في مشهد سنوي يتكرر كل صيف، تتجدد معالم الشراكة الاستثنائية بين المغرب وإسبانيا عبر عملية “مرحبا”، التي تُعد من أضخم عمليات العبور البشري الموسمي في العالم.
وقد انعقدت هذا الأسبوع بمدينة قادس الإسبانية الدورة السادسة والثلاثون للجنة المغربية الإسبانية المشتركة، استعدادًا لانطلاق نسخة 2025 من هذه العملية اللوجستية والإنسانية الضخمة، التي يرتقب أن تسجّل أرقامًا غير مسبوقة من حيث عدد المسافرين والمركبات.
توقعات بزيادة عدد العابرين والمركبات
تشير التقديرات الأولية، إلى أن عملية العبور لهذه السنة، التي ستمتد من 15 يونيو إلى 15 شتنبر، ستشهد ارتفاعًا بنسبة 5% في عدد المركبات و4% في عدد الركاب مقارنة بالعام الماضي.
ويُنتظر أن يعبر أكثر من 885 ألف مركبة ونحو 3.58 ملايين مسافر شبه الجزيرة الإيبيرية نحو المغرب ودول شمال إفريقيا، في ذهاب وعودة موسميين يتطلبان تجهيزًا استثنائيًا.
تنسيق ثنائي محوري لنجاح العملية
وخلال الاجتماع التنسيقي، أكدت السلطات من الجانبين أن نجاح هذه العملية رهن بالتنسيق الوثيق والدائم بين الفرق المغربية والإسبانية.
وأبرزت سوزانا كريسوسطومو، نائبة كاتب الدولة في وزارة الداخلية الإسبانية، أن عملية “مرحبا” تمثل “نموذجًا فعّالًا للتعاون بين بلدين جارين”، معتبرة أن النجاح في تنظيم هذا الحدث السنوي يعكس قدرة البلدين على إدارة تحديات معقدة بروح من المسؤولية المشتركة.
من جهتها، شدّدت المديرة العامة للحماية المدنية والطوارئ، فيرجينيا باركونيس، على أهمية انخراط المسافرين في التنظيم، داعيةً إلى اقتناء التذاكر البحرية المؤرخة مسبقًا لتفادي الازدحام، وضمان انسيابية المرور في الموانئ.
تعبئة بشرية ولوجستية غير مسبوقة
عملية “مرحبا” ليست مجرد معبر، بل منظومة ضخمة تعبئ أكثر من 29 ألف شخص في إسبانيا وحدها، بين عناصر أمن، وأطقم طبية، ومتطوعين، ومترجمين، ومساعدين اجتماعيين.
وتشارك فيها تسعة موانئ رئيسية، إلى جانب العشرات من الهيئات والمؤسسات الحكومية والمحلية من كلا البلدين. وتمت برمجة 12,012 رحلة بحرية، أي بزيادة 8.4% عن العام الماضي، لمواكبة الضغط المتوقع.
حضور رسمي رفيع لتجسيد الشراكة
الاجتماع شهد حضور وفد مغربي رفيع، ترأسه خالد زروالي، مدير الهجرة ومراقبة الحدود، وضم مسؤولين كبارًا من الدرك الملكي وعدد من الوزارات.
ومن الجانب الإسباني، حضر اللقاء ممثلو مختلف القطاعات المعنية، من النقل إلى الصحة والخارجية، في تجسيد عملي لروح التنسيق المتعدد الأبعاد بين البلدين.
تعاون عابر للحدود.. وللأزمات
على مر السنوات، تحولت عملية “مرحبا” إلى تجربة إنسانية كبرى تعكس عمق الروابط الاجتماعية بين الضفتين، وتُظهر كيف يمكن للتعاون الإقليمي أن يتحول إلى آلية ناجعة لتدبير تحديات معقدة، تتعلق بالأمن، والهجرة، والخدمات.
ويعتبر مراقبون العملية، بمثابة شهادة حية على أن الحوار والتنسيق بين المغرب وإسبانيا، قادران على تحويل الضغط الموسمي إلى لحظة نجاح مشترك يجمع المملكتين.
تعليقات الزوار ( 0 )