في جوابه؛ فقد حاول إنكار السرقة العلمية عن طريق القدح في الشخص، ووصفه بكل ما يمكن أن يجعل صورته تسقطُ في أعين الجمهور، ومن ثم عدم الالتفات لدعواه؛ أما المختصون الذي يعرفون الملف ودواخله، فلا شك أنهم قادرون على التمييز. وسأحاول جهدي، هنا، أن أفكّ الارتباط الذي أقامه راشق بين الأبعاد الشخصية والأبعاد الأكاديمية محاولةً منه الهروبَ من السرقة العلمية التي تتلبس عمله.

وبالمناسبة، فعندما كنت أكتب مقالتي ”عن سيرة ابن باجة وأعماله: قول في شكليات البحث والأمانة العلمية“ عن كتاب جمال راشق، الذي صدر بالعنوانين الآتيين: ابن باجّه فيلسوف سرقسطة وفاس 533ه-1139 سيرة وأعمال؛ وابن باجّه: أبو بكر محمد بن يحيى ابن الصائغ التجيبي السرقسطي الأندلسي (ت. 533هـ/1139م): سيرة وببليوغرافية، حرصت أشد ما يكون الحرص على أن لا أمس شخصه بسوء؛ لسبب بسيط وهو أن حق الزمالة وآداب النقد العلمي تلزمني بأن أذهب رأسًا إلى ما هو مكتوب ومنشور، ولا أنشغل بصاحبه ولا بهيئته ولا بطباعه ولا بماضيه ولا بعلاقاته؛ فالنقد العلمي، كما هو متعارف عليه في الأوساط الأكاديمية، لا ينصبّ على الأشخاص وسِيَرِهم، وإنما على الأفكار المسطورة المنشورة بين الناس؛ فهذه وحدها ما يمكن أن نتحقق منها ونثبتها أو نزيفها، لأنها أمام القراء. أما النفسيات والأمزجة والطباع، فتلك أمور تصلح أن نقف عندها في سياقات العلاقات الشخصية من قبيل المصادقة والمصاهرة والمزاوجة وأشياء أخرى… وفضلا عن ذلك، إن درس الفكر النقدي يعلمنا أن لا نعتمد الشهادات والتزكيات إلا بوصفها أمورا من خارج ولا تثبت شيئا ولا تنفيه… فماذا يفيد في إظهار قيمة كتاب ما، أن أقول، مثلا، إن صاحبه وسيم أو دَميم؟ سليم البنية أو معاق؟ لا يفيد شيئا بالمرّة؛ بل إن ذلك يقدح في قولي ويوهن حجتي أمام العارفين. ومن هنا، فلا يكفي أن يكون الشخص لطيفا مهذبا جدا، لكي يكتب مقالا أو كتابا نافعا ملتزما بضوابط الكتابة العلمية. فاللطف أمر محمود، ولا شك، ولكنه لا يفيد البحث العلمي بالذات. ومن هذه الجهة، فربما كان على راشق، وهو الأستاذ الجامعي، والذي لا خلاف لي مع شخصه نهائيا، أن يرُد على مقالتي بالحد الأدنى من الكلام المسؤول والمعقول، والذي يمكن أن يسهم في النقاش بخصوص الأمانة العلمية.

وبالإضافة إلى ما سبق، يجدر بي أن أذكر، أيضا، بأني قد حرصت في مقالتي النقدية تلك على أن أظهر قيمة كتاب راشق وجِدتَه؛ وهذا أمر يسهل التحقق منه بقراءة هذا الاقتباس من مقالتي حيث كتبتُ: ”لا نشك في حصول مجهود على مستوى تجميع الوثائق والمخطوطات ووصف بعضها، وفي إصلاح مصنف جمال الدين العلوي ومحاولة الاستدراك عليه في جوانب بخصوص مؤلفات ابن باجة وترتيبها.“ وإقراري بهذا الحكم الإيجابي لم يحركني فيه غير التزامي بصنعة القراءة النقدية ومقتضياتها؛ فهذا الجنس من الكتابة، كما هو معلوم عند أصحابه، ليس وقوفا على حدود العمل وأخطائه فقط، بل هو، قبل ذلك، إظهارٌ لقيمة العمل وأهميته وما سجله من إضافة في الموضوع بالقياس إلى ما سبقه، وهو ما قمنا به. ولذلك عندما فصلت، بالأدلة الموثقة، في تناقضات الكتاب ونواقصه وإخلاله الصريح بالأمانة العلمية، لم أذكر شخص راشق لا بخير ولا بسوء؛ وللقارئ أن يتحقق بنفسه مما أقول. ومن هذه الجهة، لن يفيدَ جمال راشق سعيُه، أولا، إلى إقحامي في رده على مقالة سعيد البوسكلاوي المذكورة بعد مرور كل هذا الوقت، وإلى النيل من شخصي ثانيا، محاولةً منه طمسَ الموضوع الحقيقي المستجد، وهو سرقته عملَ البوسكلاوي، وجرّي إلى أمور لا تليق بالحوار النافع.

هذا، وأعترف أني لم أكن أتوقع ردًّا علميا من قبله على مقالتي المتواضعة؛ وذلك بالنّظر إلى حساسية الموقف وهوله. فأنا أتصور المشقة الكبيرة التي يمكن للمرء أن يشعر بها عندما تأتيه الأدلة الكاشفة لارتكابه فعل السرقة العلمية؛ لأن أصل المشكل يقع في مفردة ”السرقة“ في حد ذاتها. فهي مرتبطة، في مخيال الجمهور، بالفضيحة وبالسمعة التي يحرص المرء على بنائها خدمةً لمصالحه، ولها حمولة أخلاقية تمس مباشرةً نزاهته وأمانته، ومن ثم تمس مصالحه، فيظهرُ وكأنه مُستهدف شخصيا أو لشخصه. والحقيقة أنه لم يكن هنالك من مخرج آخر أو لنقل من اسم آخر يمكن استعماله لوصف ما قام به راشق في حق جمال الدين العلوي؛ فالسرقة العلمية وصف محايد تماما لما نشره راشق؛ وهذا أمر تُظهره تعاريف السرقة العلمية وتنظمه قوانين ومواثيق معروفة. وأكرر أني لا أقول، أبدا، إن جمال راشق لص أو سارق في حياته الشخصية والاجتماعية، وإنما أقول إن منشوره الذي يحمل العنوانين الآتيين: ابن باجّه فيلسوف سرقسطة وفاس 533ه- 1139 سيرة وأعمال، وابن باجّه: أبو بكر محمد بن يحيى ابن الصائغ التجيبي السرقسطي الأندلسي (ت. 533هـ/ 1139م): سيرة وببليوغرافية، يحتوي على سرقة علمية صريحة.

وبما أن راشق لا يريد أن يقف عند موضع الخلاف الجوهري، أعني إثباتي، بالشواهد النصية، تلبسه بالسرقة العلمية، وهروبه إلى أشياء أخرى عاهدت نفسي على أن لا أخوض فيها، فإني أجد نفسي مضطرا، هنا، إلى تذكيره بهذه السرقة العلمية بالذات. والجداول المقارنة أدناه تبرز للقارئ ولجمال راشق، مرة أخرى، ما نقله من العلوي في وصف مخطوط الإسكوريال من غير أن يخبر راشق القارئ، في أي موضع من مواضع كتابه، أنه يقتبس من العلوي، حرفيًا، ذلك الوصف.

ونستأذن من أنفسنا، ومن القراء، لننقل هذه الجداول كما وردت في مقالتنا المذكورة أعلاه، ويمكن العودة إليها لمزيد من التفاصيل.

جمال راشق، ابن باجّه فيلسوف سرقسطة وفاس 533ه- 1139 سيرة وأعمال (مراكش: فضاء آدم، 2016) (الرباط: الرابطة المحمدية للعلماء، 2017).جمال الدين العلوي، مؤلفات ابن باجة (البيضاء- بيروت: دار النشر المغربية- دار الثقافة، 1983).
يبدو أن ابن باجة لا يساير الترتيب الذي وردت به نصوص أبي نصر، ومن ثم فهو لا يشرح الإيساغوجي مفردا، ثم المدخل والفصول. أو المدخل من الواحد إلى الآخر دون ترتيب [يبدو أن راشق قد سها عن نقل كلام العلوي كاملا فأنتج عبارة سقيمة، بل غير مفهومة.]، بل وينتقل إلى الحديث عن المقولات ولواحقها، ثم يعود إلى الفصول. ونحن لا ندري هل تعمد ابن باجّه هذا الأمر الغريب أم أن ناسخا كان يتسلى بهذه القفزات. ابن باجّه، نشرة مراكش، ص. 70؛ نشرة الرباط، ص 69.يبدو أن ابن باجة لا يحترم الترتيب الذي وردت به نصوص أبي نصر، ومن ثم فهو لا يشرح الإيساغوجي مفردا، ثم المدخل والفصول أو المدخل والفصول والإيساغوجي كما تقتضي موضوعات هذه النصوص، ولكنه ينتقل من الواحد إلى الآخر دون ترتيب، بل وينتقل إلى الحديث عن المقولات ولواحقها، ثم يعود إلى الفصول. ونحن لا ندري هل تعمد ابن باجة هذا الأمر الغريب أم أن ناسخا كان يتسلى بهذه القفزات. مؤلفات ابن باجة، ص 80-81.
[6ظ] تعليق على الكلمات الأولى من إيساغوجي أبي نصر. [6ظ-7و] تعليق على ما ورد في المدخل أو رسالة في المنطق لأبي نصر. [7ظ] تعليق آخر على الكلمات الأولى من إيساغوجي أبي نصر. [8و] يشرح معنى كلمة فصول عند أبي نصر. [8و-11و]: شرح الفصول الخمسة لأبي نصر. [11ظ-13و]: تعليق على جزء من إيساغوجي أبي نصر. والملاحظ أن بداية هذا التعليق تتفق وبداية الإيساغوجي كما ورد في مخطوط أكسفورد. [13و-19ظ]: تعليق على المقولات ولواحقها تتخلله بعض الإشارات إلى ما ورد في الإيساغوجي والفصول. [19ظ-23]: عودة مرة أخرى إلى الفصول الخمسة. ابن باجّه، نشرة مراكش، ص. 70؛ نشرة الرباط، ص 69.ورقة 6ظ: تعليق على الكلمات الأولى من إيساغوجي أبي نصر. 6ظ-7و: تعليق على ما ورد في المدخل أو رسالة في المنطق لأبي نصر. 7ظ: تعليق آخر على الكلمات الأولى من إيساغوجي أبي نصر. 8و: يشرح معنى كلمة فصول عند أبي نصر. 8و-11و: شرح الفصول الخمسة لأبي نصر. 11ظ-13و: تعليق على جزء من إيساغوجي أبي نصر. والملاحظ أن بداية هذا التعليق تتفق وبداية الإيساغوجي كما ورد في مخطوط أكسفورد. 13و-19ظ: تعليق على المقولات ولواحقها تتخلله بعض الإشارات إلى ما ورد في الإيساغوجي والفصول. 19ظ-23: عودة أخرى إلى الفصول الخمسة. مؤلفات ابن باجة، ص 81.
وقد قابلنا إحالات ابن باجة إلى كتاب المقولات واللواحق فوجدناه يعلق على القسم الثاني من كتاب المختصر في المنطق لأبي نصر، وهو المختصر الذي نشر (D. M. DUNLOP) كثيرا من أجزائه. ثم إن هذا النص يختلف في مواضع كثيرة عن نص كتاب المقولات كما ورد في مخطوط أكسفورد، وهو على كل حال أكمل من نص أكسفورد وأطول. والملاحظ أنه ابتداء من الورقة 46ظ يبدأ الحديث عن موضوعات تتصل ببعض مباحث كتاب العبارة مثل الكلمة والاسم المحصل وغير المحصل. ابن باجّه، نشرة مراكش، ص71؛ نشرة الرباط، ص 70.وقد قابلنا إحالات ابن باجة إلى كتاب المقولات واللواحق فوجدناه يعلق على القسم الثاني من كتاب المختصر في المنطق لأبي نصر، وهو المختصر الذي نشر D. M. Dunlop كثيرا من أجزائه. ثم إن هذا النص يختلف في مواضع كثيرة عن نص كتاب المقولات كما ورد في مخطوط أكسفورد، وهو على كل حال أكمل من نص أكسفورد وأطول. والملاحظ ابتداء من الورقة 46ظ أن النص يبدأ بالحديث عن موضوعات تتصل ببعض مباحث كتاب العبارة مثل الكلمة والاسم المحصل وغير المحصل. مؤلفات ابن باجة، ص 83.
والنص غير كامل ولا يغطي جميع مباحث كتاب العبارة، ولكنه مع ذلك أكمل من نسخة أكسفورد التي يختلف عنها من مواضع كثيرة. ابن باجّه، نشرة مراكش، ص. 72؛ نشرة الرباط، ص 71.والنص غير كامل ولا يغطي جميع مباحث كتاب العبارة، ولكنه مع ذلك أكمل من نسخة أكسفورد التي يختلف عنها من مواضع كثيرة. مؤلفات ابن باجة، ص 84.
والنص يتناول المواضع الواردة في المقالة الثانية من كتاب التحليلات الأولى (القياس) لأرسطو. وهو غير موجود في نسخة أكسفورد وبذلك ينفرد به مخطوط الإسكوريال. ابن باجّه، نشرة مراكش، ص 72؛ نشرة الرباط، ص 71.والنص يتناول المواضع الواردة في المقالة الثانية من كتاب التحليلات الأولى (القياس) لأرسطو. وهو غير موجود في نسخة أكسفورد وبذلك ينفرد به مخطوط الإسكوريال. مؤلفات ابن باجة، ص 85.
والفرق كبير بين هذا النص والنص الوارد في نسخة أكسفورد، ومع ذلك فهو غير كامل كما جاء في تذييل كتب في آخر القول. [تحريف راشق كلام العلوي أدى به إلى حشو. فالتذييل يأتي في آخر القول بالضرورة. أما كلام العلوي فيفيد التذييل الذي كُتب بخط مختلف.] ابن باجّه، نشرة مراكش، ص 73؛ نشرة الرباط، ص 72.والفرق كبير بين هذا النص والنص الوارد في نسخة أكسفورد، ومع ذلك فهو غير كامل كما جاء في تذييل كتب بخط آخر. مؤلفات ابن باجّة، ص 86.
وهو نص يختلف عن سابقه من حيث إحالاته على كتاب البرهان لأبي نصر. ولا وجود له في مخطوط أكسفورد وبذلك تكون هذه النسخة الوحيدة لهذا القول. ابن باجّه، نشرة مراكش، ص 73؛ نشرة الرباط، ص 72.وهو نص يختلف عن سابقه من حيث إحالاته على كتاب البرهان لأبي نصر. ولا وجود له في مخطوط أكسفورد. وبذلك تكون هذه النسخة الوحيدة لهذا القول. مؤلفات ابن باجّة، ص 87.
ليست هناك إشارة في المخطوط إلى أن هذا النص لابن باجه، ولكننا نضعه هاهنا على أنه لابن باجة لأسباب ثلاثة: الأول: أن لغة النص لا تختلف عن لغة ابن باجه في النصوص السابقة. الثاني: أنه كذلك تعليق على كتاب المقولات الصغيرة [كذا] لأبي نصر. الثالث: اتبع فيه المنهج نفسه الذي اتبع في التعاليق السابقة. […] [ملاحظة: حذفنا نصين لابن باجة هنا تفاديا للتطويل. بن أحمد] والملاحظ أن نص كتاب المقولات هذا يختلف عن التعاليق السابقة على كتاب المقولات واللواحق، كما يختلف عما ورد عن المقولات في النص الأول من هذا المخطوط، وهو فضلا عن ذلك غير موجود في نسخة أكسفورد. ابن باجّه، نشرة مراكش، ص 74؛ نشرة الرباط، ص 73-74.ليست هناك إشارة في المخطوط إلى أن هذا النص لابن باجة، ولكننا نضعه هاهنا على أنه لابن باجة لأسباب ثلاثة: الأول: أن لغة النص لا تختلف عن لغة ابن باجة في النصوص السابقة. الثاني: أنه كذلك تعليق على كتاب المقولات الصغيرة [كذا] لأبي نصر. الثالث: اتبع فيه المنهج نفسه الذي اتبع في التعاليق السابقة. […][ملاحظة: حذفنا نصين لابن باجة هنا تفاديا للتطويل. بن أحمد] والملاحظ أن نص كتاب المقولات هذا يختلف عن التعاليق السابقة على كتاب المقولات واللواحق، كما يختلف عما ورد عن المقولات في النص الأول من هذا المخطوط، وهو فضلا عن ذلك غير موجود في نسخة أكسفورد. مؤلفات ابن باجّة، ص 87-88.
لم ترد في المخطوط إشارة إلى أن هذا النص لابن باجة ولكننا نضعه هاهنا على أنه من جملة تعاليقه المنطقية للأسباب المذكورة في النص السابق، والملاحظ أنه يختلف عن تعاليق ابن باجة السابقة على كتاب العبارة لأبي نصر، وهو فضلا عن ذلك غير موجود في نسخة أكسفورد، وبذلك ينفرد به مخطوطنا هذا. ابن باجّه، نشرة مراكش، ص 75؛ نشرة الرباط، ص 74.لم ترد في المخطوط إشارة إلى أن هذا النص لابن باجة ولكننا نضعه هاهنا على أنه من جملة تعاليقه المنطقية للأسباب المذكورة في النص السابق، والملاحظ أنه يختلف عن تعاليق ابن باجة السابقة على كتاب العبارة لأبي نصر، وهو فضلا عن ذلك غير موجود في نسخة أكسفورد، وبذلك ينفرد به مخطوطنا هذا. مؤلفات ابن باجة، ص 88.

كل هذه الفقرات، بل الصفحات التي كتبها العلوي وسُجّلت باسمه ونشرها العام 1983، يجدها القارئ مستنسخةً في عمل جمال راشق، من دون أدنى إشارة إليها، كما لو أنها له.

وأستأذن، مرة ثانية، لأنقل من مقالتي نفسها ما يلي فقرة أخرى عن سرقة راشق: ”نود أن نشير هنا إلى أن راشق يستعيد ما قام به العلوي من جمع لأشعار ابن باجة. فالصفحات 47- 51 من عمل راشق (نشرة مراكش) هي ذاتها، أو تكاد، الصفحات 138-144 من عمل العلوي؛ والفرق هو أن العلوي لم يكتف بنقل ما يورده الفتح بن خاقان في قلائد العقيان من أشعار لابن الصائغ، وإنما يورد أيضا كلام الفتح فيه، بينما يجتهد راشق لحذف هذا الكلام أو تلخيصه، والاكتفاء بإيراد الأشعار وتحديد بحورها. وكذلك الأمر بالنسبة إلى مطمح الأنفس للفتح أيضا (نشرة مراكش: 53-54؛ العلوي، ص 145). ويمكن قول الشيء ذاته عن نفح الطيب للمقري، حيث استُعيدت الأشعار التي أوردها هذا الأخير لابن باجة (نشرة مراكش: 52؛ وقارن العلوي، ص 151-152)، والسيوطي (نشرة مراكش 55؛ العلوي، ص 152). ومثل ذلك حصل مع ابن خلدون (انظر نشرة مراكش، ص 39؛ والعلوي، ص 148). وفي تقديري، لم يكن هناك من داع لتكرار ما كان العلوي قد قام به؛ والمستغرب أن راشق لا يشير إلى منجز سلفه، وكأنه هو من جمع هذه النصوص لأول مرة.“ (انتهى نقلي من مقالتي).

وعليه، فلست أدري لماذا يتفادى راشق الدخول معي في هذه التفاصيل العلمية المفيدة، كما دخل في تفاصيل شخصيتي وسيرتي وجاب أمعائي ونوازعي الشعورية واللاشعورية؟ ولست أدري لماذا لا يريدُ أن يخبرَ القارئَ أن سرقته للعلوي تتعلق بمجهود هذا الأخير في وصف مخطوط الإسكوريال، ولا تتعلق بالمخطوطات بشكل عام، كما يحاول أن يوهم القارئ، عندما يقول في رده: ”كيف يكون السطو وأنا أعلن منذ البداية أن هذا العمل سبقنا إليه جمال الدين العلوي وإبراهيم ألوزاد وخواكين لومبا فوينتس. والجداول التي تأتي بها للاستدلال على النقل الحرفي من العلوي لا يمكن بالإطلاق أن تعتبر نقلا ما دام الأمر يتعلق بوصف لمحتويات المخطوط، بل أنا أصف المحتويات من المخطوط مباشرة الذي لم يتوفر للأستاذ المرحوم جمال الدين العلوي (نسخة برلين) إذ كان ما يزال في عداد المفقود. وبسؤال مباشر: هل أحال راشق على جمال الدين العلوي وهو ينقل منه وصفه لهذا المخطوط، أعني مخطوط الإسكوريال؟ هل ذكره؟ هذا ما يهم القارئ؛ أما كون راشق قد وصف محتويات مخطوطات أخرى، مباشرةً أو اعتمادا على غيره، فذلك ليس موضوعي الآن، ولم أثر في مقالتي بخصوصه أي شيء يذكر؛ فأنا مثلا لم أتحدث عن مخطوطة برلين: فلـمَ يأتي راشق على ذكرها هنا بينما تجاهل، تمامًا، مخطوطة الإسكوريال؟

وعليه فإني أُذكّر، مرة أخرى، بأن السرقة التي تحدثت عنها في مقالتي إنما تتعلق بوصف العلوي لمخطوط الإسكوريال، لا غير. أرجو أن يجيب راشق بشيء من التفصيل على هذه النقطة بالذات بدل البقاء في العموميات؛ فهي لن تفيده، أمام الدارسين وأمام التاريخ، في التنصل مما هو ثابت بالنصوص والشواهد التي استعدتها أعلاه، حتى يظهرَ ما حاول أن يطمسه ويفر منه. وأن يقوم راشق بذكر العلوي في مقدمة كتابه والتذكير بأسبقيته في الموضوع لا يعفيه من ذكر المواضع التي نقل منها في عمله، من باب الأمانة العلمية. والفرق بين الأمرين واضح جلي، فتذكير القارئ بأسبقية العلوي يدخل في باب رصد الوضعية الحالية للبحث état des lieux؛ أما الاقتباس منه فيتطلب وضع هوامش أسفل كل صفحة أو داخلها (أو في مكان ما يختاره هو) تبين المظان التي نقلها. وهذا أمر يعرفه كل من خبر البحث.

