في تطور بيئي مقلق يهدد استقرار الموسم الفلاحي بعدد من المناطق الزراعية المغربية، وعلى رأسها إقليم بني ملال، وجّه فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب سؤالاً كتابيًا إلى وزارة الفلاحة حول الانتشار المتزايد لحشرة “زيز الحصاد” أو ما يُعرف علميًا بـCicada، والتي بدأت تثير ذعر الفلاحين بسبب الأضرار البالغة التي تتسبب بها في الأراضي الفلاحية، خاصة مع تزايد حدّة الظواهر المناخية غير المسبوقة.
وجاء في نص السؤال البرلماني، الذي تقدّمت به النائبة مريم وحساة عن إقليم بني ملال، أن هذه الحشرة أصبحت مصدر تهديد حقيقي لإنتاجية المحاصيل، خصوصًا الحبوب والخضر الموسمية، إذ تؤدي إلى ضعف في الإنتاج وتخلق اختلالات في التوازن البيئي الزراعي، مما يجعل الوضع يتطلب تدخلاً استعجاليًا من الجهات المعنية.
وبحسب إفادات ميدانية وشهادات لفلاحين محليين، فإن سلوك “زيز الحصاد” يُظهر قدرات تكاثر وانتشار سريعة، ما يُعقّد جهود المكافحة التقليدية، لا سيما في مناطق تعرف هشاشة بيئية ومناخية متفاقمة بسبب الجفاف وتقلّب درجات الحرارة. كما أن ظهورها في توقيت حساس من السنة الزراعية يزيد من خطورة تأثيرها على مردودية الموسم الفلاحي الحالي.
وطالب مريم وحساة الوزارة الوصية بالكشف عن الإجراءات والتدابير العملية التي تنوي اتخاذها من أجل الحد من انتشار هذه الحشرة، إلى جانب وضع برامج مواكبة وتوعية للفلاحين لمساعدتهم على التعرف على طرق الوقاية والتعامل مع هذه الحشرة بفعالية، مع تساؤل مباشر حول إمكانية تخصيص دعم مادي أو تقني للفلاحين المتضررين، خصوصًا في المناطق التي تعاني من هشاشة فلاحية واقتصادية.
وهناك مخاوف بشأن مدى جاهزية السلطات لمواجهة هذا التحدي البيولوجي الجديد، خاصة في ظل محدودية برامج الرصد الفلاحي للكائنات البيولوجية الطارئة، وافتقار عدد من الفلاحين للمعلومة الدقيقة حول طبيعة هذه الحشرة وطرق مقاومتها.
وأكد خبراء في علوم البيئة والزراعة أن “زيز الحصاد” لا يشكل فقط خطرًا على المحاصيل، بل قد يؤدي، في حالة عدم التدخل الفوري، إلى خلخلة السلسلة البيئية، إذ تؤثر بشكل مباشر على التربة والنباتات الحاملة، ما يُهدد توازن المنظومة البيئية الزراعية ويزيد من تكلفة الإنتاج مستقبلاً.
وفي خضم هذا الوضع، يُطالب عدد من المهتمين بالشأن الفلاحي بتكثيف التنسيق بين الوزارة، والمراكز البحثية، وجمعيات المجتمع المدني العاملة في المجال البيئي والفلاحي، لإعداد استراتيجية استباقية تروم التنبؤ بالآفات البيولوجية المستقبلية وتقديم الدعم الميداني السريع عند ظهورها.
وتضع أزمة “زيز الحصاد” القطاع الفلاحي بالمغرب، مجددًا، أمام امتحان الجاهزية في مواجهة التغيرات البيئية والبيولوجية الجديدة، بينما يبقى تدخل الدولة والإسراع في تقديم الحلول الناجعة عنصرًا حاسمًا لحماية الأمن الغذائي الوطني والفلاح المغربي البسيط من مزيد من الخسائر.
تعليقات الزوار ( 0 )