ملاحظة مرت دون أن يلتفت إليها أحد لا من المطبلين ولا من العدميين، على هامش أول مباراة محلية للمنتخب بعد غزوته المونديالية المثيرة.
الأمر يتعلق بالمبالغ الفلكية التي بلغتها أسعار التذاكر في السوق السوداء، حيث إن التذكرة التي بيعت أساسا بمائة درهم ناهز سعرها في السوق السوداء 900 درهم حسب بعض المصادر الإعلامية، ومع ذلك امتلأ الملعب عن آخره، وكانت هناك عشرات الآلاف في لائحة الانتظار رغم أن المباراة جرت في طنجة، وفي وقت متأخر من الليل وخلال شهر رمضان.
لا نقصد هنا ظاهرة السوق السوداء فهي مفتوحة منذ عقود، ويتم التعايش معها بحكم الاعتياد، بل المقصود هو ظاهرة أخرى جانبية سيكون لها حتما تأثير على أداء المنتخب مستقبلا إن لم يتم تداركها عاجلا.
فمباريات المنتخب لم تعد في متناول الشرائح الشعبية التي هي الخزان الحقيقي للمشجعين، الذين يمثلون اللاعب رقم 12 كما يقال بلغة الكرة، بل أصبحت حكرا على فئة معينة ستستمر في التقلص بتوالي إنجازات المنتخب، وارتفاع أسعار التذاكر، وكلفة التنقل وربما الإقامة في الحواضر التي ستستضيف المباريات.
بلغة المصريين “جمهور الدرجة الثالثة”، هو الذي يشعل حماس اللاعبين و”يرعب” الخصم ويعطي للمباريات زخما كبيرا، وهذا الجمهور عادة ما يعمل بكل الوسائل لتوفير ثمن التذكرة عندما لا يتجاوز 30 درهما، إلى درجة أن عمليات “تسول” تسبق حتى مباريات الأندية المحلية ضمن ما يعرف بـ”داروا بالصينية”.
لكن ما سجلناه خلال مباريات المونديال، وأكدته مباراة البرازيل بشكل أوضح، هو أن متابعة مباريات المنتخب الوطني ستصبح في المستقبل القريب في متناول القادرين على دفع ما يوازي أو يفوق الحد الأدنى للأجور لشراء تذاكر لأفراد العائلة وحتى لقطها أو كلبها المدلل.
لا نريد أن يفهم من هذا الكلام، أننا نريد حصر تشجيع المنتخب في “المزاليط”، ولو أن هذا سيكون مقبولا، بحكم أن نجوم المنتخب والركراكي نفسه قادمون من هذه الأوساط أصلا، لكن نريد أن نثير سؤالا استباقيا مؤداه: إذا كان دور الجمهور هو التشجيع الهستيري الذي جعل الجماهير المغربية “الفقيرة” تحقق مراتب متقدمة على المستوى العالمي، فهل سيؤدي من يدفعون ألف درهم مقابل التذكرة الواحدة، أو يحصلون على مقعد مجاني في المنصة نفس الدور الذي جعل شعار ” سير، سير، سير” يدخل كل لغات العالم؟
أما السؤال الأهم، فيتعلق بما إذا كان هذا النوع الجديد الوافد من الجمهور سيلهب حماس اللاعبين ويدفعهم للتحدي، أم أن بروده سينعكس على أدائهم في الميدان؟
الشيء الذي نخشى أن يؤكده المستقبل، هو أن تتحول مباريات المنتخب الأول إلى ما يشبه “العروض الخاصة” التي كانت تقدم خلال مهرجان “موازين” ولا يقبل عليها سوى “مول الشكارة”..
تعليقات الزوار ( 0 )