شارك المقال
  • تم النسخ

“زروال” رفيقُ “قشبال”.. أضحك الملايين وساعدهُ إدريس البصري على الظهور

من منّا في المغرب لا يعرف الثنائي الذي يمزج بين الفكاهة والغناء، والعزف على الآلة المغربية “لوتار”، “قشبال” و”زروال”، أحد أبرز الثنائيات الشهيرة والناجحة خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي.

تعرّف عليهما المغاربة في سنوات السبعينيات والثمانينيات، من خلال السهرات الفنية التي كانت تبثها التلفزة المغربية أنذاك مساءَ كل سبت، داخل بناية دار البريهي بالرباط.

أسلمَ بداية الأسبوع، الفنان محمد بشار الملقب بـ “زروال” الروح إلى بارئها، بمستشفى  الحسن الثاني بسطات، عن سن تفوق الثمانين عاماً، وذلك بعد سنتين فقط من رحيل رفيق دربه وابن عمه علي بشر الملقب بـ “قشبال”، بعد معاناة طويلة مع المرض والعوز.

التحق الفنان “زروال” بابن عمه “قشبال” سنة 1956، ويؤسسا ثنائيا سيطبع الصفحة الفنية لمغرب ما بعد الاستقلال، بتقديم العديد من العروض الكوميدية في إطار الحلقة، قبل الانتقال لتسجيل أسطوانات انتشرت على نطاق واسع على المستوى الوطني.

برع “زروال” في تقديم أعمال مسرحية وتلفزيونية رفقة “قشبال”، بأدوار رائعة، أضحك من خلالها ملايين المغاربة، بحضوره الراسخ في القلب، حيث أضحت أعماله رفقة رفيق دربه، جواز سفر لإدخال البهجة ورسم البسمة على محيا المغاربة، باعثا ًرسائل من القلب فاحتل القلوب.

كانت العروض الفنية الفكاهية التي يقدمها “زروال” برفقة “قشبال”، على شاشة التلفزة الوطنية لعدة سنوات، تركز بشكل خاص على النزاعات العائلية والهجرة القروية، تنال إعجابا واستحسانا كببرين لدى فئات عريضة من المجتمع المغربي، رسّخا من خلالها فن الكوميديا في بُعده الشعبي المعبّر عن الثقافة المغربية.

الأدوار الساخرة التي قدمها “زروال”، كانت تمتح مادّتها من العمق التراثي المغربي الشعبي في ثرائه وتنوّعه، بأسلوب  بسيط ولغة تخاطب العقل قبل الوجدان، مما جعل وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري، الرجل القوي في عهد الملك الرّاحل الحسن الثاني، يساعد الثنائي الفكاهي في البروز إعلاميا، خاصة وأنه ينحدر بدوره من المنطقة ذاتها “سطات”.

الشهرة التي نالها “زروال” برفقة ابن عمه “قشبال”، واهتمام المسؤولين بهما لكونهما ينحدران من مدينة سطات، وما كانت تشكله هذه المدينة من ثقل في الزمن القريب، كل ذلك لم يغير شيئا في سلوك وتواضع الفنان محمد بشار، بل ظل متواضعاُ وفيّا لعلاقاته الاجتماعية وحريصاً على استضافة الطلبة في منزله وتلاوة القرآن الكريم.

الفنّان “زروال” كُرّم قبل رحيله بإحدى دورات  المهرجان الوطني للوتار، من طرف جمعية المغرب العميق لحماية الثرات، بشراكة  مع مجلس جهة الدار البيضاء سطات، وهي الدورة  التي حملت اسم رفيقه علي بشار “قشبال”، لم ينس فيها وهو في لحظة تكريم وفرح رفيق دربه “قشبال”، وكانت شهادته مؤثرة ومعبرة، تترجم وتعكس طينة ومعدن الرجل الوفي والأصيل، مُعبرا عن ذلك بقوله  «أنا فرحان ولكن نصفي الثاني مات، وأنا أنتظر أجلي بدوري”.

وبعد سنتين من التكريم بالتمام والكمال،  وهي المدة التي  مرت  على رحيل الفنان علي بشار”قشبال”، الذي غادرنا إلى دار البقاء يوم الخميس 2 غشت 2018، ليلتحق به محمد بشار “زروال”، بعدما تأثر بشكل كبير برحيل رفيق دربه، وهو  الذي  كان  مرافقا  لنصفه الفني  والإنساني الآخر طيلة عقود.

وأحدث “زروال” رفقة صديقه  “قشبال”، تغييراً في الصورة النمطية لواقع العملية الفنية بأسرها، فالمشهد السابق الذي كانت تقدمه الشاشة لم يخرج من منظومة الفنان الواحد، والمسرح الفردي، لقد كانا مغنيين وممثلين في نفس الآن، وهو الأمر الذي سار عليه العديد من الفنانين الذين شكّلوا ثنائيات فيما بعد، وكثير منهم اختاروا هذه المدرسة التي أسسها “زروال وقشبال”، من حيث استلهام المواضيع من الواقع المعيش، بل إنّ هذا الثنائي قدّما جغرافيا المغرب للجمهور في الوقت الذي كان السفر يكاد يكون مستحيلا، فمن خلال منتوجهما الفني تعرّف المغاربة على العديد من الأماكن والمدن.

 برحيل  الفنان  القدير “زروال”، تكون  الساحة  الفنية المغربية، فقدت  أحد  الأسماء في عالم الفكاهة، والتي  استطاعت بالأدوار التي جسدتها، أن تلجَ قلوب  المغاربة بدون  استئذان.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي