وجه يسعد مبروك رئيس النقابة الوطنية للقضاة، في الجزائر انتقادات شديدة اللهجة لمسودة الدستور التي طرحتها رئاسة الجمهورية للنقاش والإثراء قبل المصادقة عليها من قبل نواب البرلمان وتمريرها عبر استفتاء شعبي.
وأوضح مبروك أن ديباجة المسودّة تبين حالة التردّد التي كانت عليها اللجنة المختصّة بين الذهاب إلى تغييرات جذرية أو الاكتفاء بعملي تجميل للدستور الحالي.
وقال:”كأني بها تريد معالجة المرض المزمن بمسكنات الألم مع الاحترام الواجب لمقام أعضائها، علمًا أن التحجج بعدم تجاوز رسالة التكليف لا يستقيم مع التصريحات المعلنة لرئيس الجمهورية الذي تعهد بتغيير جذري للدستور”.
وأضاف مبروك: “لم يظهر تمامًا على مستوى نصوص الدستور التي حافظت في الغالب على نفس الآليات والمؤسّسات السابقة مع تغييرات طفيفة لم تعالج العمق المؤسساتي للدولة”.
ويقول رئيس نقابة القضاة بأنه على الرغم من أن رئيس الجمهورية، تعهد أن يكون الدستور دستورًا للجزائر وليس دستور الرئيس، إلا أن الصلاحيات التي أبقتها اللجنة للرئيس توحي وكأنها تسعى لكسب وده بدلًا من التأسيس لدولة المؤسّسات .
واعتبر مبروك أن مبدأ الفصل بين السلطات، تم طرحه بأسلوب بيروقراطي في إطار الحفاظ على التوازنات القائمة مما حال دون تكريسه وفقا للمأمول، لاسيما من خلال إقحام الجهاز التنفيذي والتشريعي في الشأن القضائي، الذي يراد له أن يبقى تحت الرقابة والوصاية الأبوية.
وذكر القاضي مبروك، بخصوص الطريقة المعتمدّة في مناقشة المسودّة والمقترحات، أنها لا تسمح بنقاش مجتمعي حقيقي بل إنّ اللجنة باعتمادها طريق البريد العادي والإلكتروني لتلقي المقترحات، وكأنّها تتفادى المواجهة مع فئات المجتمع والاستماع للآراء المخالفة، وتسعى لقولبة صياغة نهائية لن تختلف كثيرًا عن المسودة الأصلية.
وكشف رئيس النقابة الوطنية للقضاة، أن وجود مقترحات تنطوي على بعض الإيجابيات فيما يخص الطريقة المعتمدّة في مناقشة المسودّة والمقترحات، لكنها لن تكون كافية ما لم يؤخذ بمقترحات أصحاب الشأن العاملين في الميدان، سعيا لقضاء مستقل يحمي مصالح المجتمع ويصون حقوق وحرّيات الأفراد.
وقال في هذا الشأن: “على المشرع الدستوري أن يعيد مطرقة القضاء لأيدي القضاة دون سواهم وعليهم استعمالها وفقا لقواعد القانون وإملاءات الضمير الإنساني دون سواهما”.
وختم رئيس النقابة الوطنية للقضاة الجزائريين أن الفرصة مواتية تماما لبناء جزائر جديدة وفق دستور جديد وتضييع الفرصة الحالية، على حد قوله سيكون “تجنيًا جديدًا على الجزائر التي يجب علينا جميعًا أن نتعامل معها كأم حقيقية، وليس كزوجة الأب كما يفعل البعض للأسف بعيدًا عن المزايدة والشعبوية المدمّرة”.
تعليقات الزوار ( 0 )