شارك المقال
  • تم النسخ

سُميّة التُوجي.. مَغربيّة قلبَت حيَاتها مِن عالم التشّرد والضَيّاع إلى عَالم “الكُوتْشينغ”

في الوقت الذي اعتبر فيه الكثيرين أنّ سنة 2020، كانت أسوأ عام في التاريخ، قالت سمية التوجي “إنّ السنة الماضية، كانت بمثابة ريح طيّبة طّهرت وُجودها في هذه الحياة، وأنّ جائحة “كورونا” غيّرت حياتها تماماً على مدار الـ 12 شهراً الماضية”.

سمية التوجي، كانت تقطن سابقاً في كينيا، حيث عملت هناك كمديرة مبيعات وتسويق إقليمية في شركة للهندسة المعمارية والديكور الفاخر، وانتهى بها المطاف بسبب الأزمة المالية للبلاد، إلى فقدان وظيفتها في دجنبر من سنة 2019.

وجدت سُمية التي فقدت وظيفتها، وهي أم عزباء لطفل واحد، وبدون أسرة، نفسها غير قادرة على دفع إيجارها في كينيا، وظلت عالقة وحائرة بين سِندان ظروف البطالة والأمومة ومطرقة مصاريف الكراء والأكل والشرب وباقي الحاجيات.

وبعد معاناة مريرة، اضطرت سمية إلى مغادرة تراب كينيا والرجوع إلى بلادها الأم لتعيش مع أسرة مغربية، إلا أن رحلة المتاعب والدوران في الفراغ لم تنتهي هنا، بسبب الوضعية البئيسة التي كانت تعيشها بالمغرب جمعت أغراضها من جديد وانتقلت في مغامرة جديدة إلى إنجلترا مع ابنتها.

وقبل سفرها إلى إنجلترا، لم يكن لسمية مكان تلجأ إليه أو أصدقا هناك، وكان عليها أن تجد منزلًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل قدومها إلى المملكة المتحدة.

وفور وصولها إلى إنجلترا، ذهبت أحلامها أدراج الرياح، بسبب تزامن سفرها مع قرارات الإغلاق التي شهدتها البلاد جراء الجائحة، مما جعل سمية تدخل في حالة اكتئاب حاد، وصراعات نفسية ما تكاد تنتهي حتى تبدأ من جديد.

وتؤكد سمية التوجي خلال حديث لـ”بناصا”، أنها لم تكن تعرف ماذا تفعل مهنيا، ولم تكن لديها علاقات جيدة مع عائلتها، قائلة” “كنت في حالة من الفوضى، ثم حدث الإغلاق الأول، في الماضي كنت أخرج كثيرا من أجل الهروب من مشاكلي”.

وأضافت المتحدثة، “أن التنشئة الاجتماعية والسفر أصبح بمثابة إلهاء عن واقعي الحزين، قبل أن تردف ” في البداية كان الأمر مزعجا للغاية أن أكون في المنزل وحيدة أصارع أفكاري، وكان علي أن أواجه كل ما كان يعيقني من صدمات الماضي وجروح الهجر والغضب والاستياء بما حلّ بحياتي”.

وفي وقت الذي فقدت فيه وظيفتها بكينيا، كانت سمية، التي تُقيم حالياً في كوفنتري، وهي مدينة تقع في غرب إنجلترا على بعد نحو 160 كم إلى شمال غرب العاصمة لندن، تستعد لإجراءات الطلاق من زوجها السابق.

وفي نهاية المطاف، وجدت سمية البالغة من العمر 27 ، أنها لا تستطيع النظر إلى نفسها في المرآة وتعبت من العودة إلى المنزل كل يوم وهي في حالة اكتئاب حاد، وكلما استيقظت في الصباح إلا وأحست بالذنب والإثم، وخجلت من نفسها ووضعها.

مع وضع هذا في عين الاعتبار، قرّرت سمية تغيير نمط حياتها وإجراء بعض التحسينات والتعديلات على شخصيتها، بدءًا بنظام غذائي صارم ووضع الأولوية لصحتها العامة، وتبين أنّ الجائحة كان لها دور كبير في إقلاع سمية عن عدد من العادات السيئة التي وسمت حياتها.

وفي حديثها مع “بناصا”، عن سبب قرارها تغيير حياتها فجأة، أوضحت سمية، أن “الذعر الناجم عن الفيروس، أعطاني شعورا قويا بنهاية العالم الذي جعلني أتساءل عن كل شيء يتعلق بنمط حياتي، وكنت أعرف أن هذه الروح بداخلي لا تمثلني، حيث طال إهمالها، بيد أن الوباء جعلني أرجع إليها ودفعني إلى علاج بدني وروحي وعقلي بشكل أفضل، فبدأت بالصلاة والتأمل مرة أخرى، وهو الأمر الذي جاهدت من أجله باستمرار لسنوات”.

وبعد أن نجحت سمية في الاشتغال على تنمية ذاتها إلى الأفضل لعدة أشهر، شرعت في تدريب أصدقائها على حل مشاكلهم أيضا، ووجدوا أنهم بدأوا يوصونها للآخرين نظرا لارتفاع شعبية خدماتها، لتقرر الحصول على شهادة رسمية في “الكوتشينغ”، وبدأت نشاطها التجاري الخاص عبر إنشاء موقع خاص بها على الإنترنت.

وفي هذا الصدد، قالت سمية لـ”بناصا”، “إنه لم يكن لدي أي مصدر دخل على الإطلاق، لذا قمت بدورة تدريبية عبر الإنترنت حول بدء عمل تجاري مربح عبر الإنترنت، وكانت الوحدة الأولى تدور حول العثور على ما أجيده وكنت شغوفة بها وبما يمكنني من كسب المال، وعندما أدركت ما فعلته بنفسي خلال الأشهر القليلة الماضية، من مساعدة الآخرين أيضًا والاستماع إليهم جيدا، وأنّ الناس يأتون إليَّ للحصول على المشورة والرأي غير القضائي”.

وبالنظر إلى الأشهر الثمانية الماضية على وجه الخصوص، تردف سمية، إنها لا تصدق إلى أي مدى وصلت، وتصف نفسها بأنها تشعر وكأنها شخص مختلف تماما الآن للأفضل، مؤكدة بالقول أنها “اليوم أشعر أنني لست الشخص الذي كنت عليه من قبل، لكنني أيضًا نسخة أفضل من نفسي بسبب تلك الصراعات الطويلة، لقد تعلمت أن أنظر إلى الأشياء بشكا إيجابي”.

وتابعت “الكوتشينغ” العالمية سمية: “لم أعد أشعر بالغضب أو الاستياء تجاه العالم كله لسوء فهمي أو عدم مساعدتي بالطريقة التي كنت أحتاجها، لأنني أصبحت أدرك أن أتحمل مسؤولية ما يحدث لي، وأنا الآن أشعر بالامتنان لما أملكه حتى لو لم يكن لدي ما يكفي، فهو مثالي في الوقت الحالي”.

وأشارت سمية التي انتقلت من عالم الضياع إلى عالم الكوتشينغ، إلى أنها تود الاستمرار في مساعدة الناس وتمكينهم، بالإضافة إلى تدريبهم على تدريب الآخرين على أمل إنشاء “جيل جديد من المعالجين الذاتيين الاستباقيين”، مؤكدة أنها تحلم بإنشاء مركز بالمغرب لتقديم خبراتها في التنمية البشرية.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي