Share
  • Link copied

عودة السفراء بين المغرب وسوريا: خطوة ملكية تعيد الدفء للعلاقات وتفتح آفاق تعاون جديد بعد أكثر من عقد من القطيعة

في تطور دبلوماسي لافت يحمل أبعادًا سياسية واستراتيجية عميقة، أعلن المغرب رسميًا عن إعادة فتح سفارته في العاصمة السورية دمشق، بعد أكثر من عشر سنوات من إغلاقها في سياق الأزمة السورية.

ولقيت هذه الخطوة ترحيبًا واسعًا من السلطات السورية، واعتُبرت “منعطفًا مهمًا” نحو إعادة بناء العلاقات الثنائية على أسس جديدة.

وجاء هذا الإعلان خلال الرسالة التي بعث بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في القمة العربية الـ34 المنعقدة ببغداد، والتي أكد فيها أن قرار المملكة بإعادة فتح سفارتها في سوريا “ينبع من حرص المغرب على تقوية الروابط الأخوية مع الشعب السوري الشقيق، وإعادة إحياء العلاقات التاريخية بين البلدين”.

وشددت الرسالة الملكية على موقف المغرب الثابت من الأزمة السورية، والمتمثل في دعم الشعب السوري في تطلعاته نحو الأمن والاستقرار والكرامة، مع التأكيد على احترام وحدة سوريا الترابية وسيادتها الوطنية.

وفي أول رد فعل رسمي، عبّر وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، عن “شكر دمشق العميق” لصاحب الجلالة وللحكومة المغربية، معتبرًا أن المبادرة المغربية تمثل “خطوة مهمة تعكس رغبة صادقة في بناء مستقبل مشترك يخدم مصالح الشعبين”.

وأوضح الشيباني أن سوريا تتطلع إلى الارتقاء بالعلاقات مع المغرب، خاصة في مجالات الاقتصاد والاستثمار داخل الفضاء العربي، مشيرًا إلى أن “مرحلة جديدة” من التعاون الثنائي تلوح في الأفق، بعد سنوات من الجمود الدبلوماسي.

وفي سياق التفعيل العملي لهذه الخطوة، أفادت مصادر دبلوماسية أن وفدًا تقنيًا مغربيًا سيزور دمشق خلال الأيام المقبلة للإشراف على الترتيبات المرتبطة بإعادة فتح مقر السفارة المغربية، التي أُغلقت سنة 2012 على خلفية تصاعد الأزمة السورية.

وفي مبادرة مقابلة، أعلنت سوريا بدورها إرسال فريق تقني إلى الرباط للشروع في التحضيرات اللازمة لإعادة افتتاح سفارتها في المغرب، في ما يُعد إحياءً رسميًا للعلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين بعد قطيعة تجاوزت العقد.

ويأتي هذا التقارب المغربي السوري في وقت تشهد فيه المنطقة العربية تحولات دبلوماسية عميقة، حيث تشهد العلاقات بين عدد من الدول العربية وسوريا انفراجًا تدريجيًا في إطار عودة دمشق إلى مقعدها داخل الجامعة العربية، وانخراطها من جديد في النقاشات الإقليمية.

وإذا كان القرار المغربي يعكس رغبة في استعادة الدفء في العلاقات مع دمشق، فإنه يحمل أيضًا رسائل سياسية حول أهمية التوازن في المواقف، والتعاطي المرن مع تعقيدات المشهد العربي، دون التفريط في المبادئ الجوهرية التي طالما ميزت السياسة الخارجية للمملكة.

ختامًا، فإن عودة السفراء بين الرباط ودمشق لا تُعد فقط مجرد إجراء إداري أو بروتوكولي، بل تمثل منعطفًا نوعيًا في مسار العلاقات الثنائية، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون الثنائي المبني على الاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة، والتاريخ العربي العريق الذي يجمع الشعبين.

Share
  • Link copied
المقال التالي