شارك المقال
  • تم النسخ

ظاهرة التسول في المغرب.. بين بواعث الفقر والاحتراف للاغتناء

يُعد التسول ظاهرة عالمية لا تخص وطنا بعينه، فهي منتشرة بدرجات مختلفة بين جميع بلدان العالم الفقيرة منها والغنية، نتيجة عدة مشاكل ترتبط بالظروف الاجتماعية والاقتصادية لكل بلد.

وفي تقرير رسمي يعود إلى سنة 2006، حدد 200 ألف متسول يجوبون شوارع المملكة خاصة الحواضر، بأزيد من 62% منهم يحترفون التسول، عشرهم أطفال، هذا الرقم وتناسله خلال 14 سنة الأخيرة يجعل المغرب متقدما على دول شمال أفريقيا والدول العربية في ظاهرة التسول، رغم فصول القانون الجنائي المغربي الممتدة من 326 إلى 333 التي تعاقب الفاعل بعقوبات سالبة للحرية، بل يتم تشديدها إذا تم فيها استغلال الأطفال.

ويرى باحثون أن الظاهرة لا ترتبط فقط بالهشاشة والفقر اللذين خلفتهما التحولات الاقتصادية والاجتماعية خلال العقود الأخيرة ، بل تعزى كذلك إلى التفكك الأسري المرتبط بارتفاع نسب الطلاق والبطالة والإعاقة والإهمال الأسري الذي يلحق بعض الأطفال والمسنين، بالإضافة إلى المشاكل الصحية وغيرها.

مجبرون على التسول

ومن أجل تسليط الضوء على ظاهرة التسول، كان لـ”بناصا” اتصال مباشر مع فئة من المتسولين، حيث صرح لنا شيخ طاعن في السن معاق بصريا يتوكأ عصا أنه مجبر على استجداء ما تجود به أيادي المحسنين لسد رمقه بعد أن ثركه أبناؤه الذين تعب في تعليمهم.

متسولون بالفطرة 

وفي لقائنا بأطفال يمتهنون التسول، تقول طفلة في سن الـ13، إنها تتابع دراستها، حيث اعتبرت العطلة المدرسية فرصة لكسب بعض الدراهم لمساعدة أسرتها، قبل أن تقاطعها صديقتها، ذات 14 ربيعا، بالقول “أنها تساعد جدتها التي تأويها بالقليل مما تجمعه من المحسنين بعد الطلاق بين أبويها”.

وفي منطقة أخرى تستبدل ثلاث نسوة، يبدو عليهن الوقار، تيابهن في زاوية بملابس رثة، بعد إلحاح كبير منا قالت إحداهن “لا نتسول أبدا في منطقتنا، ولا نمارسه إلا في مناسبات معينة، كموسم جني الزيتون، رمضان، وعاشوراء وغيرها من المناسبات” مضيفة في الوقت نفسه “أجني أضعاف ما يمكن أن أحصل عليه إن اشتغلت عند أحدهم”.

وفي مكان آخر أم لطفلين، أحدهما لا يتجاوز الثلاث سنوات يستجدي مرتفقي شباك أوتوماتيكي لأحد الوكلات البنكية بكلمات غير مفهومة.

حالات كثيرة لأطفال ونساء يوزعون وريقات مطبوعة، يختلف مضمونها، على المسافرين في صمت ليعود صاحبها لجمعها مع بعض الدراهم من هؤلاء.

عيد المتسولين

يعتبر المتسولون يوم الجمعة يوما استثنائيا، ففيه تتضاعف مكاسبهم، بعد أن يتزاحموا أمام المساجد والمقابر من صلاة الفجر وحتى غروب الشمس، لجمع المال والأكل والملابس وغيرها من الصدقات التي يجود بها المحسنون عليهم في هذا اليوم الدي يعتبر عيدا بالنسبة لهم.

ويشار إلى أن المغرب أطلق استراتيجية وطنية للقضاء على التسول بحر 2007 ترتكز على ثلاث مقاربات، أولاها اجتماعية غايتها الإدماج الأسري والمؤسساتي، والثانية قانونية قوامها التركيز على منع التسول، والأخيرة تحسيسة تهدف الرفع من درجة الوعي الوطني.

كما تمت مناقشة الظاهرة السنة الفارطة، في غرفة للمستشارين انصبت التدخلات حولها إلى ضرورة إيجاد سبل لمحاربة التسول، أمام اجماع الكثير من المراقبين بعد ا استفحال الظاهرة عن فشل الاستراتيجات التي اتخدت لمحاربته، أمام غياب تشخيص عميق يحدد بجلاء أسبابها الحقيقية ، معتبرين أن التسول ظاهرة مسيئة للوطن تسائل الجميع بضرورة إيجاد حلول جدرية لها.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي