في خفايا فتح معبر الكركرات في جنوب المغرب، بعد قطعه أمام عبور المدنيين والتجار من قبل عصابات البوليساربو المارقة، يثار أمامنا سؤال ثقافي انثروبولوجي عميق حول سلوك قطع الطريق ومرجعيته القيمية والثقافية.
ويرى المؤرخون وعلماء السوسيولوجيا والانثروبولوجيا أن البنية الثقافية للقبيلة الصحراوية هي بنية دامجة وموحدة، وترفض الظلم وتكرم إبن السبيل وتجير من جاورها، ولاتعادي إلا من أشهر السلاح في وجهها. هذه هي أهم خلاصات الأبحاث التاريخية التي تؤكد شهامة ونبل أخلاق أهل قبائل الصحراء المغربية الغراء.
ويشهد التاريخ أن المنطقة عرفت عبور القوافل التجارية، من وإلى المغرب وباقي شعوب جنوب الصحراء. فقد مر من هناك الحجاج والتجار إلى تومبوكتو وإلى حدود واد النيجر وأيضا إلى بلاد السودان وإلى شبه الجزيرة العربية.
ويعرف التاريخ أيضا فترات تغيير الرحالة والتجار المغاربة والأندلسيون طريق الرحلة إلى شبه الجزيرة العربية، مفضلين المرور عبر صحراء المغرب الأقصى بدل الطرق العربية الأخرى نظرا لوجود قطاع طرق. وقد أدى هذا الوضع حسب المؤرخين إلى إصدار فتوى شهيرة من ابن رشد وغيره بتعطيل الحج إلى بيت الله الحرام لأزيد من ثمانين سنة بسبب هؤلاء القطاع الذين لم تنتجهم التربة المغربية المعتدلة والمتسامحة.
وأمام هذه الخلاصات تنتصب مفارقة غريبة، عن مرجعية سلوك قطع الطريق الذي أمرت به ونفذته ميليشيات البوليساريو في معبر الكركرات، فنتساءل من أين أتت هذه الثقافة وهذه العقلية التي ترفضها قبائل الصحراء ولا يقبلها الإنسان الصحراوي وتحرمها الثقافة الحسانية.
وبذلك فإننا نفترض أن هؤلاء القطاع إما أنهم تعرضوا لغسل دماغ جزائري على أيدي قيادة البوليساريو، ذات التوجه المادي الشيوعي ولا تؤمن بالقيم والأخلاق والدين وتريد أن تطمس هوية المنطقة، أو أن هؤلاء لا ينتمون أصلا للمنطقة وأنهم مجرد مرتزقة مستقدمين من خارج المنطقة، تدربوا على أيدي مافيات قطاع الطرق في امريكا اللاتينية وفي الجزائر.
لذلك فإن أهلا الصحراء المغربية عليهم أن يتنبهوا جيدا لهذه المحاولات، التي تريد أن تشوه الثقافة القبلية الحسانية الصحراوية الكريمة، وأن تحولها إلى هوية قاتلة قاطعة طريق وأن تزرع فيها بذور الكراهية والعنف واستعداء الإنسان والشعوب في المنطقة.
تعليقات الزوار ( 0 )