وفي الأخير، أًذكر الزميل جمال راشق، مرة أخرى، بالعودة إلى جوهر الموضوع، الذي أراد أن يحيد عنه بكل الوسائل الممكنة. إن الموضوع الجوهري، بالإضافة إلى ما ورد في مقالتي من تفاصيل، هو استعماله فقرات من كتاب جمال الدين العلوي دونما إحالة عليه؛ وهذا ما يدخل في السرقة العلمية كما تقتضي جميع تعاريفها. وأستأذن القارئ في أن أعود إلى عمل سابق لي لأقتبس منه تعريفين اثنين فقط للسرقة العلمية. فهذه، حسب قاموس كامبريدج، هي ”أن تعمد إلى استعمال أفكار شخص آخر أو عمله والادعاء بأنها لك.“https://dictionary.cambridge.org/dictionary/english/plagiarism  وهذا بالذات ما قام به راشق في عمله. ودعنا من تعريف القاموس ولنعد، مرة أخرى، إلى التعريف الذي وضعته جامعة أكسفورد للسرقة العلمية: ”السرقة العلمية، أو الانتحال، هو تقديم أعمال شخص آخر أو أفكاره كما لو أنها خاصة بك، مع موافقته أو من دونها؛ وذلك عن طريق تضمينها عملك، دون اعتراف كامل منك.“ https://www.ox.ac.uk/students/academic/guidance/skills/plagiarism?wssl=1 وراشق لم يعترف بالعلوي مصدرا له في وصفه مخطوطَ الإسكوريال. أم تراه قد أحال عليه في مكان ما ذهلت عنه بسبب من نوازعي الشيطانية؟ فليتفضل بالجواب رجاءً.

الأمر الثاني، والثانوي، الذي ألح فيه على جمال راشق، أستاذ التعليم العالي، بكل لطف وأدب، وهو أن ينتبه إلى الأخطاء اللغوية والنحوية الكثيرة (فاقت عشرين خطأ) التي تخللت ردّه على مقالتي؛ فهي وإن كانت لا تؤثر في المعنى والمضمون، فإنها لا شك تشوش صورة الأستاذ في أعين طلبته؛ إذ تظهره بمظهر من لا يعرف أن يركب جملا سليمة المبنى. ولن أحصيها هنا.

وختاما، إننا لا ننخرط في البحث العلمي والجامعي بالنوايا الحسنة والطيبة وإنما بالعمل وبالدراسات المحكمة المنشورة؛ وما ننشره هو وحده ما يشهد لنا أو علينا؛ وهو وحده، أيضا، ما يحق لنا أن نناقشه؛ فنحن لا نناقش السير والطباع في الأحاديث العلمية والأكاديمية. وإن كان جمال راشق عاجزا، لسبب ما، عن أن يَتبين تلك السرقات العلمية الصريحة التي ارتكبها، فإني أدعوه، بكل لطف، إلى أن يعرض مقالتي (ومقالة سعيد البوسكلاوي)، أو يعرض عملَه هو وكتابَيْ البوسكلاوي والعلوي على قارئ محايد نزيه، وليستعدّ بعدها لينصت إليه. وأما منطق ”فؤاد ابن أحمد: ’اسكتْ على سَرقاتي العلمية، لأني لم أسئ إليك من قبل‘؛“ ومنطق ”فؤاد بن أحمد: ’أنتَ شريرٌ حقود جَاهل، لذلك فأنت لا تستحق أن يُلتفت إليك وأنت تكشف سرقاتي أنا الإنسان اللطيف محب للخير للجميع‘،“ فلن يفيده شيئًا في التنصل من تلك السرقات التي ارتكبها، والتي ستظل شاهدةً، ووصمةَ عار في تاريخ الجامعة المغربية.

*دار الحديث الحسنية، الرباط

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي