رغم شجاعة المغرب في مبادراته الاستثنائية في منع الرحلات بين شركائه التقليديين؛ صداقة، وتجارة واقتصادا، وسياحة، وثقافة، مع قارات تأوي الجاليات المغربية، وإيثاره التضحية بكل ذلك من أجل سلامة وصحة مواطنيه.
ورغم تدرج المغرب في تطبيق إجراءات الوقاية والاحتراز اتقاء الإصابة بوباء كرونا، ودرء عدم انتشاره، بدءًا بوقف الرحلات مع مجموعة من الدول وبتعليق الدراسة، ووقف الجلسات بالمحاكم، واغلاق المساجد، ثمالمقاهي والمطاعم وصالات اللعب والرياضة وملاعب القرب واغلاق الممرات.
فان بعض المواطنين لم يستوعبوا الفلسفة من إقرار تلك التدابير المؤلمة في منع التجمع ودرء الاختلاط، الأسباب التي تؤدي إلى انتقال الفيروس والإصابة به بسرعة، وتفاقم من الأعداد المصابة.
وما قد ينتج عن ذلك ضغط على النظام الصحي الهش أصلا، والذي لن يقدر على استيعاب عدد كبير من المرضى دفعة واحدة وسيتجاوزه ذلك. وهي المشاكل التي تعيشها كل من ايطاليا واسبانيا وفرنسا، ومن ذي قبل الصين وايران.
وامام عدم التفاعل الايجابي وبالشكل المطلوب مع التدابير المتخذة من طرف السلطات المغربية، فان الاخيرة لجأت الى تحديد وتقييد الخروج، ووضعت محددات ثلاث فقط تسمح بمغادرة البيوت وهي ؛ أجل التبضع، او الاستشفاء أو العمل دون ان يتم احترامها من طرف بعض المواطنين رغم اشارة البلاغ أن تلك الأوامر ستسهر الشرطة والدرك والقوات المساعدة على تنفيذ الامتثال لها.
وهو ما حرك مجموعة من المواطنين- الذين أحسوا بالمسؤولية، وتفطنوا الى خطورة وحرج اللحظة، وتداعيات رعونة واهمال البعض على المجتمع ككل- اصدار مطالبات وتقديم ملتمسات عبر وسائل التواصل الاجتماعي الى سلطة الدولة التدخل بواسطة الأجهزة الأمنية لقمع المخالفين والمستهترين وغير المبالين، فالمصلحة العليا اقتضت وتقتضي وتستوجب ذلك.
ورغم أن دول الجوار، ودول صديقة منها اسبانيا وايطاليا اقرت اجراءات صارمة وردعية وعقابية لجعل مواطنيها يحترمون العزل والحجر الصحي في بيوتهم، باقرار حالات الانذار او تنفيذ تدابير شديدة للتنقل بضرورة ملء تصريح بأسباب ومبررات، ودواعي التنقل والخروج الى الشارع كفرنسا،
فان المغرب حرص على تجنب استعمال المقتضيات الدستورية الاستثنائية التي تسمح له بذلك، في مراهنة محفوفة بالمخاطر على وعي المواطنين، الذي ظهر تخلف جزء كبير منه ورعونته، وهو ما يستدعي التفكير في صيغ اخرى تكون قمينة وكفيلة بضمان احترام التدابير المقررة والمعلن عنها.
فتماهي وامعان البعض عن الاستهتار بالحجر الصحي في بيته، يشكل خطرا ليس على نفسه واسرته وعائلته وحسب بل حتى على غيره، وعلى عامة الشعب المغربي، كأمة عبرت وأظهرت جميع مكوناته وفئاته على التزامها المثالي بالتضامن.
ويستمر احساس المواطنين بالمسؤولية من خلال تقديمهم لطلب صريح بالتدخل بالردع والعقاب للمخالفين. فاللحظة تنادي بذلك، لأن كينونتنا ووجودنا مهدد.
*محامي بمكناس، خبير في القانون الدولي
تعليقات الزوار ( 0 )