قال الصحافي الإسباني المتخصص في المنطقة المغاربية، إغناسيو سيمبريرو، إنّ الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين الرباط وبرلين تشكل تحذيرا جديدا للحكومة الإسبانية للابتعاد عن موقفها التقليدي واعتماد موقف أكثر تصالحية مع مصالح المغرب.
وأضاف إغناسيو في مقال مطول نُشر هذا (الأربعاء) في صحيفة “El Confidencial” الإسبانية الواسعة الانتشار، أنّ الدبلوماسية الإسبانية وجدت نفسها في مأزق كبير بسبب مبادرة الرئيس دونالد ترامب للاعتراف في 10 دجنبر، بالسيادة المغربية على الصحراء.
وأوضح المصدر ذاته، أنّ العلاقة بين إسبانيا والمغرب لم تعد تمر بأفضل أوقاتها، مُسْتَدِلًّا بالقول إنّ القمة الثنائية رفيعة المستوى بين الرباط ومدريد والتي كانت مقررة في 17 دجنبر، تم تأجيلها بطلب من المغرب حتى فبراير، لكنها لم تعقد الشهر الماضي أيضا.
ولفت المتحدث ذاته، إلى أن رفع “خرقة” البوليساريو صباح يوم السبت من واجهة أصغر البرلمانات الإقليمية في ألمانيا، بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين لتأسيسها، كان حافزاً لدبلوماسية مغربية جريئة لإطلاق العنان في فاتح مارس للاحتجاج على موقف برلين.
وكشفت مراسلة وجهها وزير الشؤون الخارجية، ناصر بوريطة، إلى سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، وأيضا إلى أعضائها، بتعليق أي اتصال أو تفاعل أو عمل تعاون مع السفارة الألمانية في المغرب، ومع وكالات التعاون والمؤسسات السياسية الألمانية العاملة في الرباط.
وشدّد الصحافي الإسباني، على أن رفع “خرقة” البوليساريو في برلمان بريمن، وتغريدة التضامن مع الصحراويين التي نشرتها تلك المؤسسة كانت بمثابة قطرة ماء جعلت كأس الصبر المغربي يفيض.
وبعد أن حققت الرباط أكبر نجاح دبلوماسي لها في الآونة الأخيرة بالاعتراف بسيادتها على الصحراء من قبل “قوة غربية وهي الولايات المتحدة، طلب السفير الألماني لدى الأمم المتحدة، كريستوف هيوسغن، الذي ترأس بعد ذلك مجلس الأمن، عقد اجتماع لهذه الهيئة لتقييم الوضع في تلك المستعمرة الإسبانية.
وفي 21 دجنبر، وصف هيوسغن الصّحراء بأنها أرض “محتلة”، مشيرا إلى أن المغرب هو من “شن العملية العسكرية” في نونبر الماضي لتطهير معبر الكركرات الحدودي، كما حذر من أنّ الإحباط المتزايد لجبهة البوليساريو يمكن أن يولد التطرف والإرهاب والهجرة، داعيا الرباط إلى التفاوض.
وأضاف المصدر ذاته، أنّ ألمانيا تتصرف في الاتجاه المعاكس لما طلبه المغرب، الذي حث وزير خارجيته الأوروبيين في 15 يناير، على “الخروج من منطقة الراحة الخاصة بهم واتباع الديناميكية الأمريكية”. وأضاف في إشارة واضحة لإسبانيا القوة الاستعمارية السابقة، “يجب أن يكون جزء من أوروبا جريئا لأنه قريب من ذلك الصراع”.
وأوضح المتحدث ذاته، أنّ إسبانيا قريبة جدًا لدرجة أنه على الرغم من أن الحكومات المتعاقبة تحاول تجاهل قضية الصحراء، إلا أن التقرير الأخير لنائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون القانونية، هانز كوريل، اعتبر في عام 2002 أنها كانت القوة الإدارية للإقليم على الرغم من أنها لم تستطع تنفيذها.
ومنذ ذلك الحين، يضيف إغناسيو، لم تكن هناك تقارير لإبطال واحد منذ 19 عامًا، في كل مرة تتحدث فيها، تقوم وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، بموازنة محاولة الحفاظ على الموقف التقليدي لإسبانيا بشأن النزاع، ولكن دون إزعاج جارتها في الجنوب.
وعلى عكس الألماني نيلز أنين، فقد رفض القرار الأمريكي، لكنه أصر على أن “القضايا الدولية لا يمكن حلها من خلال أحادية الجانب” وأنه من الضروري “السعي للحصول على إجماع من المجتمع الدولي”، بيد أنه لم يذكر حق تقرير المصير للصحراويين، وهو ما يصر عليه نائب الرئيس بابلو إغليسياس على تويتر.
وتشتبه الدبلوماسية الإسبانية في عدم عقد قمة مع المغرب ما دامت إسبانيا لا تقدم بادرة دعم لمغربية الصحراء، بل إنها تخشى أنه إذا لم يحدث ذلك في الأشهر المقبلة، فإنّ الرباط ستبحث عن ذريعة لإطلاق العنان لأزمة مع إسبانيا ذات خصائص مماثلة لتلك التي أطلقتها مع ألمانيا.
وأشار الصحافي الإسباني، إلى أنه يخشى حدوث أزمة بين الرباط والاتحاد الأوروبي إذا ألغت محكمة العدل الأوروبية في نهاية العام الاتفاقات التي تم تجديدها في عام 2019 بشأن قطاع الزراعة والثروة السمكية، خاصة بعد أن استأنف مكتب المحاماة Devers تلك الاتفاقات لأنها تتضمن تمديدا للصحراء التي يعتبرونها لا تتوافق مع القانون الدولي.
وخلص المصدر ذاته، إلى أنه إذا أسقطت محكمة العدل الأوروبية هذه الاتفاقيات، فإن أسطول الصيد الأوروبي الذي تستفيد إسبانيا منه بنسبة 85 في المائة، يعني مباشرة المغادرة وعلى الفور من المياه الصحراوية حيث يصنع أكثر من 90 في المائة من صيده.
تعليقات الزوار ( 0 )